مقالات وآراء

الحكومة الموازية.. تفكيك البلاد والقوى المدنية

 

وائل محجوب محمد صالح

قال القيادي عن كيانات شرق السودان بالجبهة الثورية وتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” أسامة سعيد إنهم “بصدد إعلان تشكيل الحكومة التي سيشارك بها الدعم السريع من داخل الخرطوم في فبراير المقبل”، وهذا القول يعزز ما ذهب إليه من قبل محمد حسن التعايشي أن تصوراتهم مكتملة لهذه الحكومة، والسؤال الذي يطرح نفسه ويوجه للأحزاب السياسية والقوى المدنية بهذه التنسيقية، والتي أعلنت من قبل موقفها الرافض لهذه الحكومة، ما الذي تنتظره بالابقاء على هذه المجموعة ضمن تنسيقيتها، بعدما وضح ان قوى الجبهة الثورية والشخصيات الداعمة لهذه الفكرة، مضت في مشروعها دون اكتراث للجنة التي سبق إعلانها لدراسة مقترح الحكومة، ودون أن تقيم وزنا لمواقفها الرافضة لها..؟! • إن التساهل الذي تم التعامل به مع هذا التوجه الخطير والمهدد لوحدة البلاد أرضا وشعبا، يكشف عن ضعف سياسي مريع، وتهاون تجاه القضايا المصيرية والكبرى، وهو مسلك سياسي بالغ الكلفة ليس للبلاد فحسب، انما لبنية كافة القوى السياسية والمدنية، حيث سيقود بغير شك التباطؤ في اتخاذ موقف واضح لانقسامات في صفوف هذه القوى قبل غيرها، وسيضر بها ضررا فادحا. • لقد وجهت اتهامات منذ بدء الحرب لقوى “تقدم” بموالاة الدعم السريع في الحرب، وأنها بمثابة الجناح السياسي له، وساعد تلجلج هذه القوى في الأشهر الأولى للحرب، في إتخاذ موقف واضح من الإنتهاكات المروعة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي قامت بها قوات الدعم السريع بحق ملايين المدنيين في مختلف أماكن سيطرتها، بالاضافة لمذكرة التفاهم التي وقعت في أديس أبابا مع قائد الدعم السريع، والتي تضمنت إقرارا بتشكيل إدارات مدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة قواته، ساعد كل ذلك في محاصرتها اعلاميا، وتسجيل إدانات بحقها اجتماعيا بشكل واسع النطاق، ولم تفلح تصريحات قادتها المؤكدة بتمسكهم بالسلام ورفض الحرب، في دحض الحملات الموجهة ضدهم. • والآن تجيء هذه القضية لتصبح بمثابة قنبلة موقوتة، تهدد سلامتها وتماسكها كمؤسسات، بينما لا تبدي الحساسية السياسية لاستشعار الخطر الذي يتهددها ويتهدد البلاد بأسرها بالتفكيك، وتسليم أمرها لقوات متورطة بجرائم لم تشهد البلاد لها مثيلا بحق ملايين المدنيين، وتمددت في مختلف ولايات السودان. • هذه الحرب تشهد استقطابا واصطفافا على أسس قبلية، خلف كل من الجيش والدعم السريع، تمتد آثاره حتى لصفوف القوى المدنية والمجتمعية المختلفة، لا سيما بعدما سعت جهات داعمة للطرفين لتحويلها لحرب ذات طابع قبلي وجهوي، وتوزعت الإتهامات تبعا لذلك للحواضن الاجتماعية، وزاد الأمر تعقيدا بعد دخول قيادات الإدارة الأهلية هنا وهناك، في دعوات التعبئة والمناصرة لكلا الطرفين. • لتأت أخيرا قضية الحكومة الموازية، بما تحمله من مزالق الاستقطاب القبلي والمناطقي، وعقابيل مساندة طرف من أطراف الحرب، وتجاوز كافة الجرائم المروعة التي قام بها خلال الحرب، لتزيد الوضع ضغثا على إبالة، لا سيما مع حالة التردد والعجز عن إتخاذ موقف سياسي واضح من الدعوة وأطرافها منذ طرح هذا الأمر، والذين ما زالوا يحتلون مواقعا قيادية داخل تحالف “تقدم”، ويروجون لهذه الحكومة في مختلف المنابر والمنصات استنادا لبطاقة التعريف هذي، دون أن تحرك القوى السياسية والمدنية ساكنا تجاههم، وتجاه تجاوزاتهم بحق قرارات تنسيقيتهم، بما فيها اللجنة المشكلة لبحث الأمر، التي اصبحت بلا قيمة، فقد تجاوزوها لمرحلة التنفيذ. • ختاما؛ إذا بقيت قوى تقدم في حالة السلبية والعجز الراهنة حتى إعلان تشكيل هذه الحكومة، ولم تبادر بإعلان موقف من هذه الفكرة ودعاتها بشكل مؤسسي ونهائي، وأعني هنا تحديدا تلك القوى السياسية والمدنية، التي بادرت بإعلان رفضها القاطع لتشكيل الحكومة الموازية، وعلى رأسها أحزاب الأمة القومي، والتجمع الاتحادي، المؤتمر السوداني، والبعث العربي، والحركة الشعبية التيار الثوري، والكيانات المدنية مثل لجان المقاومة ونقابة الصحفيين وغيرها، فإنها ستكون ساعتها قد أضرت بوحدة مؤسساتها، وسيقود إعلان هذه الحكومة لانقسامات كبيرة في صفوفها، وستتحمل مع دعاة هذه الفكرة مسئولية الإسهام في تفكيك وحدة البلاد.

مداميك

 

‫3 تعليقات

  1. تكوين حكومة موازية هي الحل الوحيد اليمنع تقسيم السودان لان الكيزان كانوا واضحين قولا وفعلا في تقسيم السودان فرفضهَم للسلام هو أكبر دليل على أنهم يسعون لتقسيم البلد

  2. هذه الحكومة فرضتها الظروف الموضوعية التى تحتم وضع احتياجات المواطن وسلامته على قمة الاولويات وهة ايضا سلاح جديد يساهم فى دفع الجيش والبلابسة للتفاوض وانهاء الحرب والانتهاكات. للاسف تأخرت هذه الخطوة كثيرا فمات كثير من الناس نتيجة لذلك، ولكن ان تأتى متأخرا خير من الا تأتى. الكاتب بلبوس يذرف دموع التماسيح على ضحايا جيشه ووطنه الذى اضاعه ببسبب وقوفه مع الجيش العميل

  3. الأخ وائل اول مرة اقرأ لك ولم اعرف ان انت ابن العملاق الوالد محجوب محمد صالح الصحافى المرموق ام لا ولكن من بين السطور انتابنى احساس قوى أن كتابتك من جنس كتابة المرحوم القامة محجوب محمد صالح. قلمه كان قلما وازنا Balancing وكتاباته كانت بمرجعية الحقيقية والعدل Fair and True وقد التزم التزاما صاروا بهذه المرجعية. لذلك كان الذين يختلفون مع كتاباته يحترمونها لأن كتاباته كانت مفيدة ونافعة للجميع من أقصى اليسار مرورا بالوسط وإلى أقصى اليمين وإلى الاغلبية التى لا تنتمى لا لهؤلاء ولا لاولائك. ولكن بعدم غاب غيابا كاملا هذا القلم الوازن، وساد سيادة كاملة صوت التطرف والتنطع والتنمر والعداء الأعمى والاقصاء والكراهية المتطرفة والحقد الدفين والتفرقة مما قاد لهذه الحرب اللعينة. وا اسفاى على نجم افل ضواى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..