أخبار السودان

عام دراسي جديد في السودان محاصر بالحرب والنازحين

بعد عام من توقف الدراسة بسبب الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” المندلعة منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، أعلنت أكثر من ولاية سودانية عن انطلاقة العام الدراسي الجديد 2024 لجميع المراحل الدراسية غداً الأحد، لتلحق بأخرى سبقتها بأيام بالخطوة نفسها.

تجيء قرارات حكومات تلك الولايات في ظل ظروف تداعيات الحرب وتدهور بيئة المؤسسات التعليمية وعدم صرف مستحقات المعلمين، وفي وقت تستغل نحو 1373 مدرسة في مدن الولايات الآمنة كمراكز لإيواء آلاف النازحين مما يعني أنهم باتوا الآن مهددين بالإخلاء من دون توفر بدائل ملائمة لهم، مما جعل مصير العام الدراسي يتأرجح بين إصرار الحكومات الولائية ورفض وتحفظات المعلمين والمتخصصين التربويين.

واعترضت لجان المعلمين الفرعية والمركزية في السودان، فيما أبدى كثير من التربويين تحفظاتهم على بدء الدراسة في ظل استمرار ظروف وأجواء وتداعيات الحرب والدمار في البيئة المدرسية.

ظروف صعبة

ورجح متخصصون أن يتعثر العام باكراً بالفشل في استمرار الدراسة في ظل التداعيات العميقة التي خلفتها الحرب على البنى الأساسية للمؤسسات التعليمية والظروف التي يعيشها الطلاب وأسرهم وعدم صرف مستحقات المعلمين لـ10 أشهر مضت في كثير من المناطق، فضلاً عن تحول معظم المدارس والمؤسسات ذات الصلة إلى مراكز لإيواء الفارين من الحرب بالولايات الملتهبة.

وكانت ولايات نهر النيل والبحر الأحمر وسنار هي السباقة إلى استئناف العام الدراسي، فيما تسعى ولايات أخرى كالجزيرة والخرطوم إلى لملمة أطراف العملية التعليمية تمهيداً لاتخاذ قرار في شأن تنفيذ قرار مجلس الوزراء الاتحادي بالرقم (236) لسنة 2023 المتعلق بفتح المدارس من دون أن تحدد موعداً قاطعاً لذلك.

إصرار حكومي

على رغم التحفظات والتحذيرات من المنتظر أن تستأنف الدراسة بجميع المراحل الدراسية في ولايات سودانية عدة، ففي الولاية الشمالية قرر مجلس وزراء حكومة الولاية فتح المدارس غداً الأحد على رغم رفض لجنة المعلمين بالولاية القرار، وأعلنت اللجنة الدخول في إضراب مفتوح إلى حين تنفيذ مطالبها بصرف كل مستحقاتها، ومعالجة وضع النازحين المقيمين في المدارس الذين لم تتوفر لهم حتى الآن بدائل مناسبة للسكن ويخشون استخدام السلطات القوة لإجبارهم على الإخلاء.

وأكد وزير التربية والتعليم بالولاية، سيف الدين محمد عوض الله، اكتمال الاستعدادات وحرص الوزارة مع الشركاء على توفير مطلوبات استقرار العام الدراسي الجديد في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.

وقال ناشطون إن النازحين رفضوا اقتراحاً من سلطات الولاية بنقل بعضهم إلى مراكز إيواء تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية على رأسها الكهرباء، بما فيها الاستاد الرياضي بمدينة دنقلا عاصمة الولاية.

ويقدر عدد مراكز الإيواء بالولاية بأكثر من 100 مركز ارتفع عددها عقب اجتياح “الدعم السريع” ولاية الجزيرة في سبتمبر (أيلول) 2023.

رفض وتحفظات

في ولاية النيل الأبيض قررت حكومة الولاية فتح المدارس في التوقيت ذاته، في وقت ما زالت اللجان تبحث عن بدائل لإخلاء مقار المدارس من النازحين، وتوقعت مصادر مجتمعية حدوث ارتباك في سعة المواعين التعليمية المتاحة.

أما في غرب كردفان فأعلنت لجنة المعلمين السودانيين بالولاية مناهضة قرار والي الولاية بفتح المدارس غداً الأحد حتى التزام الحكومة مطالبها بسداد متأخرات مرتبات المعلمين، واستهجنت صدور مثل هذا القرار من دون أي ترتيبات لمعالجة آثار الحرب.

وأكد بيان للجنة ترحيبها بالجهود المبذولة من أجل استمرار العام الدراسي والعملية التعليمية شريطة أن يكون وفق برنامج تربوي مدروس.

