مقالات سياسية

وطنية الجيش السوداني و الدعم السريع في فقه د. محمد جلال هاشم

وطنية الجيش السوداني والدعم السريع في فقه الدكتور محمد جلال هاشم (1-3)

كور متيوك

في خضم المعركة الدائرة الأن بين الجيش السوداني و الدعم السريع في العاصِمة الخرطوم انقسم الرأي العام السوداني ما بين مؤيد للجيش ومُعارضٌ لها ولكل منهم وجهة نظر مغايرة حول كيفية إنهاء الحرب وتحقيق أهداف ثورة 11 ابريل 2019، و الداعمين للجيش هم فئتين، الفئة الأولى يضُم أنصار وعضوية حزب المؤتمر الوطني والإسلاميين الذين ينظرون لما يدور من حرب في الخرطوم بأنها فُرصة العمر للعودة إلى السُلطة في السودان و أن سُلم العودة إليها هي القوات المُسلحة طالما أنهم قد استثمروا الكثير من المال لتطويرها وتحديثها وإعادة هيكلتها وذلك خلال الثلاثون عاماً التي قضوها في السُلطة، وكانت نتيجة الثلاثة عقود هي أدلجتها وإبعاد الكثير من الضُباط الوطنيين المحترفين وتَسْرِيحٌهم للصالح العام لأسباب شتى وكان معيار البقاء و التسريح هي الانتماء إلى الحركة الإسلامية والولاء لها و للمؤتمر الوطني و بالمقابل تم تصعيد صِغار الضُباط من الإسلاميين في هيكلية الجيش، حتى تربعوا على كُل المواقع الحساسة داخلها و أن أشخاص مثل عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش و شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة هم من فئة الضُباط الإسلاميين، لذلك فإن صعودهم إلى أعلى هرمية القوات المسلحة و الدولة (مجلس السيادة) لم تكن مُصادفة بل يندرج في إطار السياسة الكُلِية للحركة الإسلامية فيما يختص بالهيمنة على مؤسسات صنع القرار و المؤسسات الأمنية خاصة المؤسسة العسكرية باعتبار أن المؤسسة العسكرية هي الجهاز القمعي للدولة المركزية ولقد ظل الجيش يلعب هذا الدور لفترات طويلة منذ استقلال السودان في 1956 لأنها لا تتطلع بواجباتها الدستورية بل تعمل وفقاً لموجهات من في السُلطة.

طالما أن الجيش يعمل لتحقيق مصالح من في السُلطة وتسخر دورها في إرضاء النُخبة السياسية، وبما أن الدولة السودانية ظلت تُدار من قبل المركز العروبي وفرضت هيمنتها على السُلطة و الثروة منذ الاستقلال فهذا يعني أن الجيش لن يخدم المواطنين السودانيين العاديين والمُهمشين لانهم لن يستطيعوا الوصول الى السُلطة لإصلاحها حتى تُصير مؤسسة وطنية، وبما أن أشخاص مثل الدكتور محمد جلال هاشم يخشون انهيار المركز العروبي في الخرطوم وتفكك جهازها الامني وهذا ما يمكن أن يُلاحظ في موقفه من قوات الدعم السريع، فلقد شن هجوماً شرِساً على قائدها و أفرادها باعتبارهم مُجرد عرب بدو ومجموعة من الهمجية الذين لا يستطيعون إدارة دولة في قامة السودان وهذه فِرْيَةٌ مَدْعاةٌ للحيرة، خاصة عندما يَصدُر من شخص في قامته، طالما هم سودانيين من الغرب فلماذا لا يستطيعون إدارة جمهورية السودان كما يُديرها أهل المركز العروبي في الشمال النيلي، لقد أوضح موقفه الأخير حيال الأزمة في السودان بأنه والكثير من الشماليين محترفين في التمثيل و من خلال مسرحياتهم الطويلة والمُلهِمة حول الدفاع عن المُستضعفين و لثورة الهامش و المُهَمشِين و داعمين للتحول الديمقراطي وبناء دولة المواطنة وهذا يكشف أيضاً أنهم يمثلون أكبر تهديد للتحول الديمقراطي في السودان لانهم لا يريدون أي تحولات بنيوية بل تغيير شكلي و إذا شعروا بأن ثمة رياح للتغيير الجذري سيتسابقون لإجهاضها كما يفعل “هاشم” الأن.
الفئة الثانية بعد الإسلاميين وعضوية المؤتمر الوطني من المؤيدين للجيش لحسم الدعم السريع وما يسمونها بالجنجويد (صنيعة الجيش) تضُم مُفكرين و أدباء عرفوا بمعارضتهم الشديدة لنظام المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية ولكن أسميهم “المُشوشين” ولقد قاموا ببناء مواقفهم على أساس أن القوات المُسلحة هي المؤسسة النظامية و الوطنية الوحيدة التي يفترض أن يتم المُحافظة عليها بأي ثمن حتى لو اضطروا لحمل السلاح بأنفسهم “هاشم و ساكن”و من ثم يتم إعادة ترميم المؤسسة العسكرية لتأخذ شكلها القومي و الوطني المفقود، هذا موقف في قمة التشويش و بعيدة كل البُعد عن أجواء الحرب في الخرطوم وصِراع السُلطة و الثروة في السودان ومثل هذه العقلية لا يُمكِن أن يبني دولة المواطنة و لا يُمكِن أن يعتد بمثل هؤلاء لإحداث تغيير في مركزية السُلطة في الخرطوم.

