مقالات وآراء

لماذا يهاجم الشيوعي الامارات و السعودية ؟

خرج الأستاذ محمد مختار الخطيب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني عن كل خطوط الدبلوماسية السياسية ليلة الأمس في ندوة لحزبه بامدرمان حيث ذكر بالاسم دولتي الامارات و السعودية و اتهمهما علانية بانهما يسعيان لتقويض ثورة ديسمبر.

بغض النظر عن صحة الاتهام من عدمه ، فإن اللباقة السياسية و اللياقة و الذوق المعروف عالميا في كل متحدثي السياسة ان تتم الإشارة إلى الجهات التي يشك فيها بغير ذكر الاسماء و يترك لفطنة السامع الوصول إلى الدولة المعنية ، خاصة إذا كان في الأمر اتهامات تصل لدرجة ان تلك الدول تستهدف مع سبق الإصرار و الترصد الإطاحة بنظام وطني داخلي ، سواء كان ثوريا او غير ذلك . و لا يتم الإشارة بالاسم مباشرة الا في حالة وجود حرب مستعرة و أزمة حقيقية بين الدول .

و بالتالي فإن ما صدر عن السكرتير العام للحزب الشيوعي في ندوة الأمس تجاوز كل أسس الدبلوماسية السياسية ، خاصة و ان الرجل يقود حزبا عضوا في قوى اعلان الحرية و التغيير و هي القوى السياسية الرئيسية الحاكمة الآن في السودان بعد ثورة ديسمبر .

لذلك لم يكن مستغربا أن يتم الرد على تصريحات السكرتير العام للحزب الشيوعي من قبل الوزير الإماراتي قرقاش و غير مستبعد كذلك ان يرد عليها من جهات أخرى، و بالتأكيد لن تمر هذه التصريحات بلا ان تخلق أزمة سياسية بلادنا في غنى عنها و هي تتلمس طريقها لبناء دولتها الجديدة.

بالتأكيد لم يكن الخطيب يظن أن حديثه في ليل ام درمان الساكن عن السعودية و الامارات سيكون له وقع الانفجار الضخم في الخارج ، و انه سيتصدر كل الصحف ، و يدخل الحكومة الانتقالية عبر حزب عضو في الحرية و التغيير في أزمة سياسية مع بلدين مهمين في الساحة الإقليمية، و يبدو أن السكرتير العام للحزب الشيوعي انسته سنين المعارضة المتطاولة ضريبة ان يكون جزء من تحالف حاكم مما يفرض عليه ان يحسب كلماته و يوزنها قبل إطلاقها .

نعم للحزب الشيوعي تحفظاته على اتفاق و وثيقة الحكومة الانتقالية الدستورية و لكنه مازال احد الاعضاء النشطين جدا في تحالف الحرية و التغيير الحاكم، و آخر اجتماع مشترك لأقطاب الحكومة الثلاثة المجلس السيادي و مجلس الوزراء و قوى اعلان الحرية و التغيير كان ممثل الحزب الشيوعي موجودا ، و بالتالي فإن موقف الحزب الشيوعي موقف رمادي لا هو حكومة و لا هو معارضة ، و هذا مضر بالحزب الشيوعي و بعضويته و بالحكومة و بالمعارضة و بالجماهير كذلك . و هذا الموقف المتذبذب بكل تأكيد هو المصدر النفسي لكل التصريحات المتوترة و المنفلتة و غير المحسوبة التي تصدر هنا و هناك من قيادات الحزب الشيوعي .

ليس خافيا ان الهجوم ضد السعودية و الامارات ما قصد به الخطيب الا رفقاءه في الحرية و التغيير المخالفين له في الرأي و الذين يطلق عليهم الخطيب اسم قوى الهبوط الناعم ، و ليس خافيا ان هذه التصريحات كان قصدها فضحهم ، و لكن الطريقة و الاختيار و الأسلوب أفضى إلى نتيجة معاكسة تماما ، حيث أدخلت هذه التصريحات الحزب الشيوعي حاضرا و مستقبلا في معارك دولية ما كان يحتاجها ، و بالمقابل قدم خدمة ممتازة لقوى الهبوط الناعم بأن جعلهم الخيار الدولي الأول في المنطقة و الإقليم و اظهرهم امام الجماهير بسفراء الدبلوماسية ، عكس الخطاب التنفيري و المليء بالاتهامات للدول الذي صاغه الخطيب ، و هو خطاب طالما سمعته الجماهير من المخلوع البشير و الذي ما صعد منبرا الا و اتهم دول اجنبيه بالتآمر على السودان و السعي لتقويض النظام القائم.

