فتوى لله يامحسنين

فتوى لله يامحسنين
عبد اللطيف البوني

يقول العلماء ان هناك فرق بين الفتوى قبل الفعل وبعده بعبارة اخرى ان الحكم يختلف اذا كان في المطلق عنه اذا كان في المقيد اي في واقعة معينة بعيدا عن التجريد نضرب لذلك مثلا فالانتحار حرام ويخرج فاعله من الملة نهائيا ولكن اذا نظرنا لحال الشباب الفلسطيني الذي كان يفجر نفسه لكي ياخذ معه الي الاخرة عددا من الصهاينة الغاصبين هل نحكم عليه بانه كافر وخارج من الملة ام نصفه بانه شهيد ؟ كثير من العلماء وكل عامة الناس تقريبا وصفوه بانه شهيد . ثم جاء ازهاق البوعزيزي التونسي لنفسه بالنار والبوعزيزي لم يعين هدفا اراد تدميره ا انما احرق نفسه بعيدا اي شخص اي ان غضبته جعلته يستهدف نفسه فقط فهل نطبق عليه حكم الانتحار ونعتبره كافرا خارجا من الملة؟ ام ننظر لما ترتب عليه فعله من ثورات عمت كل العالم العربي؟ ثم ماذا سيكون الحكم لو ان البوعزيزي قتل او اشتبك مع الشرطية فادية حمدي والشرطي الذي حطم (طبليته ) ثم قتل نفسه ولم يترتب على فعله اي شي لاثورة ياسمين ولاميدان تحرير ولا(خضة ) حكام اخرين ؟ يبدو ان الحكم الديني كان سيكون في غير مصلحة البوعزيزي . هل هذا يمكن ان يقود الي القول يجب ان لا نحكم على الفعل الا بعد رؤية نتيجته ؟ الامر المؤكد ان البوعزيزي لم يدر بخلده ما ترتب على موته من احداث ولكن شاءت ارادة الله وبعلاقة السببية ان يكون البوعزيزي نواة لحدث هز اركان الدنيا لذلك يحق لنا كبشر ان نحكم على البوعزيزي على انه شهيد اتي فعلا عظيما اما رب العباد فهو مخير فيه يدخله الجنة يدخله النار فالامر امره
هذة الاشكالية توضح ان الدين عندما يختلط بالسياسة يحتاج الي عمق نظر والمؤكد انه في الشرق الاسلامي لايمكن فصل الدين عن السياسة . نقول عن السياسة وليس عن الدولة فالدولة اذا نظرنا اليها ككائن مجرد قائم بذاته لن نطبق عليها ما نطبقه على البشر فالدولة لن تدخل الجنة او تدخل النار فسكان الدولة هم الذين سوف يبعثون يوم القيامة ويحاسبون وهذا يذكرنا باللقطة المصورة التي يظهر فيها جون قرنق وهو يقول (يوم واحد شفتو دولة مشى جامع؟ . يوم واحد شفتو دولة مشى حج ؟) اذا كانت الامة هي مصدر السلطات وكانت هذة الامة امة اسلامية فمن المؤكد انها سوف تستصحب الدين الاسلامي في تشريعاتها اي تقوم بعملية تقنين للمبادي الدينية التي تاخذها معها لمستوى الدولة وتصبح دولة قانون وفي هذة الحالة يمكن ان يكون رئيسها غير مسلم وقاضيها حتى في الاحوال الشخصية غير مسلم . والاهم ان السلطات تكون محصورة في السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية المستقلة عنهما
كل هذا الحديث يقودنا الي دور الافراد (العلماء) ومؤسسات الفتوى في دولة المسلمين الحديثة ?لاحظ المسلمين وليس الاسلاميين? لمن توجه فتواهم ؟ هل للمجتمع مباشرة ام لراس الدولة؟ في تقديري انها يجب ان توجه للمشرع فقط فاذا تبناها المشرع اصبحت قانونا واذا لم يتبناها تصبح وكانها لم تكن. فمما يؤسف له ان مؤسسة الفتوى في دولة المسلمين اصبحت مثار جدل لانها تجاوزت دورها وظهرت بمظهر الذي يقود رسن الدولة والمجتمع الامر الذي عرضها لكثير من التشكيك فخذ مثلا فتوى بعض علماء المسلمين بان تصويت المسلمين الجنوبيين للانفصال حرام والان انفصل الجنوب وربما صوت كثير من المسلمين الجنوبيين كرها او طوعا للانفصال نتيجة قراءتهم لواقع سياسي يدركونه جيدا اكثر من غيرهم فماذا سيقول لهم هؤلاء العلماء ؟ هل يلجاون لفكرة ان الحكم بعد الفعل يختلف عنه قبل الفعل ؟ وهيئة فتوى سودانية حكمت بحرمة سفر البشير للدوحة ذات مرة ولكنه سافر فهل قالوا له انك ارتكبت حراما علما بان المردود السياسي لتلك السفرية كان كبيرا.

