حين ترى دموع الرجال وتسمع نحيبهم.. مشاهد من سرادق عزاء رئيس القضاء السوداني

في (مقابر أحمد شرفي) بأم درمان، علت أصوات الرجال بالبكاء، التشييع كان مهيباً، حضره قادة الدولة والمجتمع، ومواطنون من عامة الناس، من أرجاء مختلفة، بعضهم كان يبكي بأصوات عالية، وبعضهم لم يتمالك وكان يصيح: (بيوتنا اليوم اتقفلت)، لا أحد يعلم جميع من يبكي، ولا حتى أسرته، مما يدل على أن فقيد البلاد كانت لديه صلات مختلفة وواسعة، وكان كريماً وودوداً ومعطاءً وعطوفاً، لا أحد بالضبط يعلم حجم علاقاته، لكن الجميع يتفق على أن مشاغله والمهام الجسام التي كانت ملقاهة على عاتقه لم تمنعه التواصل مع الناس والمجتمع وبمختلف طبقاتهم وشرائحهم وتكويناتهم، في منزله بضاحية (الرياض) بالخرطوم، لم تتوقف مشاعر البكاء ودموع الرجال فقد كانت تعلو بين حين وآخر، بينما كان أبناؤه (خالد، عثمان، ومحمد)، وأسرته يتلقون التعازي بصبر وجلد

تقرير: محمد سلمان
رحيل مفاجئ
توفى صباح أمس (السبت) رئيس القضاء السوداني، بروفيسور حيدر أحمد دفع الله ، إثر علة لم تمهله طويلاً، وكان رئيس القضاء قد تعرض لنوبة قلبية دخل على إثرها مستشفى رويال كير، للمرة الثانية، يوم (الثلاثاء) الماضي، لتوافيه المنية، صبيحة الأمس، وقبلها كان دخل المستشفى (الجمعة) قبل الماضية، وغادرها سريعاً، ثم عاد إليها منتصف الأسبوع الماضي.

تشييع وبكاء
شيَّعت جماهير غفيره، صباح أمس فقيد البلاد، مولانا حيدر دفع الله، إلى مثواه الأخير، حيث ووري الثرى بمقابر أحمد شرفي بأم درمان، وتقدم جموع المشيعين، رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، وشارك في مراسم التشييع، نائب رئيس الجمهورية، محمد يوسف كبر، ورئيس البرلمان البروفسيور إبراهيم أحمد عمر والنائب العام لجمهورية السودان، مولانا عمر أحمد محمد، ومساعده الأول هشام عثمان، ونائب رئيس القضاء مولانا عبد المجيد إدريس، ووالي الخرطوم الفريق شرطة هاشم عثمان الحسين، ووالي الخرطوم السابق، عبد الرحيم محمد حسين، وعلي عثمان محمد طه النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية، وقضاة المحكمة العليا، والعاملون بالسلطة القضائية، ورؤساء الأجهزة العدلية ومشائخ الطرق الصوفية وعدد كبير من المشيعين، بينما كان هناك مشيعون، من مظهرهم تبدو عليهم البساطة، وكانوا يبكون بشدة، مما يشير لعمق صلات وتواصل الفقيد، ومراحمته للبسطاء! كما تلقت السلطة القضائية التعازي من الأشقاء العرب، من السلطات القضائية ومجالس القضاة العليا بالدول العربية.

ودود ومتواصل
وصف وزير الخارجية الأسبق بروفيسور إبراهيم غندور، الراحل بأنه كان ودوداً، ومتواصلاً مع المجتمع، وقال غندور: “الفقيد كان شخصاً غير عادي، فرغم مشاغله ومسؤولياته، إلا أنها لم تمنعه من التواصل مع الآخرين”، وزاد: “فقد كان مواصلاً واجتماعياً بكل ما تحمل الكلمة من معنى”، ووافقه في ذلك المدير العام للصندوق القومي لرعاية الطلاب، بروفيسور محمد عبد الله النقرابي، الذي نعى الفقيد، وذكر إنه كان اجتماعياً لديه قدرة عالية في التواصل مع الناس رغم مشغولياته، والمهام الملقاة على عاتقه، وأشار النقرابي إن البلاد بفقده تفقد علماً من أعلامها، ورجلاً وركيزة أساسية، وله اسهاماته المتعددة.