أن مشروع بناء دولة المواطنة ظل حُلماً يراود كُل السودانيين في جِبال النوبة و النيل الأزرق و دارفور و الشرق، لقد ظل يراودهم حُلم أن يكون لهم وطن يشعرون بالانتماء إليها ولقد راود هذا الحُلم الجنوبيين لعقود حتى أدركوا بأن إحداث تغيير في السودان أصبح مضيعة للوقت و أن لا خيار لهم سوى الاستقلال وهذا ما حدث، أعتقد أن محمد جلال هاشم لم يعُد يهمه قضايا بناء دولة المواطنة والمساواة والعدالة لأنه أصبح مشغولاً بالدفاع عن المؤسسة الامنية القمعية للدولة المركزية و الإسلاموعروبية في السودان و على الرغم أنه لم يعلن بعد تخليه عن مشروع تفكيك دولة ما بعد الاستعمارdismantling the Postcolonial State وبناء دولة جديدة يحترم تنوع وتعدد الثقافات السودانية، غير أن مواقفه الأخيرة يفترض أن يفهم كذلك و بأنه “هاشم” قد رسم خطاً رفيعاً وقطيعة معرفية ما بين محمد جلال هاشم المُدافع عن حقوق المهمشين وما بين جلال هاشم كواحد من العاملين في حقل تكريس هيمنة المركز العروبي في الدولة السودانية.

من المؤسف أن يحتل قامة وطنية سودانية مثل الدكتور محمد جلال هاشم قائمة المشوشين ليصبح المشوش الأول بينما عرفه الكثيرين بأنه مِسْبَارٌ و مَنَارَة فِكرية مُتوهجة ينير طريق السائرين في ضلال الجهل، أنه ليس مفكراً سودانياً فحسب بل هو وأحداً من أهم المفكرين في افريقياو الوطن العربي وذلكفي حال أصبح مهتماً بالانتماء الى المركز العروبي، ولقد ظل يدافع عن قضايا الهامش و المهمشين خلال ما يقارب الأربعة عقود، لكن عندما رأى بأن الوقت قد حان لتفكيك الجيش كما ظل يُنادي – خطا خطوات تنظيم – و تقدم الصفوف وحمل راية الوطنية يدعوا السودانيين للوقوف خلف جيشهم النِظامي اسم الدلع للجيش الوطني، و لأن محمد جلال هاشم قامة فكرية و ذو قدرات معرفية غير محدودة فهو يعتقد أن عامة الناس لا يستطيعون فهم المعنى والعلاقة بين “الجيش النظامي و الجيش الوطني”. ويعتقد “هاشم” أن الجيش السوداني أحد أقدم الجيوش في افريقيا و العالم الثالث و أقواها، لذلك فأن هزيمتها من المليشيات سيعتبر فضيحة تاريخية وعار سيظل يُلاحق السودانيين من الوسط النيلي، خاصة أنه لا يعترف بسودانية منسوبي الدعم السريع لذلك فهو يدعوا الى الاحتشاد خلف القوات المسلحة من أجل هزيمة الجنجويد و الأجانب من غرب أفريقيا الذين يريدون غزو الخرطوم و احتلالها، وبالنسبة له فأن هزيمة الجيش يعني انهيار الدولة السودانية ولذلك لا بُد من تجاوز المواقف الحزبية الضيقة في هذه الفترة الدقيقة، أن موقف محمد جلال هاشم يعتبر تراجعاً كبيراً و رِدَّةٌ فكرية عن مواقفه وأعتقد أنه بحاجة لتوضيح موقفه بشكل جلي بدلاً مِن صد التساؤلات الموضوعية التي طرحها مثقفين سودانيين مثل الأستاذة رشا عوض و عمار نجم الدين و مُمارسة الأستاذية على كل من يسأل أسئلة موضوعية و دمغهم بالكسل الفكري والمغبونين بفوبيا الكيزان.

