الضريبة التصاعدية

زمان مثل هذا
الضريبة التصاعدية
الصادق الشريف
? (قبل يومين.. يومين اثنين فقط.. ألقت الحكومة الاتحادية بمسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار على التجار. ? وكلمة تجار هُنا.. قد تعني التجار المتفرغين للمضاربة بالدولار.. أو أولئك الذين يحتاجون الى العملات الأجنبية في إستيراد السلع والمواد الخام. ? المهمُّ أنّ الحكومة أخرجت نفسها من دائرة اللوم.. وألقت به في وجه التجار.. كأنّ التجار هم الذين يديرون الإقتصاد. ? لكنّ أخبار الصحف لهذا اليوم تقول أنّ التجار هم الذين يُحمِّلون الحكومة مسؤولية ارتفاع أسعار الدولار وبالتالي ارتفاع كلّ ما هو متعلق بالدولار.. (هل تصدّق أنّ الارتفاع طال.. حتى أسعار اللالوب). ? وقد تقوم القيامة قبل أن يكف هؤلاء الطرفان عن تبادل الاتهامات بشأن الدولار وارتفاع أسعاره.. وتلاعبه بأعصاب الشعب السوداني. ? بالطبع فإنّ الحكومة هي المسؤول الأول عن ارتفاع أسعار العملات الأجنبية جميعها.. رغم أنّها تتجه في مقبل الأيام لجعل اليورو كعملة احتياط.. وأنّ هذا الأمر سوف يخفف الضغط على الدولار، و(سيضرب بأسعاره.. الأرض). ? بالطبع ..للحكومة مسؤوليات مباشرة.. في تحديد سعر الصرف.. وهو ما يُسمى بالسياسة النقدية.. وبالطبع لا يضع التجار سياسة نقدية للحكومة.. بل تضعها هي لنفسها.. عبر البنك المركزي. ? وللأسف فقد فشلت معظم سياسات بنك السودان في تقييد حركة الدولار.. لأنّ السياسة النقدية لن تفلح وحدها ما لم تتبعها مجموعة سياسات أخرى. ? أولاً.. لا بُدّ من زيادة الإنتاج المحلي.. لزيادة حصيلة البلاد من العُملات الأجنبية.. وزيادة الإنتاج هذه تتبعها هي أيضاً مجموعة من (السياسات) المحفزة لزيادة الإنتاج.. وهذه قد فشلت الحكومة في الالتزام بها. ? كما أنّ البترول الذي تعتمد عليه الحكومة الآن على أنّه (إنتاج محلي).. سيذهب نتيجة عدم التوافق السياسي.. وعدم التوافق هذا هو فعل حكومي بحت. ? ثانياً.. لا بُد من استقرار البلاد أمنياً.. والاستقرار الأمني هو أهم عامل للإستقرار الإقتصادي.. وبالطبع يرى المواطنون جميعاً حصيلة الحكومة فيما يتعلق بالاستقرار الأمني. ? ثالثاً.. وفي حالة سياسة التحرير الاقتصادي المُتبعة هنا.. تقوم الحكومات عادةً بابتداع آليات لضبط حركة السوق.. وبالتالي ضبط الأسعار. ? أول هذه الآليات هي اتباع سياسة (الضريبة التصاعدية).. كلما زادت أرباح التاجر نتيجة مبيعاته.. زادت ضريبة المبيعات التي يدفعها.. وبالتالي يفكر التاجر ملياً قبل أن يقدم على زيادة سعر السلعة.. فالزيادة تدخله في المرحلة الضريبية التالية.. والتي تدخله في حسابات معقدة مع الضرائب.. هذا نوع صارم من السياسات الضريبية يضعُ حداً للفوضى التي أصبحت رديفاً لسياسة التحرير. ? رابعاً.. الحكومة قادرة على تطبيق قانون الاحتكار.. ولو كرهِ التجار.. هذا لو كان القانون مُشرعاً.. فهو يمنع تخزين السلع بغرض تقليل الطلب وزيادة الأسعار. ? هذا المقال استدعيته من الأرشيف.. حيثُ نُشر في في صحيفة الأيام في العام 2008م.. بعد نشوب حرب كلامية بين الحكومة والتجار حول المسؤولية نحو كبح جماح الدولار. +? الآن.. وبعد ثلاث سنواتٍ ونيف من نشر المقال.. تتجدد ذات الحرب الكلامية.. وذات المناكفات.. والسودان يعودُ القهقرى.. حتى يكاد يقع في الهاوية.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
التيار