وكان وزير التربية والتعليم المكلف ولاية سنار، بابكر سر الختم، أصدر قراراً باستئناف العام الدراسي بجميع المراحل اعتباراً من منتصف مايو الجاري.

تفاوت الظروف

وإلى العاصمة الخرطوم حيث ربطت وزارة التربية والتعليم بالولاية فتح المدارس بالموجهات التي تصدر عن لجنة الأمن بالولاية، معتبرة أن القرار شأن ولائي يندرج تحت سلطات وصلاحيات حكومة الولاية، وأعلنت أنها بصدد تقديم مقترحات عملية لقيادة الولاية، في شأن الرؤية النهائية لاتخاذ قرار في شأن التعليم في الولاية، خلال الأيام المقبلة.

وأكد مدير عام وزارة التربية والتعليم بالخرطوم، قريب الله محمد أحمد، التزام الحكومة بتوفير كافة المعينات لاستئناف العام الدراسي وإتاحة الفرصة لكل طالب وطالبة لتلقي التعليم في بيئة سليمة وآمنة، على رغم تحديات تأخر صرف استحقاقات ورواتب المعلمين المتوقفة منذ 10 أشهر وهجرة أعداد كبيرة منهم للولايات بسبب الحرب.

وكشف قريب عن تعديات ممنهجة من المتمردين بتخريب البنى التحتية ونهب الأثاث المدرسي واتلاف أكثر من 16 ألف وحدة إجلاس وكميات من الكتب في مخازن الوزارة والمدارس، إلى جانب التدمير الكامل لمطبعة الوزارة المعنية بطباعة الكتب والأدوات المدرسية.

أما في ولاية الجزيرة التي يسيطر “الدعم السريع” على عاصمتها ومساحات واسعة من شمالها ووسطها، أفادت مصادر رسمية أن وزارة التربية والتعليم بالولاية تستعد لإعلان موعد جديد بدء الدراسة بالمرحلة الثانوية للعام 2023 – 2024، بعد تأجيلها بسبب الظروف الأمنية والإنسانية التي تمر بها الولاية.

وقبل أسبوع أعلنت وزارة التربية والتعليم بإقليم النيل الأزرق، عن استئناف الدراسة بجميع مدارس محافظات الإقليم منذ الخامس من مايو (أيار) الجاري.

وأوضحت وزيرة التربية والتعليم بالإقليم فواتح النور البشير وضع كل الترتيبات الممكنة لمواجهة الظروف الراهنة المتمثلة في ترحيل النازحين من المدارس وإيجاد مناطق بديلة لإيوائهم، بالتعاون مع الجهات ذات الصلة.

وأكدت وضع خطة محكمة لاستيعاب الطلاب النازحين بحسب الموقع الجغرافي لوجودهم، مشيرة إلى دمج بعض المدارس والعمل بنظام الدوامين الصباحي والمسائي لمنع اكتظاظ الطلاب في الفصول المدرسية.

وكانت ولاية البحر الأحمر أعلنت انطلاق العام الدراسي الجديد منذ منتصف أبريل الماضي، بعد تمكنها من إخلاء 68 مدرسة من النازحين والإبقاء على تخصيص 34 مدرسة للإيواء، إذ تأوي الولاية نحو 4 آلاف وافد منذ بداية الحرب.

قرار سياسي

في السياق وصف المتحدث باسم اللجنة المركزية للمعلمين السودانيين، سامي الباقر، قرار ولاة بعض الولايات بأنه سياسي ولا علاقة له بالعملية التعليمية، وأن الهدف الأساس من فتح المدارس هو إرسال رسالة مفادها أن الأوضاع بتلك الولايات مستقرة وآمنة لا أكثر.

وأوضح الباقر أن العملية التعليمية يجب ألا تكون مصممة لتدريس البعض من دون الآخرين من الطلاب، فضلاً عن إيواء المدارس آلاف الفارين من الحرب الذين من المفترض أن يتم توفير المأوى البديل الملائم واللائق لهم، وهو ما لم يحدث.

وأشار إلى أن المشكلات المحيطة بالعام الدراسي لا تقتصر على مناطق الصراع فقط، بل تشمل المدن الآمنة أيضاً، مثل مشكلات الكتب المدرسية ورواتب المعلمين، منوهاً باقتراح لجنة المعلمين تشكيل لجنة قومية للنظر في إعادة فتح المدارس، برئاسة وزارة التربية الاتحادية، تضم ممثلين من المعلمين، لدراسة الوضع ورفع توصيات واقعية وشفافة في شأنه.

