تاريخ متجذر: سوق الويكة سنار.. المشقوقة تزاحم الدهباية

سنار ? محمد عبد الباقي

لا أحد يستطيع أن يحدد على وجه الدقة متى ظهر سوق الويكة بمدينة سنار إلى العلن، إذ لا يزال الناس مختلفين في تاريخ إنشائه بذات قدر اختلافهم على اسمه الحقيقي (الأصلي). فالبعض يطلق عليه إلى الآن (سوق النسوان) وآخرون يسمونه بسوق (التوابل)، لكن كلهم متفقون على أنه رائد أسواق الويكة في السودان وأقدمها على الإطلاق، حتى أن سمعته تخطت حدود السودان.

تاريخ متجذر:

كغيره من أسواق المدينة، حطّ بعصا ترحاله في أكثر من مكان وطاف على مناطق متعددة حتى استقر أخيراً بموقعه الحالي، لذا يقال إن سوق الويكة بسنار هو أحد الأسواق التي ظلت تكابد من أجل البقاء في (حتة واحدة) منذ أكثر من نصف قرن تنقل خلاله من بقعة إلى أُخرى حتى أقام في مكانه الحالي على شاطئ النيل الأزرق، ومن ثم أخذت سمعته تتمدد إلى الخارج حتى دول الخليج والكثير من الدول الأفريقية، بحسب تاجر الويكة إسحاق مبارك، أحد القلائل الذين عاصروا البدايات الأولى للسوق. وأوضح (إسحاق) أن موقع السوق الأول كان بالقرب من السكة حديد، وكان عبارة عن (كرانك) من القش، ثم رُحِّل إلى مكانه الحالي، وشيّد في بادئ الأمر بالزنك قبل أن يقوم على المواد الثابتة ويمتلكه عدد من التجار.

المقطوعة أقلها والمفرولة أغلاها:

تنقسم الويكة إلى عدة أنواع منها ما يستخدم محلياً، ومنها ما يُصدر إلى الولايات والخارج، ومن أجود أنواعها المفرولة ويبلغ سعر الكيلة منها (150) جنيهاً، ثم الدهباية أو الكِرب بـ(120) جنيهاً، تليهما المشقوقة التي يتراوح سعر كيلتها بين (50 – 55) جنيهاً، أخيراً المقطوعة وتباع الكيلة منها بـ(45) جنيهاً.

أم خرائط وكرش الفيل:

وفي السياق، يقول التاجر أحمد الأمين إن أشهر المناطق التي ترد منها الويكة إلى السوق هي أم خرائط، كرش الفيل، السرف الأحمر، وبربر، والجزولي بولاية القضارف والدالي والمزموم وأبوحجار والدندر، وأضاف: (هناك نوع من الويكة يسمى (البلدية) تأتي من الخرطوم، والقليل منها يأتي من الجزيرة)، وبحسب التاج جبر أحمد، يعد سوق الويكة بسنار أكبر الأسواق الناشطة في هذا النوع من التجارة في السودان قاطبة بعد سوق القضارف، إذ تتحصل معظم ولايات السودان على امتدادها من (الويكة) منه بصورة مباشرة، وأضاف: “يفضل مواطنو الجزيرة الويكة المقطوعة أما المشقوقة والصماء فتذهب إلى كوستي، وناس الخرطوم يفضلون المفرولة والدقاقة”. واستطرد جبر أحمد أن الطلب على الويكة ازداد لأن اللحوم أصبحت تتسبب في الكثير من الأمراض، لهذا صار الناس في العاصمة وبقية المدن يلجأون إليها لأنها لا تلحق أي ضرر بالإنسان.

مواسم مهام أخرى:

إلى هنا، كشف المزارع (علي الإمام) عن أن موسم جمع الويكة يبدأ في شهر سبتمبر ويمتد حتى شهر نوفمبر, ومن ثم يشرع التجار في تخزينها في شهري ديسمبر ويناير من كل عام، وبمجرد أن يحل شهر يونيو ترتفع أسعارها حتى تبلغ ذروتها في شهري يوليو وأغسطس. وأضاف الإمام أن شهر رمضان يعد مهرجاناً للويكة، إذ ترتفع نسبة الإقبال عليها إلى أقصى حد ممكن، ويكة سوق سنار لا تستهلك داخلياً فحسب، بل تعبر البحار إلى مستهلكيها وعشاقها من المهاجرين والمغتربين ما جعل التجار ينشطون في تصديرها إلى السعودية خاصة في موسم العمرة والحج، ويزعم بعض التجار أن ما يتم تصديره من الويكة السنارية يبلغ عشرات القناطير في موسمي الحج والعمرة، وأن عدداً من المواطنين المقيمين في الخارج يأخذون منها كميات عندما يأتون لزيارة أهلهم في السودان. وأضاف ساخراً “نتمنى أن يفتح مكتب هنا لتصدير الويكة إلى أوربا والخليج، ولا يقتصر هذا السوق على تجار في الويكة فحسب، بل تباع فيه بجانبها عشرات الأنواع من المنتجات المحلية مثل القنقليز، اللوبيا، النبق، الشطة، الفول السوداني، التسالي، الكركدي، واللالوب

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..