نريد وطناً لا نلعن أبوه

تآزر الأزمات وتكاثرها يولد أفكاراً مختلفة وسخونة طقس الواقع تخرج الطاقات الكامنة وتطردها من جحورها.. كل الطاقات السلبية والإيجابية، فتجد هناك من يضاعف جهده تحت وطأة الضغوط ويزداد فيه الحماس لتغيير حياته إلى الأفضل وآخر قد يستسلم أمام صدمات الواقع فيفكر في التخلص من الحياة أو العيش على هوامشها..

السياسيون بعضهم يستمتع بأوجاع المواطنين وآلامهم التي تشعره بقرب تحقق أمانيه المنتظرة، والقليل منهم يمتلك مهارة النظر بنبل وطني فيتجاوز التفكير في استثمار الأزمة إلى المساهمة في حلها ومعالجتها..

صدقوني إن ما يفقده الوطن الآن من لحم سمعته الاقتصادية والسياسية، لا يجب أن يُفْرِحْ أحداً من أهل السودان حتى أولئك الذين يحلمون بالوصول إلى السلطة.. لأن تلك التي نذرفها ليست دموعاً بل دماء.. والذي نفقده الآن ليس رصيداً من هاتف السلطة بل من هاتف الوطن..

خلف الكيبورد يجلس يومياً عشرات الآلاف من المحبَطين والمحبِطِين كلٌ يمارس تلك العادة السرية عادة لعن الوطن وتخريب سمعته بطاقةٍ سلبيةٍ هائلة ونشطة ومصابة بجنون الشتم واللعن المستمر.. يفرغون ماء نسلهم وأصلهم على طرقات العالم التي لم يعد فيها من يتوقف هنيهة أو يبدد وقته ليجود لنا بنصيحة ذهبية تذكرنا بوطنٍ نبدده في الطرقات وننثر رماده في الهواء..

لا تكاد الآن تجد أحداً تسأله عن حاله فتخلو إجابته من لعن السودان وسبه.. تسمع يومياً في الخرطوم أو تقرأ على وسائط الثكل الإلكتروني عبارة (البلد دي انتهت)، أو ما معناه.. حوالي ألف مرة إن لم أقل آلاف المرات.. في حين أننا لا نزال نأكل تفاح سوريا وعنبها الذي يخرج من بين الموت والقذائف.. ولا نسأل أنفسنا كيف لوطن مدمر ومحترق مثل سوريا بحالها وحال أهلها وواقعهم المرير أن يصدروا الخضروات والفواكه إلى دول الخليج حتى صباح هذا اليوم بينما نصلي بألسنتنا على السودان ألف مرة صلاة الغائب.

نريد وطناً لا يلعنه أبناؤه كل هذا اللعن ولا يعنفونه كل هذا التعنيف..

حسين خوجلي كتب أمس مقالاً على طريقة الوخز الحميم شكر فيه كل المخطئين والجناة في بلادنا على ما استبقوه صحيحاً بعد أخطائهم المنقوصة ونقول لأستاذنا حسين شكراً لك أنت أيضاً على لعنك الموارب فوطننا يستحق منا أن نستحي قليلا ً في حضرته..

لنبدأ بما تركه المخطئون صحيحاً وما تركه الجناة سالماً وما تركته العاصفة واقفاً منتصباً ونبني عليه.. فليس أمامنا خيار في الحياة بلا وطن.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..