العدالة والشمول

بحسب المتحدث باسم اللجنة المركزية للمعلمين السودانيين، فإن “السلطات الولائية ستكتشف خطأ قرارها وأن ما تقوم به ليس هو النهج الصحيح بل ممكن أن يسهم في تقسيم البلاد إلى جانب مشكلات اجتماعية أخرى، إذ إن الصحيح أن يتسم التعليم بالعدالة والشمول مع ضرورة حفظ كرامة الناس داخل المدارس كسودانيين يتمتعون بكامل الحقوق”.

ولفت أحدث تقرير لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) إلى أن ملايين الطلاب في السودان يواجهون مصيراً غامضاً مع استمرار الحرب التي دخلت عامها الثاني، بسبب تعطل العملية التعليمية بصورة كاملة في ظل نزوح واسع ودمار كبير للمؤسسات التعليمية، كما تحولت مئات المدارس في المناطق الآمنة إلى معسكرات تأوي الفارين من القتال.

هزيمة السياسات

على النحو ذاته وصف الموجه التربوي المتقاعد حسين خالد قرار فتح المدارس في الوقت الراهن بأنه متعجل، إذ كان يجب أن تسبقه دراسات ومسوحات ميدانية والعمل على التغلب على العقبات التي عرقلت الدراسة وحالت دون استئنافها، فالحرب ما زالت مشتعلة والتلاميذ وأسرهم مشتتون بعضهم خارج حدود البلاد ومن بالداخل غير مهيئين نفسياً، كما أن المعلمين أنفسهم مشتتون، ويعانون مشكلات مادية واجتماعية هائلة بسبب عدم صرف رواتبهم الزهيدة.

وحذر خالد من تداعيات فتح المدارس بصورة جزئية في مناطق دون الأخرى، فيكون التعليم موجهاً لأبناء الولايات التي لم تصل إليها الحرب، لأن ذلك سيثير مشكلات أعمق وأكثر تعقيداً، كونها لا تتسق مع السياسات الكلية والأهداف التربوية والتعليمية الموضوعة، وقد تمس النسيج الاجتماعي نفسه وتهدم النسق العام للعملية التعليمية في البلاد المصممة على أساس المنهج الواحد والاختبار الثانوي الموحد.

واعتبر التربوي أن ما تم من معالجات يظل محدوداً جداً بالنسبة إلى حجم مشكلات البيئة المدرسية، بعدما تحولت معظم المدارس إما إلى دور للإيواء في الولايات الآمنة وإما إلى ثكنات عسكرية في المناطق التي يحتدم فيها القتال.

أزمة تعليمية

تشير إحصاءات أولية إلى تحول نحو 1373 مدرسة في عديد من المدن الكبيرة بالولايات الآمنة ملاذاً لإيواء النازحين الفارين من جحيم المعارك، منها 333 مدرسة في النيل الأبيض و160 بالولاية الشمالية، و154 في ولاية نهر النيل و613 في كسلا و113 بالبحر الأحمر.

كان وزير التربية والتعليم الاتحادي بالسودان، محمود سر الختم الحوري، كشف عن دمار وتخريب 40 في المئة من المؤسسات التعليمية بولاية الخرطوم، فيما توقع مراقبون أن يتجاوز عدد المدارس والجامعات المدمرة في مناطق القتال 75 في المئة من جملة المؤسسات التعليمية بالسودان.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منتصف أبريل 2023، يعاني السودان أسوأ أزمة تعليمية، نتيجة تعطيل الدراسة على نطاق واسع من البلاد في جميع المستويات، ولم يتمكن أكثر من 90 في المئة من الأطفال في سن المدرسة المقدر عددهم بـ19 مليون طفل في البلاد من الوصول إلى التعليم الرسمي وسط تحذيرات من أن يؤدي التعطيل المستمر للتعليم إلى أزمة تراكم دفعات وأجيال في السودان.