إبن بار
كان أمين شؤون القضاة حزينا، قاضي المحكمة العليا، بالسلطة القضائية، مولانا بابكر التني، وقال في حديثه لـ(التيار) أمس: “فجعنا في صباح اليوم بوفاة مولانا حيدر دفع الله رئيس القضاء، فهو فقد جلل، وفقد السودان والسلطة القضائية”، وذكر التني إن البلاد بفقد بروفيسور حيدر، فقدت رجلاً عالماً ورجل قانون، وأضاف: “بفقده فقدت السلطة القضائية رجلاً هماماً، ومهما قلنا وحاولنا أن نقول في الفقيد رئيس القضاء، إننا في السلطة القضائية لا نستطيع أن نوفيه حقه، ما قدمه للسلطة القضائية والقضاة والعاملون، الذي كان يحمل هم العدل وهم جميع العاملين بالسلطة القضائية”، وتابع قائلاً: “بفقده فقد السودان إبناً باراً ومخلصاً صادقاً”، وأردف: “نحن اليوم في حزن وأسى كبير، ولا نستطيع أن نقول إلا ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون، فالموت سبيل الأولين والآخرين أن يجعل كل أعماله في ميزان حسناته وأن يلهم العاملين بالسلطة القضائية وأسرته الصبر والسلون وحسن العزاء”، بجانب التني كان يجلس أيضاً نائب رئيس القضاء السوداني، مولانا عبد المجيد إدريس، يتلقيا التعازي، وقد بدأت عليه علامات الحزن والأسى، لرحيل رفيقه ورئيسه بالسلطة القضائية.

