مقالات سياسية

قراءة متأنية في القرارات الإقتصادية التي أصدرها السيد رئيس مجلس الوزراء

م. حامد عبداللطيف عثمان

المتتبع للقرارات الإقتصادية التي أصدرها السيد رئيس مجلس الوزراء و المستندة على أحكام الوثيقة الدستورية المنظمة للفترة الإنتقالية و على قرار  مجلس الوزراء رقم (70) لسنة 2019م و قرار مجلس السيادة رقم (274) لسنة 2020م و ذلك بناء على مخرجات إجتماع اللجنة العليا للطوارئ الإقتصادية يتبين من خلال القراءة المتأنية و المتعمقة لتلك القرارات ما يلي :-

1- فيما يخص القرار الخاص بإنشاء و تأسيس بورصة للذهب داخل السودان لتوحيد سعر الذهب مع السعر العالمي فهذا القرار يعتبر قرارا صائبا و موثرا على الإقتصاد السوداني لأن هذا القرار يقضي على التهريب في سلعة الذهب حيث أن التهريب كان يتم بحثا عن أسعار عالمية عالية بالإستفادة من الأسعار المتدنية التي تواجه الذهب المنتج بالسودان و التي تضر بالمنتجين و تشجع مافيا التهريب ؛؛ و بحسب الإحصاءات المعلنة هناك تهريب للذهب بقيمة 300 مليون دولار شهريا تقوم به مافيا التهريب و بهذا القرار سيتم وقف التهريب ؛؛ بل ولا جدوى من التهريب من بعد ذلك ..

2- قرار إلغاء نسبة ال (10٪) التي تخصم من حصيلة الصادر لتغطية إحتياجات الدواء و استبدالها بفرض ضريبة أو رسم على المصدرين و الموردين قرار قويم  حيث أن نسبة ال 10٪ التي كانت تخصم من المصدرين و الموردين لا تعتبر خصم لصالح شراء و تأمين احتياجات الدواء و إنما هي نسبة يقوم بنك السودان بشرائها من المصدر أو المورد بسعر البنك الرسمي و يسلمه المقابل بالجنيه السوداني بينما يسمح له بالتصرف في نسبة ال 90٪ الباقية بالسعر الموازي أي بسعر السوق السوداء و كل ذلك في صالح التجار المصدرين و الموردين ..
القرار الجديد يتعلق بفرض ضريبة و رسم على المصدرين و الموردين لصالح تأمين إحتياجات الدواء و يفترض أن تكون هذه الضريبة المفروضة عالية و مجزية لتغطي إحتياجات الدواء …

3- قرار إلغاء كآفة الإعفاءات الجمركية قرار صائب و قد تأخر كثيرا لأن الإعفاءات الممنوحة كانت تتم بصورة إنتقائية قائمة على المحاباة و على التصنيف السياسي و لصالح الموالين و هي من سياسات التمكين و أحيانا تمنح للأقارب و ذوي المصالح المشتركة و المتداخلة مع صناع قرار الإعفاء .. بهذا القرار يتم وقف العبث التدميري للإقتصاد السوداني بتلك الإعفاءات الجائرة و المجحفة و الظالمة و وقف الفساد المستشري جراء ذلك ..

4- قرار تحديد نسبة (10٪) من ضبطيات السلع المهربة لتحفيز العاملين في حراسة المداخل و الموانئ و الحدود و منع التهريب مع إتخاذ الترتيبات و التدابير اللازمة وصولا إلى تطبيق مبدأ النزاهة و تعزيز البعد الأخلاقي وصولا إلى الإلغاء التام لنظام الحوافز..
في تقديري أن هذا القرار فيه حكمة و فيه نظرة ثاقبة و فيه تقدير و تكريم لحراس الثغور  لأن محاربة مافيا التهريب تحتاج إلى إبتكار وسائل و أساليب تشجع الجهات الحارسة على مزيد من التضحية و الإيثار و هؤلاء الجنود المجهولون يستحقون فعلا و حقا التحفيز و التكريم لأن مافيا التهريب تعتمد أحيانا على تقديم الإغراءات و الرشاوى لضعاف النفوس و إقرار التحفيز فيه تحفيز و تشجيع على بذل المزيد من الجهد و التضحية و في ذلك تكريم لهؤلاء الحراس الأوفياء ..

5- السماح بمرور المقطورات و إتخاذ كآفة الإجراءات الرقابية للتأكد من الإلتزام بأسعار الشحن و النقل منعا للغلاء قرار فاعل و لكن يحتاج إلى توفير الوقود لوسائل النقل بصورة تمكنها من عدم التأخير بسبب ندرة الوقود و غلاء أسعار الوقود لهذه الناقلات ..

6- قرار إنشاء صندوق إستثماري يشارك فيه القطاع الخاص الوطني بجانب صندوق سيادي لإيداع التبرعات بالنقد الأجنبي و العملة المحلية  ..
قرار الإيداع بالعملة الأجنبية يحتاج إلى معالجة مع البنوك الخارجية لأن قرار رفع العقوبات الإقتصادية المعلن سابقا لم يعالج أمر توقف البنوك الخارجية للتعامل مع البنوك السودانية ولا زالت البنوك الخارجية متوقفة عن التحويل للسودان حتى تأريخه و الدليل أن هناك تبرعات و مساهمات مقدرة من أهل المهجر و من سودان المهجر أعلنت في مبادرة سودان المهجر للقومة للسودان التي أعلنها السيد رئيس الوزراء ولا زالت مساهمات و تبرعات سودان المهجر في جميع دول المهجر لا تجد طريقها لداخل السودان عبر البنوك الخارجية و هذا الأمر يحتاج إلى معالجة على مستوى مجلس الوزراء لأنه و برغم الإعلان عن رفع الحصار الإقتصادي إعلاميا لم يطبق ذلك عمليا حتى الآن …

*✍مهندس/حامد عبداللطيف عثمان /خبير مهتم بالشأن السياسي و الإقتصادي*
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..