اندبندنت عربية

‫2 تعليقات

  1. هؤلا الفلول لا ضمير لهم لان كل أبنائهم الان في الخارج ويتعلمون في أحسن المدارس يسكنون أفخر المساكن. بالله عليكم في ظل أجواء الحرب والنزوح كيف يستقيم الأمر. مثلا ولاية الجزيرة الان الدعم السريع يسيطر على كامل الولاية وهؤلاء الاغبياء لن يستطيعوا ان يفتحوا اي مدرسة في الجزيرة واصلا معظم سكان الجزيرة اجبرهم الدعم السريع على ترك قراهم وجميع المعلمين نزحوا داخل وخارج السودان وكيف لهم ان يتأقلمون مع الظروف الجديدة التي تنعدم فيها مقومات الحياة الكريمة. مع الأوضاع الحالية يستحيل فتح مدارس خاوية على عروشها والاتصالات والكهرباء مقطوعة. هؤلاء المتاجرون بالمواطن لن يقدموا للسودان اي شيء ولا يمكن فتح مدارس في ظل السيولة الأمنية والا سوف نصبح مثل نيجيريا حيث يتم خطف البنات بالجملة من المدارس من قبل بوكو حرام والدعم السريع يحمل نفس العقلية. على أولياء الأمور عدم التفريط في بناتهم وأبنائهم والسماح لهم بالذهاب إلى المدارس التي أصبح لا تصلح بيئة تعليمية وللأسف التعليم تدهور على مرور ال ٣٠ سنة من حكم الكيزان الأغبياء حيث أصبح الطالب الجامعي يقضي ٧ سنوات في الكليات ذات الأربعة سنوات و١٠ سنوات في كليات الطب والهندسة والبيطرة. وهم الان يتظاهرون بالاهتمام بالمواطن وأبنائه وفي نفس الوقت يقومون طردهم من المدارس التي ناويهم انه التناقض كبير. الدعم السريع خدم الكيزان خدمة كبيرة حيث مهد لهم طريق العودة للحكم بانتهاكاتهم الجسمية لولا هذه الانتهاكات لوقف الشعب معهم ليخلصونه من الكيزان لكن للأسف ابتلعوا الطعم وبدلا من محاربة الجيش أصبح الدعم السريع يحارب المواطن في قوته وتدمير ممتلكاته وهتك أعراضه. الحل الأنسب الان ان يتم تقسيم هذا الوطن لان كافة العوامل الموضوعية لقيام دولة تضم كل هذه الهوام الآدمية قد انتفت. فمن الأحسن ان يعيشوا في دول متجاورة تربط بينها علاقات طيبة بدلا من دولة واحدة يعيش شعبها في حروب متواصلة ويطحن بعضهم البعض ورحم الله المفكر الكبير محمد ابو القاسم حاج حمد الذي تنبأ بهذا المصير المظلم للسودان وكان يقول ان وحدة السودان وحدة ومصطنعة غير حقيقية وارجوا ان يقرأ جميع ساسة السودان كتب هذا المفكر الكبير فيما يتعلق بازمة السودان وآفاق المستقبل. للأسف يبدوا هذا الكلام قاسي بعض الشيء لكنه بمثل الحقيقة وكما يقول المثل السوداني اسمع كلام من يبكيك ولا تسمع علام من يضحكك. وربنا يصلح الحال في السودان ويحفظ اهله البسطاء من كل شر وان يهلك الظالمين بالظالمين ويخرج المواطنين من بينهم سالمين.

  2. اتفق معك يا احمد و لكن قضية الانفصال شائكة و معقدة .. ثانيا حتى لو انفصلت دارفور سوف لن تنعم بقية المناطق بالاستقرار سوف تكون دولة في حرب دائمة او في حروب متواصلة فيما بينهم او فيما بين الدارفوريين انفسهم و اي عقل يسلم دارفور للمليشيا التي تدمر البني التحتية من مستشفيات و مدارس و خلافه في دارفور نفسها و ينهب املاك المواطنين و يسلمهم دولة ؟ مستحيل يا اخي احمد .. سوف تكون دولتين متناحرتين … لذلك عندما رأت الحواضن الاجتماعية لهذه المليشيا و ذلك الدمار و الاغتصابات انقسموا على نفسهم .. فيهم من دعم المليشيا و دون ان يستغل معارفه للترميم بل انتهج نفس الخطاب العنصري و العدائي و زاد الطين بله و فيهم من انضم لدعم الجيش المتغلغل فيه الكيزان و هم في الحقيقة لم و لن يكونوا كيزان و لكن الخوف فيما بعد الحرب دفعهم لذلك .. اصبح امر السودان معقد اكثر عندما تمترست القوى السياسية على مواقفها و حاولت تجريد الحرب من المشروعية الوطنية و حكمت حتى على من كان محايدا من حركات الكفاح المسلح بانهم كيزان و رفضت التواصل معهم و دعم موقفهم الإيجابي بل عول بعضهم على انتصار المليشيا على الجيش .. ثم تعويلهم على القوى الاقليمية و الدولية و من دون مجهود دبلوماسي مقدر ..ثم انهم رفضوا كل المبادرات و كل الوساطات داخل و خارج السودان و لذلك كانت النتيجة حرب دمار و لا أفق لوقفها و لا أفق لدولة مدنية و ديمقراطية في السودان .
    ربنا يكون في عون السودان لكن السودان انتهى يا احمد يا حليل السودان البلد الجميل الطيب .. نبكيك من قلوبنا يا سودان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..