بسيط ومتواضع
بعبارات حزينة وبسيطة، تحدث لـ(التيار) الأمين العام لنقابة المحامين السودانيين، عماد الدين عبد القادر الفادني، وأشار إلى أن البلاد قد فجعت أمس برحيل العالم بروفيسور حيدر دفع الله رئيس القضاء، وقال: “لا أستطيع أن أوفيه بكلمات، فقد كان رجلاً أمة، ورجلاً متواضعاً، لدرجة أنك عندما تتحدث معه، تحس أنك تحادث شخصاً عادياً وليس رئيس قضاء”، ونوه الفادني إلى أن رئيس القضاء الراحل، كان قريباً من الأجهزة العدلية، ومنسقاً جيداً مع الجميع، خاصة معهم في نقابة المحامين، وأضاف: “برحيله افتقدنا ركيزة من ركائز العدالة بالبلاد، علماً وأدباً وإدارة وتواضعاً، فهو فقد جلل”، بيد أن الأمين العام لنقابة المحامين، ذكر أن عزاءهم أن الفقيد قد وضع لهم علماً ينتفعوا به، فجزاه الله خيراً فيما قدم لنا”، وبدا الفادني لا يستطيع الإكمال، واختتم حديثه بقوله: “أنا تعبان وحزين جداً لفقده، والكلمات تتهرب مني، لا أستطيع أن أقول إلا: (رحم الله حيدر الرجل الحكيم البسيط المتواضع، إلى جنات الخلد إن شاء الله)”.
بسط العدالة
ربما أكثر ما يميز عهد رئيس القضاء السوداني بروفيسور حيدر دفع الله، أنه عمل بجد في بسط العدالة، وكانت أبرز إنجازاته إنشاء المحاكم وتمددها في جميع الولايات وعدد كبير من محليات لبسط العدالة، وتسهيل سبل التقاضي، كما يحسب له إنه قام بفتح الجدول، لتعيين قضاة جدد، لمواكبة التوسع والتطور الذي حدث بالسلطة القضائية، وأدخل الحوسبة في العمل القضائي، التي قطعت مراحل متقدمة.
سيرة الذاتية
حيدر أحمد دفع الله من مواليد (1-1-1952)، قرية “قندتو”، بالقرب من مدينة شندي، بولاية نهر النيل، عمل بالمحاكم المختلفة من حيث الاختصاص القيمي والنوعي منذ الالتحاق بالسلطة القضائية في نوفمبر 1977م في وظيفة مساعد قضائي متدرجاً في السلم الوظيفي إلى قاضٍ من الدرجة الثالثة ثم الثانية بموجب القرار الجمهوري رقم(804) لسنة1981م ثم قاضٍ للمديرية وقاضٍ بمحكمة الاستئناف إلى أن تمت ترقيته إلى قاضٍ بالمحكمة العليا النقض ” التمييز” بموجب القرار الجمهوري رقم (90) لسنة2000م بتاريخ 52 2000م ثم رئيساً للقضاء، وكان حيدر دفع الله قد حصل على شهادة ليسانس حقوق في جامعة القاهرة فرع الخرطوم عام 1976م، و على شهادة امتحان تنظيم مهنة القانون في نفس العام ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة في مصر عام 1982 وعلى شهادة الدكتوراه في الحقوق بكلية الحقوق جامعة القاهرة في مصر عام 1989. وقد حصل على شهادة تفوق مع جائزة عبد الرازق السنهوري في القانون المدني كلية الحقوق العام الجامعي 1982 – 1983 وحصل على درجة الأستاذية من جامعة الخرطوم في 24 سبتمبر 2014م، وعمل بالعديد من الجهات، فهوعضو الجمعية السودانية للقانون الجنائي، والجمعية الدولية للقانون الجنائي، عضو اللجنة التمهيدية لمجلس أمناء الاتحاد التأسيسي للحقوقيين السودانيين، رئيس اللجنة القانونية لإعداد السجل المدني بالسودان – وزارة الداخلية ? الخرطوم، وعضو لجنة مراجعة وتأصيل القوانين – رئاسة السلطة القضائية، إعارة للعمل قاضياً برئاسة المحاكم العدلية بدولة قطر من أبريل 1996م وحتى سبتمبر 2002م، وله العديد من المؤلفات العلمية والدراسات والبحوث، من بينها، درجات التقاضي في الفقه الإسلامي تطبيقاً على النظام القضائي السوداني – دراسة مقارنة- [كتاب] الطبعة الأولى1989م مطبعة دار العناني القاهرة، قانون الإجراءات المدنية السوداني بين التحليل والتطبيق ( الجزء الأول) دراسة مقارنة ] كتاب [ الطبعة الأولى 1994م1414هـ مطبعة الخندق للطباعة والنشر الخرطوم ، قانون الإجراءات المدني السوداني بين التحليل والتطبيق الجزء الثاني تنفيذ الأحكام القضائية دراسة مقارنة/ كتاب /لطبعة الأولى 1996م مطبعة السلطة القضائية الناشر: معهد التدريب والإصلاح القانوني، تأصيل قانون الإجراءات المدني السوداني سنة 1982م ] بحث [منشور مجلة اليراع العدد الأول سبتمبر 1996م إصدار دار الثقافة بمعهد التدريب والإصلاح القانوني، أصول المرافعات المدنية والتجارية/ دراسة مقارنة /الطبعة الأولى 1418هـ1987م طبعة العلمية للطباعة والنشر الدوحة قطر الناشر: مكتبة المناعي، تنفيذ الأحكام القضائية في قانون المرافعات القطري/ دراسة مقارنة/[كتاب ] الطبعة الأولى 1998 م مطابع قطر الوطنية قطر الدوحة الناشر: مكتبة دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع الدوحة.

تعليق واحد

  1. كثر الظلم في المحاكم السودانيه. كل مظلوم هو مسووليه كبير القضاء.
    كثر الفساد و كل فاسد مسووليه كبير القضاء.
    إذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد مسووليه رئيس القضاء
    إذا سرق الشريف مسووليه رئيس القضاء
    يوم لا ينفع مال و لا بنون
    وًاخره كوم تراب
    شيل شيلتك

  2. كثر الظلم في المحاكم السودانيه. كل مظلوم هو مسووليه كبير القضاء.
    كثر الفساد و كل فاسد مسووليه كبير القضاء.
    إذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد مسووليه رئيس القضاء
    إذا سرق الشريف مسووليه رئيس القضاء
    يوم لا ينفع مال و لا بنون
    وًاخره كوم تراب
    شيل شيلتك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..