في عالم اليوم تتأثر الدول و تؤثر فيما حولها ، و لا توجد دولة تعيش منفصلة في كهف عن بقية العالم ، بل التواصل و العلاقات شرط لازم من شروط الاندماج الاقتصادي و العمل العالمي المشترك في القضايا المصيرية ، لذلك مهم ان ينضبط خطابنا السياسي مع العالم ، و ان يحافظ على العلاقات مع الجميع في إطارها الودي ، و ان نعمل على إقامة علاقات متوازنة مع الجميع تمكننا من حجز مقعدنا في العالم و تحفظ لنا كينونتنا كبلد حر و مستقل بعيدا عن اتهامات الغير او السعي لتحويلهم من صف الأصدقاء إلى صف الأعداء.

يوسف السندي
[email protected]

‫6 تعليقات

  1. الحزب الشيوعي السوداني منذ تاسيسه عام ١٩٤٦ يقول ل”الأعور اعور في عينه” بكل صراحة وبدون لف ولا دوران، السعودية والامارات ومصر وامريكا وغيرها من الدول الاخري ليست دول بمعزل عن النقد في ذكر سلبياتها مع السودان، نعم والف نعم، السعودية ودول الخليج اخأت خطأ فادح لا يغتفر ضد الشعب السوداني عندما ساندت حكم البشير طوال ثلاثين عام، هذه الدول هي التي ابقت البشير حاكم طاغي مستبد علي السودان، هي نفس البلاد التي جعلت السودان بلد منكوب يعمه الخراب والانسقاقات.

    جاء في التعليق:
    (ليس خافيا ان الهجوم ضد السعودية و الامارات ما قصد به الخطيب الا رفقاءه في الحرية و التغيير المخالفين له في الرأي)!!، يبدو ان كاتب المقال قد نسي ان نقد وهجوم السودانيين علي السعودية والامارات كان موجود قبل ظهور قوي الحرية و التغيير بزمن طويل؟!!

  2. أولاً، كلام الخطيب ليس بجديد، وإنما يعكس موقف حزبه الثابت والمعلوم منذ أن تسّنم العسكر السلطة في البلاد، وهو موقف فيه ما فيه من الوطنية والشفافية وقول الحق، بتسمية الأشياء بأسمائها…أليس هم العسكر، مَن نفذوا ما أسميته بالهبوط الناعم ؟؟؟

    ثانياً، هل إستشار العسكر شخصاً ما، حينما رسموا السياسة الخارجية للبلاد ؟؟؟ وهل تظُن أن ما تقدمه هاتان الدولتان من مساعدات، هو من أجل سواد عيوننا، أم أن هنالك فائدة يجنوها منا ؟؟؟ ألا تعلم أن أطناناً من الذهب يتم شحنها إلي دبي مباشرة، وأن جنودنا يموتون نيابة عن السعوديين في اليمن ؟؟؟

    إن الحق يعلو دوماً، ولا يُعلي عليه أبداً، أبداً.

  3. يازول كلامهم صاح و واضح السعودية و الامارات تعملان لاجهاض الثورة السودانية؟

  4. الشيوعى واتباعه واتباع اتباعه ليس لهم مكان او صوت فى كل العالم ناهيك عن السودان ينطبق عليهم النقل الكلاب تنبح والجمل ماشى

  5. الشيوعي كلامهم صحيح و لا مجال للمجاملات و التذلل و طأطأة الرأس بعد الآن حكام السعودية و الامارات يعملون ضد الشعب السوداني فهم يريدونا اسرى لهم حيث نتذذل ونضطر للذهاب لبلدانهم من اجل لقمة العيش و يتم استغلالنا في اعمال اكثر من المتفق عليه دون اعطاء السوداني الاجنبي مرتبه بالكامل و يتم استخدامنا في حروبهم العبثيه بدعم الارهابي حميدتي المسيطر على البرهان و القوات المسلحه هذه مجرد امثله الخلاصه ينطبق فيهم المثل القائل : أُعلمه الرماية كل يومٍ فلما اشتدَ ساعِده رماني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..