حقهم في الحياة من حقنا في التعبير

أمل هباني

أشياء صغيرة

حقهم في الحياة من حقنا في التعبير

نحن شعب يسقط الى أعلى ،بمعنى أن مشاكلنا تزداد سواء وتعقيدا كلما يمضي الوقت ،فبدلا أن يكون الزمن عاملا في حلحلة المشاكل كما يفترض تعقد وتتشعب بمرور الشهور والسنوات ، … وفي ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة في هذا العام اكتشفنا أن كل عام يكون اسو أ من قبله في اوضاع حرية التعبير والصحافة فالرقابة التي كنا نناهضها في الاعوام الماضية كانت نعيما بالنسبة لما يحدث الآن من سحق وقهر للصحافة السودانية على أيدي جهاز الأمن والمخابرات الحاكم الفعلي لعموم السودان ….

وما يحدث الأن يجعلنا نعدد محاسن الرقابة القبلية التي لم توقف الكتاب بل تراجع كتاباتهم ولا تذهب الى المطبعة لتنتقم من الناشر وتؤدبه بمصادرة الصحيفة بعد طباعتها حتى يقف بنفسه على عملية الرقابة وصرامتها ،بل كان هناك رقباء محترمون يحاولون اقناع الصحفيين أن ما يؤدونه من قطع ولصق للصحف هو عين حماية الوطن ،ويعطوك فرصة استبدال العمود بآخر والتحقيق بتحقيق والحوار بحوار …وكل ذلك اصبح رفاهية صحفية يتمناها رؤساء التحرير والصحفيين ….لكن الأخطر أن الرقابة والمنع المصادرة والاعتقال الآن يخفي جريمة أكثر ترويعا …وانتهاكات أقسى وأمر وهي انتهاكات حق الحياة والأمن لمواطني مناطق الحروب الجديدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق …فمصادرة حق التعبير جاءت متزامنة مع مصادرة حق الحياة للمواطنين في تلك المناطق التي يتصارع فيها الأفيال وتموت الحشائش ،فقوات الحركة الشعبية تحتمي بالجبال التي لن تطالها الطائرات ولا الصواريخ ولا القنابل كما صرح بذلك قائد قواتها عبد العزيز الحلو ،والحكومة تضرب من طرف وتمنع اقامة المعسكرات للنازحين والممرات الآمنة للغذاء وللمدنيين على السواء وتمنع حتى الصحف وكتاب الرأي من تناول تلك الأخبار ..وبين هؤلاء وأولئك يعرف العسكريون كيف يحمون أنفسهم … أما ما يحدث للمدنيين من المواطنيين السودانيين في جنوب كردفان والنيل الأزرق هو تجسيد مادي لقول الشاعر ابوالقاسم الشابي
ومن لا يحب صعود … الجبال عاش ابد الدهر بين الحفر

،فمن لا يصعد جبال قوات الحركة الشعبية عاش أومات بين حفر القنابل والطائرات بل وربما دفن تحت حفرها تلك……ولا اعلام ينشر ولا كتاب يكتبون ولا مجتمع مدني داخلي يدافع عن هؤلاء المواطنين السودانين المدنيين ولا هم قادرين من بؤسهم وقلة حيلتهم أن يرفعوا صوتهم مطالبين بحقهم في الحياة…..وفي الداخل حاولت جهات عدة ومنذ اندلاع الحرب أن يرفعوا اصواتهم مطالبين بوقف الحرب وايصال المساعدات الانسانية مثل مبادرة لا لقهر النساء ومجموعة لا للحرب التي نفذت وقفة سلمية ضد الحرب أمام مقر بعثة يونميس يونيمس بالخرطوم قبل رحيلها ،لكن سوء الظروف بالداخل عرقل تلك المبادرات والآن هناك حملة بدأت تتشكل في المهاجر وكانت خطوةالتضامن بالاضراب عن الطعام التي اعلن عنها عبر المواقع الالكترونية هي واحدة من الوسائل الفعالة لتلك الحملة والتي نرجو أن تتواصل وتتصاعد مع تنظيم حملات الضغط من داخل السودان…والحملات التي تنتظم الآن في الداخل للدفاع عن حرية التعبير يمكنها أن تتسع لتشمل الموضوع الاساسي الذي منع من أجله التعبير وهو الدفاع عن حق مالايقل عن خمسمائة ألف سوداني وجدوا نفسهم بين نارين (الموت قصفا ،أو الموت جوعا )في الحياة في مناطق الحروب الجديدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ….وهاهي التقارير الدولية تحذر من مزيد من الموت والكوارث خلال فترة الخريف القادمة ….فلنناهض مصادرة حقنا في التعبير بالمطالبة بمنحهم حقهم في الحياة التي وهبها الله للناس باختلاف سحناتهم والوانهم وأديانهم . …فلنحمي حقهم في الحياة بالسماح بتدفق الغذاء وقيام المعسكرات الآمنة والسماح لوسائل الاعلام المحلية بالوصول ونقل الواقع من هناك لأنه مصادر مع مصادرة حقنا في التعبير .
صحيفة مسارات الالكترونية

تعليق واحد

  1. لكي التحية على مقالك وتحليلك الرائع. كلما مضت بهم سنوات التسلط ازدادوا شراسة بسبب الخوف الذي يقض مضاجعهم من ضياع سلطة البؤس. الربيع العربى احد اسباب جنونهم ، يخافون فقط من تنامى وعى الناس بما يحدث فى هذا الوطن المنكوب. هذا الوعى يمكن حبسه لبعض الوقت بمصادرة الصحف وكبح الاجهزة الاعلامية وتهكير المواقع لكن يبقى واهما من يظن ان ذلك سيؤجل (كابوس) ربيعنا القادم الى الابد.

  2. اللهم يا ذا الجلال و الاكرام , ارحم عبادك و هون و يسر عليهم. اللهم اطعمهم من جوع و امنهم من خوف. اللهم عليك بالظالمين, اللهم يا جبار يا منتقم ارنا فيهم عجائب قدرتك.اللهم انتقم منهم فى الدنيا قبل الاخرة.(( سيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون))

  3. تسلمي يابنت الكرام ماكان جدك بخيل ولا جبان(أحمد فضيل ) ،ياالخالك عبدالسلام الفارس المقوار

  4. تحايانا القلبية لك ايتها الرائعة المصادمة امل …….انت احدى نخلات بلادى التى تبشر بمستقبل واعد للسودان ……..نتمنى ان لا تتوقفى عن الكتابة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..