أخبار مختارة

حمدوك يواصل مساعي توسيع اتفاق السلام… والحلو: العلمانية المخرج الوحيد لوقف العنف

تتواصل مساعي ضم حركتين مسلحتين إلى اتفاق السلام الذي جرى التوقيع عليه قبل أيام، وسط مطالبات بمحاسبة المسؤولين على الانتهاكات خلال سنوات الحرب.

والتقى رئیس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أمس الأربعاء، رئیس الحركة الشعبیة ( شمال) عبد العزیز الحلو، في العاصمة الإثیوبیة أدیس أبابا.

وانخرط حمدوك الذي وصل أدیس أبابا في زیارة غیر معلنة على الفور في مباحثات مغلقة مع الحلو حول انضمام حركته لعملیة السلام.

والإثنين وقعت حكومة الخرطوم، وقادة الجبهة الثورية (حركات مسلحة) في العاصمة جوبا، على اتفاق السلام بالأحرف الأولى، تضمن 8 بروتوكولات، أبرزها تقاسم السلطة، والثروة، والعدالة الانتقالية.
ورفضت الانضمام إلى الاتفاق حركتان، هما جيش تحرير السودان – فصيل عبد الواحد نور، والحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو. وكلتاهما تؤيد إقامة دولة علمانية وفدرالية.

تهرب والتفاف

واعتبر الحلو أن «منهج مسارات التفاوض الذي انتهت اليه مفاوضات الحكومة السودانية والجبهة الثورية تهرب والتفاف على مناقشة جذور الأزمة وأسباب الحرب الأهلية».
وقال في مقابلة نشرها الموقع الإلكتروني للحركة الشعبية، إن «هدف الحكومة الانتقالية من اتباع نهج المسارات هو الالتفاف والتهرب من مناقشة ومعالجة جذور الأزمة وأسباب الحرب الأهلية».
وأضاف «هو تكتيك قديم استخدمه نظام المخلوع البشير لثلاثين عاما، للتهرب من دفع استحقاقات السلام، وشراء الوقت لزوم البقاء في السلطة باسم الدفاع عن الوطن حتى قسم البلاد، وفصل الجنوب ليسقط هو بعد ذلك».
ونوَّه إلى أن «النتيجة معلومة للجميع، وأن الحلول الجزئية، لن تُفضي إلا لمزيد من تفاقم الأزمة، واستمرار عوامل انهيار وتفكك الدولة السودانية».

وأكد على «ضرورة البدء بتحقيق السلام العادل كأولوية قصوى لتحويل ميزانية الحرب والتي بلغت 70٪ من الميزانية العامة ـ في عهد المخلوع -إلى ميزانية للتنمية والخدمات، على أن تتبعها بقية الإصلاحات من كتابة دستور يضمن تحييد الدولة، واستقلال القضاء، والخدمة المدنية، والعدالة الانتقالية، والمحاسبة، وإعادة هيكلة الاقتصاد بهدف زيادة الإنتاج والإنتاجية».
ولفت إلى «قوى مستفيدة من الوضعية القائمة الظالمة والمهترئة، وترى أن الإصلاح والتغيير يضران بمصالحها الموروثة، وامتيازاتها التاريخية، وتبذل قصارى جهدها للمحافظة على الأوضاع المُختلَّة بالقوة، غير عابئة بالمآلات، وكان حتما على تلك القوى مقاومة المد الإصلاحي، والسعي لتعويقه كما يفعلون الآن، وكما فعلوا من قبل».
وجزم بأن «السودان لا يمكن أن يستقر ويظل موحدا من دون حسم قضية علاقة الدين بالدولة، وأن العلمانية في نظر الحركة هي الترياق الأمثل، والمخرج الوحيد للبلاد من دوامة العنف والاقتتال، والحروب المدمرة وعدم الاستقرار السياسي».
وأوضح أن «العقبات التي تواجه عملية تحقيق السلام تتمثل في غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الحكومي للتوصل لحل سلمي للصراع، لأن القضايا المطروحة على طاولة التفاوض واضحة وبسيطة وجوهرية وعادلة».

رفض تقسيم الأزمة

ورفض «تقسيم الأزمة السودانية الى قضية دارفور أو جبال النوبة، أو الفونج، باعتبار أن المشكلة في الأساس هي مشكلة السودان، وأن الأسئلة تتمثل في كيف يحكم السودان، وعلاقة الدين بالدولة، وسؤال الهوية، وكيفية إدارة التنوع، والتنمية غير المتوازنة، واللامركزية، وأن كل هذه المشاكل تعالج بإعادة هيكلة الدولة السودانية على أسس جديدة لتسع جميع السودانيين».

ودعا لـ«محاكمة مرتكبي الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وتعويض ضحايا النزاع، وإزالة كافة المظالم التاريخية الواقعة على الأفراد والمجموعات والأقاليم المهمشة، وتطبيق العدالة الانتقالية والمحاسبة التاريخية لمرتكبي الانتهاكات المادية والمعنوية في حق الشعوب السُّودانية بما في ذلك جرائم الرق والاسترقاق».
الدعوة لمحاسبة منفذي الانتهاكات سبق أن صدرت عن منظمة العفو الدولية عقب توقيع اتفاق السلام، فقد قال ديبروز موتشينا المدير الإقليمي لبرنامج شرق وجنوب أفريقيا في منظمة العفو إن «اتفاق السلام يعطي بصيص أمل لملايين السودانيين في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق الذين انتهكت حكومة الرئيس السابق عمر البشير حقوقهم الإنسانية بصورة ممنهجة وعانوا من أعمال عنف مروعة على أيدي جميع أطراف النزاع».

