التغيير الوزاري المحدود ..محاولة للفهم والتبرير

كلما ضاق الخناق علي الحكومة او هبت عليها العواصف من جهة الخصوم او الباحثين عن شراكة بلا تفويض الا وسلك العقل الحكومي منهج التبديل بالحزف والاضافة في الطاقم الحاكم في محاولة لامتصاص مظاهر الاحتقان وعدم الرضاء او انها اي الحكومة ربما تلجأ دائما لهذا الاسلوب لمعالجات او تسويات مطلوبة بعيدة عن عيون الميديا حتي لا ينكشف الحال بفساد او عجز او فشل وفي معظم حالات التعديل او التغيير الوزاري فان عملية التسويات القبلية او الحزبية تظل هي الحاضر الاول و بقوة في كل عمليات الجرح والتعديل دون الاعتبار لاي اشتراطات او معايير للكفاءة والقدرة تلك هي الحالة التي شجعت و عززت اتهام الاخرين للسودان بانه دولة فاشلة ومتراجعة في مكافحة مظاهر الفساد والفشل .
لكن يبدو ان لقيادة الحكومة مبرراتها ومنطلقاتها التي تدعوها دوما لاجراء عملية الجرح والتعديل هذه في التشكيلة الحاكمة وليس بالضرورة ان تكون هذه المبررات معلنة لدي الخاصة او حتي لدي جماعة الحسب السياسي والتنظيمي في الحكومة والحزب . ولكن بالطبع للقصر فهمه ومزاجه وارادته في التغيير وتظل هذه المبررات محصنة داخل دائرتها مهما انطلقت الاشاعات والتسريبات والتقارير حول اسباب اقالة فلان او ابعاد علان فبالامس القريب تحدثت تقارير خاصة عن تبريرات حول حقيقة وابعاد التعديل الوزاري الاخير “المحدود” الذي طال احدي اهم الوزارات السيادية وهي وزارة الداخلية التي ذهب وزيرها عبد الواحد يوسف الي وزارة الطرق والجسور وهي وزارة وليدة ومستنسخة من وزارة النقل في عملية مباغتة وطال التعديل ايضا وزارة المعادن في وزيرها الثاني خاصة انها وزارة حازت علي رعاية واهتمام الحكومة في السنوات الاخيرة وهي علي ما يبدو كانت اخر كروت الحكومة لمجابهة حالة الفقر والعجز في الميزان الاقتصادي للدولة وبالتالي كانت هذه الوزارة احدي المحطات الهامة للاقتصاد السوداني في سبيل بحثه عن مخارجات لازمات اقتصادية متشعبة يعانيها الاقتصاد السوداني بشكل حاد خصوصا في المرحلة التي اعقبت خروج بترول الجنوب من الموازنة العامة ولهذا تكمن اهمية هذه الوزارة وتكمن كذلك اهمية اي تعديلات في قيادتها .
البعض حاول توصيف هذا التعديل بانه حالة استثنائية تتكي علي فرضية ان هناك ظروف واسباب غير متاحة حتي يطلع عليها الاخرين وبالتالي هي غير قابلة للترويج ولهذا لم يكن لهذا التعديل ان يحدث لو لم تكن هناك قناعة وقوة دافعة تجبر القصر الرئاسي للتعجيل بهذه الخطوة خصوصا انه لم تكن هناك اي جهة او جماعة لا قبلية ولا حزبية تتبني ثورة مطلبية لاي تعديلات وزارية جديدة قبل ان يكتمل الحوار المتعثر الان بين الحكومة والمعارضة او ان ترتضي الاطراف السودانية جميعها الي اتفاقات او صيغ تفاهمية ولكن التعديل وعلي “محدوديته” جاء هكذا بلا ترقب الامر الذي جعله مبعثا للتاويلات والتفسيرات والاشاعات الضارة فمثلا ان بعض التسريبات بشان ابعاد عبد الواحد من منصبه كوزير للداخلية اشارت الي انه من المرجح ان الوزير كشف عن قائمة طويلة باسماء الفاسدين من وزارته في وحدات حيوية مدرة للمال ومدعمة بالوثائق والشواهد الا ان الحكومة استدعت فقه السترة وتعاملت عبره مع هذه القضية وكانت النتيجة ان الوزير عبد الواحد لم يحتمله هذه الفقه فوجد نفسه في وزارة الطرق والجسور وهي ذات الوزارة التي انشات خصيصا لادارة شان طريق الانقاذ الغربي ابان حقبة التسعينيات ولكن الوزارة تلاشت حينما تلاشي الطريق وقتها واصبحت كل تفاصيله داخل الجب بامر من الدكتور علي الحاج حينما اطلق عبارته الشهيرة “خلوها مستورة” ..وذات الوزارة تعود الان بعد ان اوشك طريق الانقاذ الغربي علي نهاياته ولكن ربما هذه العودة للوزارة بمزاج اخر او بفكرة اخري او بمشروع اخر ولكن المهم في فكرة عودة هذه الوزارة مجددا هي ان وزارة النقل التي يتقلدها الوزير احمد بابكر نهار عن حزب الامة الفيدرالي باتت بلا قيمة لان قوة هذه الوزارة في طرقها وجسورها فغضب نهار وهدد بفض الشراكة بين حزبه والحكومة لاعتقاده بانه وزيرا للنقل ومسوؤل عن الطرق والجسور وكان ينبغي استشارته في شان نزع جزء من وزارته ووضعه تحت قيادة اخري غير قيادته ..ولان نهار يري في غرارة نفسه انه ابلي بلاءا حسنا في شان مشروع طريق الانقاذ الغربي وبذل فيه من الجهد والمثابرة ما يستوجب التكريم والوفاء له لا ان تمارس عليه الحكومة فضيلة التهميش ربما كان احمد نهار ينتظر مجدا سياسيا عبر انفاذه لهذا الطريق المثير للجدل فهو اذن مشروع يمكن ان يكون ذا قيمة سياسية وتاريخة لكل من يرتبط به يبدو ان الدكتور نهار يخشي ان تسرق منه هذه القيمة قبل ان يكمل مشواره لهذا الانجاز ..
ربما تشهد الايام المقبلة مرحلة خروج الهواء الساخن والمواقف المتصادمة بين الامة الفيدرالي والمؤتمر الوطني بشان هذه القضية ..ومن الاوفق للحكومة ان تبقي علي نهار حتي يكمل مشروعه الي اخر حلقاته حتي لا يصبح هذا المشروع الحلم الكبير لاهل دارفور متنازعا بين فكرة ضائعة وارادة متنازعة فالمشروعات الكبري دائما ما تنتهك وتسرق في مراحل الانتقال والتنقل بين قيادة واخري .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..