بالنسبة لي لا أرى فرقاً ما بين الليالي الجهادية التي كان ينظمها الحركة الإسلامية لنصرة و مؤازرة الجيش السوداني في حروبه المُقدسة في جوبا و توريت و ملكال و في هجليج و هنا أرى كل من محمد جلال هاشم و عبد العزيز بركة ساكن يتقدمون الليالي الجهادية الإنشادية نُصرةً للجيش الوطني السوداني و من المؤسف أن جلال هاشم يكتشف وطنيته بعد كل هذه السنين الطويلة، الغريب في موقف مفكرنا ليس دعوته للوقوف خلف الجيش ضد المليشيات، بل الغرابة في ازدواجية معاييره وعدم إتساقه التي تبدوا بأنها ستصبح سِمة مُميزة لمواقفه و هذا في رايي سيخصم الكثير من رصيده باعتباره من المُفكرين السودانيين القلائل المحترمين و الصارمين في تناول قضايا التهميش والتنمية غير المتوازنة في السودان ومن الذين عرفوا بمواقفهم الواضحة حيال أزمة الدولة السودانية المركزية ولقد كان يعتقد أن دواء دولة ما بعد الاستعمار هي بتفكيكها و ليس بترميمها لكن الان يعتقد العكس “ترميمها وليس تفكيكها”.

نواصل

[email protected]

‫7 تعليقات

  1. لا تحمل على محمد جلال هاشم بدون ادلة بائنة
    محمد جلال أبدى رأيه هذا في حميتي والجنجويد منذ سنوات ما قبل الحرب
    وحذر الخرطوم وبقية الأقاليم من أن ما يحدث في دارفور سينتقل إليكم
    عاجل ام اجل، تحدث عن مشاريع الإخلاء المميت واستيطان مجموعات عربية
    مدعومة من الاسلاميين لتفريغ الإقليم من سكانه الأصليين، تحدث عن أصول حميتي وال دقلو
    ووفودهم الي السودان بسبب الجفاف،، فرق بين المجموعات الوافدة المدعومة من الاسلاميين
    وبين الوافدين بسبب المحق، لم يتناول هذا الأمر على أساس انه شمالي قح مستميت في الدفاع
    عن أهله،، كيف يفعل ذلك ومحاضراته ومقالاته حول الهوية اكسبته عداء عنيف من الجماعات العروبية
    والنوبية، محمد جلال هاشم كان زرقاء اليمامة التي لم يلتفت إليها احد الا بعد أن أعمل فأس الجنجويد عمله في رأس الخرطوم

    1. ما ناكرين موقف محمد جلال هاشم التاريخي ضد الجنجويد
      المحير إنه ممكن يقيف مع جيش الكيزان ضد الجنجويد
      المصيبة إنه جيش الكيزان أكثر عداء للمجموعات الأفريقية في السودان
      من الجنجويد
      وله في ذلك تاريخ طويل من أيام حرب الجنوب ودارفور
      المحير هو تأييد موقف الجيش لمجرد إنه جيش المركز والدولة
      والدولة دولة منو ؟؟؟؟
      الجلابة
      والجلابة ديل ما عرب
      أفارقة زي الباقيين
      لكن متعوربين أكثر من العرب
      لذلك طاشت سهام محمد جلال و قبض متلبسا بدعم جيش القتلة الجلابي الكيزاني

  2. شكلك بتكتب ساكت دكتور محمد جلال قال الجيش السوداني قومي وليس وطنيا. جيب رابط اوفيديو قال فيهو محمد جلال انه الجيش وطني…
    واذا ما لقيت مفروض تعتذر للقارئ لانك بنيت تحليك علي معلومة غير صحيحة.

  3. شكلك بتكتب ساكت دكتور محمد جلال قال الجيش السوداني قومي وليس وطنيا. جيب رابط اوفيديو قال فيهو محمد جلال انه الجيش وطني…
    واذا ما لقيت مفروض تعتذر للقارئ لانك بنيت تحليك علي معلومة غير صحيحة. xxx

  4. كنتم تقولون ان دولة جنوب السودان ستكون واحة الديموقراطية في أفريقيا لكنها الان بفضلكم دولة فاشلة بمعنى الكلمة الا يقودكم هذا لاعادت النظر في مفاهيم التهميش واستغلاله في حرق المراحل من أجل الوصول للسلطة والثروة.

  5. أموال الإمارات يمكن أن تشتري الدعم للجنجويد
    من الاتحاد الأفريقي الي جامعة الدول العربية
    اما عن ساسة جنوب السودان مثل اخوتهم ساسة الشمال
    أرخص من التبش، وهذي الايام كل من يحلم ببضعة دولارات
    عليه أن يعلن عن نفسه عبر مقال في النت مدافع عن الجنجويد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..