الطيب مصطفى :أعجب أن تقوم الحكومة بنقض غزلها وبتخريب قرارها السابق.. الظلم ظلمات يا وزير المالية

لم أُدهش من حدة الرسائل الاحتجاجية التي تلقيتها من بعض المزارعين، بقدر ما دُهشت للجرأة التي اتسم سلوك بعض المسؤولين وهم يهوون بقراراتهم على رؤوس مواطنيهم ظلماً وعلواً، بدون أن تهتز لهم شعرة او يخفق لهم قلب، خوفاً من رب قال في كتابه الكريم في أكثر من آية : «والله لا يحب الظالمين»!
فقد أصدر وزير المالية قراراً يلزم به المزارعين ببيع كل محاصيلهم من القمح للبنك الزراعي وكذلك منع المطاحن وغيرها من شراء القمح!
ظلم فادح شبيه، بل أشنع من ذلك الذي مارسته الحكومة على المواطنين حين حرمتهم من سحب أموالهم المودعة في البنوك، فارتد ذلك عليها سخطاً وغضباً واحتجاجاً من الشعب لم تشهد البلاد له مثيلاً في تاريخها الطويل!
نعم.. فقد كان القرار الأخير حول القمح أكثر ظلماً من قرار حرمان الناس من أموالهم لأن الحكومة عند اندلاع أزمة السيولة، كانت مضطرة. أما الآن وهي تمنع الناس من التصرف في محاصيلهم، فلا اضطرار لها ولا حاجة سيما وأنها كان من الممكن أن تشتري من التجار مباشرة او تعمد الى منافسة التجار تاركة للمزارعين حرية اتخاذ القرار.
> من بين الغاضبين من ذلك القرار الظالم، كتب لي السجاد مسلمي محتجاً فقال إن الحكومة كانت قد استولت قبل سنوات على محصول القمح مما كان له أثر سيء في نفوسهم اضطرهم الى مقاطعة القمح سنين عدداً فهل تريد الحكومة تكرار (جليطتها) السابقة بغض النظر عن التداعيات الكارثية الناجمة عن ذلك؟!
> أعجب أن تقوم الحكومة بنقض غزلها وبتخريب قرارها السابق الذي أفرح المزارعين حين رفعت السعر التركيزي لجوال القمح الى (1800) جنيه مما كان له أثر طيب في نفوس المزارعين حفزهم لزيادة المساحات المزروعة بصورة غير مسبوقة.
العجب العجاب أن جزءاً كبيراً من تلك المساحات المزروعة لم تمول من البنك الزراعي، ولكن رغم ذلك تصر الحكومة على حشر أنفها في إجبار المزارعين على بيع المحصول للبنك الزراعي!
لو كانت الحكومة قد اتفقت مع المزارعين ووقعت معهم عقوداً، لحق لها أن تفعل ما فعلت. أما أن تتخذ ذلك القرار بدون أن تفكر في عواقبه الكارثية، فإنه لأمر محير بحق ولا أجد مبرراً له البتة غير منطق حكم القوي على الضعيف ولكن إن كانت تحسب نفسها قوية على المزارع الغلبان، هل تراها نسيت أن هناك رباً أقوى ينصف المظلوم ولو بعد حين؟
أقول للسيد أيلا القادم لموقعه الجديد كرئيس للوزراء من ولاية الجزيرة، أنصف مواطنيك وصحح ذلك الخطأ حتى لا يرتد عليكم بالخسران.
المفاصلة بين الرئيس والوطني
معظم من تطرقوا لأمر المفاصلة بين السيد رئيس الجمهورية والمؤتمر الوطني، تحدثوا عن الآثار السالبة للقرار على الحزب الذي (كان حاكماً) ولكن لا أظن أن أحداً كتب عن إيجابيات القرار على الوطني والتي ربما أراها أكبر بكثير من السلبيات.
معظم الخائضين في الأمر من موقع البغض يصدرون عن شماتة ظناً منهم أن القرار قطع ضرع الدولة الذي كان يغذي الوطني، وفي ظني أن الوطني كان ولا يزال يعتمد بدرجة كبيرة على استثماراته الخاصة وهي ضخمة ضخامة ثلاثة عقود من الزمان، كانت فيه تلك الاستثمارات تتزايد سيما وأنه يمتلك حصصاً في شركات كبرى يتعين على الوطني أن يرتب أمرها قبل حقبة المنافسة الديمقراطية التي ستحمل الكثير من التحديات والمطبات!
الوطني سيفيد كثيراً من المفاصلة، بل أن الفائدة الأعظم ستمتد الى الحركة الإسلامية التي دفعت ثمناً باهظاً جراء ارتباط المؤتمر الوطني بالحكومة حيث حملت كل أوزار السلطة من أعداء تقليديين خاصة من القوى اليسارية والعلمانية ممن لا يعتبرون ولا يرغبون في أن يعتبروا الوطني خصماً لهم، بل ظلوا يتجاهلون، لاسباب معلومة، حقيقة أنه هو الحزب الحاكم وليس الحركة الإسلامية التي اعتبرت الوطني ذراعاً سياسياً حاكماً بالرغم من عدم صحة ذلك الزعم في واقع الأمر ، فلو كانت الحركة حاكمة لكانت سطوتها أقوى مثلما هو الحال في إيران التي يحتل فيها المرشد – الخميني ثم خامنئي من بعده – مكاناً علياً، ثم أن الحركة تحاسب كل أذرعها التنظيمية الأخرى وتخضع نشاطها وموازناتها وأجهزتها للمراجعة وتضمن خططها الصغرى في خطتها العامة وفي تقاريرها لأجهزتها التنظيمية من مجلس شورى ومؤتمر عام وغير ذلك. فهل تفعل ذلك مع الوطني وقد (طلع روحها)؟!
خروج الوطني والحركة الإسلامية من السلطة ينبغي او يفترض أن يوقف سيل الهجوم الكاسح من المعارضة عن كل ما تتخذه السلطة من قرارات وتقترفه من أخطاء لاحقة حتى وإن رفض الأعداء الإقرار بأنها ليست مسؤولة.
صحيح أن مفاصلة الوطني والسلطة، ينبغي أن تتلوها مفاصلة أخرى بين الحركة الإسلامية والوطني إذ (كفاية) تشويهاً أصابها ومنسوبيها جراء ما اقترفته السلطة من خطايا كارثية ألحقت ضرراً بالغاً بالحركة.
هذه قضية مهمة تحتاج الى استفاضة.. أما الجوانب الأخرى حول الفوائد التي سيجنيها الوطني جراء ابتعاده عن السلطة فتحتاج الى مقال او مقالات.
الانتباهة
جبناء
أغلب المزارعين قاموا بالتمويل الذاتي لزراعة القمح بتكلفة عالية جدا فتكلفة زراعة أربعة أفدنة تجاوزت الأربعين ألف من الجنيهات فضلا عن أن هناك تعطيش للمحصول اضطر المزارع لري محصوله بالطلمبات مع ندرة/ انعدام الجازولين فبأي حق (تقلع) السلطة جهد المزارعين وبأسعار مجحغة ؟! إنه لظلم سافر ينزل
سخط القوي الجبار في الدنيا بتعثر الدولة وفشلها ويوم القيامة الويل والخزي للظالمين ( وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما) .
الملاحظ لسياسات الدولة أنها تحارب الإنتاج في جميع أوجهه زراعي وصناعي بكثرة القرارات والجبايات وذلك لإفساح المجال لشركاتها بالاستيراد والتربح
وإدخال مواد دون المواصفات والقياسات العالمية .