غباء

بعد شهور من الهدوء النسبي في دارفور وبعد أن تنفس أهلها قليلاً، عادت الحركات المسلحة لتنغص عليهم حياتهم، لم تكفها 15 سنة من الفشل لم تفكر خلالها في شيء غير كرسي السلطة الذي في يد المؤتمر الوطني مثلما لم يرَ هو غير إنها تريد أن تأخذ منه هذه السلطة، فأصبح يعمل بكل قوة حتى لا يمنحها الفرصة، مثلما تعمل هي حتى لا تتركه ينعم بالسلطة بدون مشاكل، وما بين الحركات والمؤتمر الوطني ظل المواطن يخسر كل شيء.
الحركات المسلحة ترى في رفع العقوبات فرصة تسمح للمؤتمر الوطني أن يبقى فترة أطول في السلطة، وإن لم تكن أمريكا قد قررت رفع الحصار لما نشطت مرة أخرى بعد الشتات والدمار الذي لحق بها، والعمل المسلح الذي قامت به اليوم من الشمال والجنوب ما هو إلا ذريعة ارادت أن تقول لأمريكا أن السودان ليس بخير ولا يستحق رفع العقوبات عنه، كل ما خسرته الآن لا يهم قادتها مقابل أن تتراجع أمريكا عن قرارها.
لو يعلم قادة الحركات المسلحة إن رفع العقوبات عن السودان يساعد في القضاء على المؤتمر لما سعوا إلى القيام بعمل يساعد في تمديد الحصار ولساعدوا المؤتمر الوطني نفسه حتى ترفع العقوبات عن السودان نهائياً، وهذا ما سيضعف المؤتمر الوطني، فالذي يغير الوضع السياسي هو الشعب، وحتى يصبح الشعب قادراً على التغيير يحتاج إلى أن يكون مؤهلاً بما فيه أقل شيء (ماكل وشارب)، وتلك العقوبات لم تؤثر على المؤتمر الوطني بقدر ما أثرت على الشعب، فمن ضنك العيش أصبح كل مواطن لا يفكر إلا في لقمة العيش وكيف يتعالج أو ينال قسطاً من التعليم، كل حلمه أن يبقى على قيد الحياة، الشعب السوداني فقد القدرة حتى على المطالبة بحقوقه التي أقرها له الدستور والقانون، وإن كان الوضع الاقتصادي جيداً بما يتيح لكل مواطن أن يجد أبجديات الحياة، لما بقي المؤتمر الوطني في السلطة خمس سنوات ناهيك عن 28 سنة.
الآن سعي الحركات المسلحة لتشويه صور السودان (الما ناقصة) أصلاً حتى تظل العقوبات باقية تدعم المؤتمر الوطني ليبقى و بتصرفها هذا تساعده وتقف معه ضد الشعب وتثبت إنها غبية ولا تفكر.
الحركات المسلحة ليست أفضل من المؤتمر الوطني الذي أصبح هدفها الوحيد حتى حجب عنها رؤية الأشياء على حقيقتها، فحالفها الفشل والدمار، قتل خليل وفشل عبد الواحد، وكل القادة الذين انشقوا منهم الآن حار بهيم الدليل، إما عادوا إلى حضن المؤتمر الوطني نفسه أو أصبحوا أداة في يد الآخرين، وبعد كل هذا لم تفهم الحركات المسلحة إن ضعف المؤتمر الوطني في قوة الشعب الذي يضعفه الحصار والحروبات والمفاوضات معها، فهي تتاجر في أزمات السودان لأنها أصبحت المكسب الوحيد الذي يبقيها على قيد الحياة، مثلما يتاجر المؤتمر الوطني في نفس الأزمات ليبقى في السلطة والخاسر الوحيد هو الشعب السوداني حكومته ضده ومعارضته ضده.
التيار
والله كلام عقل صادر من زولة واعية،، رغم اني اتوقع ان تتعرضي لهجوم كاسح.
سلمت يداك سيدتي.