العفو الدولية تدعو لمعالجة الغياب التاريخي للمساءلة والعدالة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان

وزاد : «ينبغي على جميع الأطراف ضمان أن يضع اتفاق السلام حداً لقرابة عقدين من المعاناة التي تعرّض لها المدنيون. ويجب أن يتمكن الناس من العودة إلى ديارهم، وأن يباشروا إعادة بناء حياتهم بكرامة».
واعتبر أنه «يجب على أطراف اتفاق السلام بذل كافة الجهود لإرساء سلام مستدام يحقق العدالة والاستقرار في البلاد».
وتابع: «ينبغي على الحكومة السودانية أيضاً أن تبذل جهودها لضم وإشراك جماعات أخرى ذات مصلحة ـ ومن ضمنها الأشخاص النازحون داخلياً والمجتمع المدني ـ حتى يتسنى لهم هم أيضاً أن يقدموا حلولاً للتحديات المتعددة التي تواجهها البلاد».
وواصل : «تأتي على رأس قائمة الأولويات معالجة الغياب التاريخي للمساءلة والعدالة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت خلال النزاعات المميتة الدائرة منذ الاستقلال، وآخرها في عهد عمر البشير الذي أجج حالة الإفلات من العقاب المتفشية في البلاد».
واختتم قائلاً: «الآن وقد انضمت معظم الأطراف المتنازعة إلى الاتفاق ينبغي على الحكومة السودانية أن تضمن إجراء تحقيقات شاملة، وفعالة، ونزيهة في مزاعم الانتهاكات الخطيرة لكل من القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ارتكبها أفراد القوات المسلحة للبلاد والميليشيات المتحالفة معها، فضلاً عن تلك التي ارتكبتها جماعات المعارضة المسلحة».
وأُعلن أمس أنّ قادة الحكومة وعدة حركات متمردة اجتمعوا لبدء تنفيذ اتفاق السلام.
وقالت وكالة الأنباء السودانية (سونا) إن قادة المتمردين من الجبهة الثورية السودانية والحكومة الانتقالية اجتمعوا وجها لوجه غداة إبرام الاتفاق في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.
ونقلت الوكالة عن الهادي ادريس رئيس ائتلاف المتمردين التابعين للجبهة الثورية السودانية قوله «كان هذا أول اجتماع مشترك بعد توقيع الاتفاق».
وقال «ناقشنا في هذا الاجتماع ما سيحدث في المستقبل»، مضيفًا «لا تزال هناك قضايا تتعلق بالجدول الزمني لتنفيذ الاتفاق».

وتعد الجبهة الثورية، التي تأسست في عام 2011، تحالفًا من خمس جماعات متمردة مسلحة وأربع حركات سياسية من منطقة غرب دارفور الشاسعة، وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
كذلك قال ميني ميناوي الذي يقود فصيلاً في حركة تحرير السودان ومقرها دارفور «كما قمنا بنفرة لاسقاط النظام السابق، أيضا نحتاج لنفرة للاقتصاد وكذلك القضايا الإنسانية بدءا من اللاجئين والنازحين».
وأكّد أن «هذه هي الأولويات التي يجب ان يتركز عليها السلام».
ويتضمن اتفاق السلام الموقع الإثنين بالأحرف الأولى ثمانية بروتوكولات تشكل اتفاقية السلام وتشمل مسائل الأمن وملكية الأراضي والعدالة الانتقالية والتعويضات وجبر الضرر وتنمية قطاع الرحل والرعاة وتقاسم الثروة وتقاسم السلطة وعودة اللاجئين والنازحين.

وينص الاتفاق على تفكيك الحركات المسلحة في نهاية المطاف وانضمام مقاتليها إلى الجيش النظامي، الذي سيعاد تنظيمه ليكون ممثلاً لجميع مكونات الشعب السوداني. ولم يعلن بعد عن موعد التوقيع الرسمي للاتفاق.
وجعلت الحكومة الانتقالية في السودان، التي تولت السلطة بعد الإطاحة بالديكتاتور عمر البشير في نيسان/أبريل 2019، من تحقيق السلام مع الجماعات المتمردة أولوية.

والبشير مطلوب أيضا من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ابادة جماعية وتطهير عرقيّ وجرائم ضد الانسانية أثناء النزاع في إقليم دارفور غرب البلاد، الذي أسفر عن 300 ألف قتيل وملايين النازحين.
ويحاكم الرئيس السابق، المسجون في الخرطوم، لإدانته بتهمتي الفساد وتدبير انقلاب في عام 1989 حين استولى على السلطة.
وينتمي متمردو السودان إلى حد كبير إلى الأقليات غير العربية التي طالما انتقدت الهيمنة العربية على الحكومة في الخرطوم في عهد البشير.
والثلاثاء، قال رئيس مجلس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إن اتفاق السلام «يؤسس لقيام الدولة السودانية الجديدة ويعالج كل ظلامات الماضي».
وقد فشلت عدة اتفاقات سلام سابقة، لا سيما في عامي 2006 و2010.
القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..