تعليق واحد

  1. لست من علماء الدين ولا ادعي اني مفتي .. لكن لي وجه نظر في مساءلة الدين والسياسة .. بما ان سكان الدولة مسلمون وحكامهم على نفس الدين فيجب الاتي .. على كل الشعب ان ينتهج نهج الاسلام في حياته ( كاملاً ) فبالتالي ضمنياً سيكون رؤوف باهله وجاره ويتصدق ويذكي ويؤدي عمله بكل امانة ونزاهة وان يراعي الله في كل خطوة يخطيها وان يصون الامانة وان يتقي السرقة والغش والنهب والقتل والتعدي على الحرمات وعلى المال العام وهذه كلها امور علمنا اياها الدين الاسلامي السمح … وعلى الحاكم والوزير والمسئول اي كان موضع مسئوليته ان يتق الله في عمله وفي بلده وان يجعل العدل والمساواة ديدنه وان يحفظ الامانة وان لا ياخذ ما ليسه بملكه وان يتجنب الحرام ببساطة ان يقوم بلك واجباته كما امر الحق عز وجل .. فالدين الاسلامي علمنا كل شئ حتى قضاء الحاجة ( تركت فيكم ما ان اتبعتموه لن تضلوا ابداً كتاب الله وسنة نبيه ( ص ) .. هكذا الحديث او معناه .. لسنا بحاجة الى قانون يفرض علينا كيف نصلي او نصوم او كيف نلبس او كيف نعبد الله لان هذه الامور يحساب بها الله عباده يوم الحشر ( الحساب فردي ) .. للحاكم ليس بحوجة ان يعلن انه يطبق شريعة الله طالما انه مسلم فواجب عليه ان يطبق شرع الله في نفسه … هل عدم الاعلان يعطي المبرر للحكم او العمل بما لا يرضي الله سبحانه وتعالى … اذا كل منا طبق شرع الله في نفسه لن نحتاج الى مثل البوعزيزي لان يضعنا في اشكالية فتوي كما طلبت عزيزي د. البوني .. هذا والله اعلم .. مع فائق تقديري …

  2. يا استاذ البوني من اكبر جرائم الانقاذ انها الغت اي حدود بين الدين والسياسه وفي ذلك ظلم للاثنين معا فخلقت بذلك ما يسمي بالهوس الديني ومحاولة كل من هب ودب بقراءة كل حدث سياسي بمنظور ديني (حلال وحرام) …………….. الله يزيل الغمه

  3. أخي البوني جزاك الله خيرا. ألفت انتباهكم بأن قاتل نفسه وهو المنتحر ليس بكافر مالم يستحل فعله هذا. فالمنتحر أمره الى الله ان شاء عذبه وان شاء غفر له لقوله تعالى ( ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء) ولا شك أن الانتحار وان كان كبيرة من الكبائر الا أن فاعله لا يكفر ولذلك يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين فاذا كان كافرا ماجاز لنا الصلاة عليه لأن الصلاة رحمة له. . فان مذهب التكفير لمرتكب الكبيرة مذهب خطير يتبناه الان من يعرفون بالتكفيريين الذين يكفرون صاحب الكبيرة ومن ثم يكفرون الحكام والمجتمع فهو مذهب مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة مذهب الأئمة المهديين: أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم. جزاكم الله خيرا مرة أخرى. والله أعلم أخوكم : سيد الرفاعي تلفزيون السودان.

  4. د/ البوني الموضوع من الحق ان تسأل عبد الحي يوسف هل الفتوي للحاكم ولاللمواطن السؤال كالاتي اعفاء لسيارة من الجمارك لموظف عام واخذها من باقي المواطنين حلال ولاحرام 0ارجو الرد اذا سمحت ظروفك0

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..