لماذا يحارب المتأسلمون البرادعي؟

تكمن خطورة البرادعي الحقيقية في ما يمثله من أفكار، فهو ببساطة يمثل الحداثة التي يمكنها انتشال مصر من ظلام الإرهاب إلى نور الحرية.

بقلم: عادل الجوهري

يخطئ من يعتقد أن الجماعات المتاجرة بالدين سوف توافق على سلوك أي طريق يؤدي من قريب أو بعيد إلى تحقيق أهداف ثورة مصر، فمن المستحيل أن ينخرطوا في أي عملية سياسية دائمة تؤدي إلى استقرار الوطن، لأنهم يعلمون قبل غيرهم أن الاستقرار ليس من مصلحتهم.

فعدم الاستقرار هو الأرضية التي من خلالها يستطيعون بث أفكارهم الخبيثة، فهم بمختلف أشكالهم يحملون نفس الفكر، ويستعملون نفس الأدوات، ويتخذون من إرهاب السلاح وسيلة وحيدة للحصول على ما يريدون، فهم الذين يقتلون، وهم الذين يحرقون، وهم الذين يفجرون، وهم الذين يروعون الآمنين، ويرتكبون جميع الجرائم التي تحرمها جميع الأديان، ولا يغرن أحد ظهور فصيل منهم يتكلم باللين، فهم دائماً يختبئون ويكمنون حتى يتمكنون.

فبعد ثورة 25 يناير هدد الإخوان بحرق مصر بكاملها إذا تم تعيين الدكتور محمد البرادعي رئيساً للوزراء، وها هم السلفيون الذين يمثلون الوجه الآخر لنفس العملة الإرهابية بعد 30 يونيو يهددون ويتوعدون إذا تم تعيين البرادعي رئيساً للوزراء، فما هي مشكلة جماعات الإسلام السياسي مع الرجل؟

أستطيع أن أجزم وأنا مرتاح الضمير أن البرادعي كشخص لا يمثل أي خطورة على أحد، ولكن خطورته الحقيقية تكمن في ما يمثله من أفكار، فهو ببساطة يمثل الحداثة التي يمكنها انتشال مصر من الظلام إلى النور، فهي كما في العالم أجمع ينتج عنها مكتسبات إيجابية تشعر بها الشعوب فوراً ومباشرة وعلى أرض الواقع، فتسود الأوطان معها حالة من الرضاء العام، كما أن الحداثة تخلص الشعوب من قيود الماضي وتدفع بهم إلى آفاق المستقبل الواسعة بلا أي قيود، فيشعر معها كل مواطن بقيمته كإنسان له كامل الحقوق في إطار من المساواة والعدالة الاجتماعية، متمتعاً بحرية الرأي والفكر والتعبير والإبداع، وكل هذه الأمور تحرمها تيارات الإسلام السياسي كما حرمتها من قبل التيارات الدينية في أوروبا، لأنها تحرمهم من السلطات التي يتمتعون بها والمزايا التي يحققونها باستغلالهم الدين كوسيلة وحيدة للوصول إلى السلطة والاستمرار في الحكم.

مشكلة جماعات الإسلام السياسي في مصر أنهم لا يملكون من المقومات إلا أقاويل غامضة مُبهمة، فليس لديهم ما يستطيعون به مجابهة العقل والفكر إلا أن ينصبوا من أنفسهم أوصياء على الدين وعلى المواطنين، فإن سألتهم ماذا تريدون؟ يقولون لك نريد تطبيق شرع الله، وإن سألتهم ما هو مشروعكم؟ يقولون المشروع الإسلامي، وإن سألتهم ما هو المشروع الإسلامي؟ يتهمونك بالكفر، وهذا تماماً ما كان يحدث من الجماعات الدينية في أوروبا التي كانت تفتي بحرق العلماء.

فهنا تكمن مشكلة جماعات الإسلام السياسي في مصر مع الدكتور محمد البرادعي، ولكن بعد ثورة 30 يونيو يجب ألا نكرر نفس الخطأ، ولا يجب أن نخضع للترويع أو الترهيب، فمصر الآن أمام مفترق طرق، إما أن نبني وطناً حديثاً يعيش فيه الجميع على أساس المواطنة، وإما أن نستسلم للإرهاب ونرهن الوطن وشعبه ومستقبله تحت سطوة سلاح القتل والإرهاب لهذه الجماعات الظلامية ليحكمنا الاخوان بيد من حديد برداء جديد.

على جماعات الإسلام السياسي أن تعلم أن شعب مصر قد سبق أوروبا كثيراً حينما اكتشفهم على حقيقتهم بأسرع مما تخيلوا، وأدرك أن تلك الجماعات ليست هي التي تمثل الدين ولا يحق لها أن تتحدث باسمه.

فقد استطاع الشعب في ثورة 30 يونيو أن يضعهم في مكانهم الصحيح، فهم جماعات طالبة للسلطة، ويحق لهم ذلك، ولا يستطيع أحد أن يحرمهم من ممارسة السياسة للوصول إلى السلطة، ولكن لا يجوز لهم الخلط ما بين السياسة والدين، فعليهم أن يختاروا الآن ما بين ممارسة الدعوة في سبيل الله كما جاءت في كتابه العزيز وبين أن يمارسوا السياسة.

فإن كانوا حقاً يخشون الله وتتملكهم الغيرة على دينه، فليبتعدوا به عن السياسة وممارساتها، لأن ما نراه الآن من قتل وحرق وتمثيل بالجثث يتم نسبته للدين، فهم يفعلونه ويصيحون الله أكبر وكأن الله أمرهم بالقتل، وفي هذه الحالة فهم سيخسرون الدين بعدما خسروا الدنيا.

عادل الجوهري

[email][email protected][/email] ميدل ايست أونلاين

تعليق واحد

  1. بعد ثورة 25 يناير هدد الإخوان بحرق مصر بكاملها إذا تم تعيين الدكتور محمد البرادعي رئيساً للوزراء، وها هم السلفيون الذين يمثلون الوجه الآخر لنفس العملة الإرهابية بعد 30 يونيو يهددون ويتوعدون إذا تم تعيين البرادعي رئيساً للوزراء، فما هي مشكلة جماعات الإسلام السياسي مع الرجل؟

    تتذكروا ايام التنسيق مع البرادعي في الانتفاضة ضد مبارك سالوهم دا لكن ما ليبرالي وبتو لابسة مايوه قالوا قضية الحريات اهم من مايوه بنت البرادعي والرجل صلى في مسجدهم ياخسارة ما عندهم عهد غدارين بياعين والله لو اخوك اخو اعمل حسابك منو

  2. طيب قليلا من الحكمة هذا الرجل محمد البرادعي هو الذي قال ان العراق يمتلك اسلحة دمار شامل ورفع ذلك التقرير المشئوم و اللذي لا يشك احد اان في كذبه باختصار هو عبارة عن العوبة بيد الغرب و بعدين اللذين رفضو تولي البرادعي ليسو الاسلاميين فقط كما يصور ذلك الكاتب المحترم بل هناك حركات لبيرالية ايضا رفضت تولي البرادعي منها حركة 25 ابريل و حركة كفاية بزعامة ايمن نور

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..