(الديكور الجديد).. الطاغية محتالاً محتاراً..!

* يظن عمر البشير أنه دائماً سيفلت من مصيره بالحِيل المؤقتة والمقترحات البائسة؛ والتي تكون إما أكاذيب صريحة أو مسميات سياسية مخادعة لا تعدل معوجاً في بلاد اختار لها الإنهيار.. فالكارثة تكمن في أشخاص نظامه وأولهم هو؛ لن يتغير الوضع الكارثي بابتكار مسميات أو مؤسسات اعتباطية.. من هذه الحيل ــ المشار إليها ــ حواره الذي نادي إليه خِفاف القوم من كل حدب وصوب في 2014 وعُرف بحوار الوثبة؛ ذلك الذي جمع في مائدته (البيض الفاسد)! وانتهى إلى لا شيء؛ عدا ما يطمح إليه الدكتاتور وهو حشد وجوه (بلا ماء) يتقوى بها وتشرعِن وجوده الفاقد للشرعية أصلاً..! ظل البشير يلهث طوال السنوات ليبقى كاخطبوط بكافة الصلاحيات الفرعونية ليكون الأعلى (المنفرد) تعويضاً لعجزه وفشله وبُغض الشعب له! طالت غزواته المؤسسات بلا هوادة لتحقيق فرعنته؛ بينما الذين يحشدهم للمشاركة في مملكته الدموية من المؤسسات والجماعات والحركات عليهم ألا يتعدوا حدود كونهم (ديكور)..! البشير يستميت في الديكوريات وليست لديه همة ليكون رجل دولة مسؤول وفاعل وأمين ونزيه بمشاركة الآخرين (في السلطة المطلقة).. كيف له أن يتفرغ لهذا الشرف مع انشغاله بذاته وتحصينها بالأشباه؟! لذلك لم يكن ابتداعاً غريباً عليه وهو يشغل الساحة طوال الأيام الفائتة بمستنسخ آخر يضاف لما قبل وما بعد (حوار الوثبة) لكن بملامح مختلفة.. مُستنسخ من أجل ذاته.. وهل يرى أبعد منها؟! هذا المستنسخ الواهي اسمه (المجالس الرئاسية)! ولن يقدم حلاً لمصائب السودان؛ فالمصيبة الأولى وجود الطاغية نفسه بخيباته اللا محدودة..! ولا أشك في درايته التامة بهذه الحقيقة الصارخة؛ لكنه رذل وثقيل وسخيف لأبعد حد؛ ولذلك سيظل مُنكِراً لكافة الحقائق الصارخة التي ينتجها وجوده في الحكم..!

* المجالس الرئاسية التي يحتال بها البشير لحل الأزمات المختلفة؛ عبارة عن ابتداع قصد منه تمتين شوكته؛ بدليل أنها (شيء) تم بتقديره.. هذا المراوغ المخادع يفتتن بالمسميات من غير فعل خالص لحل أزمات مجلجة أزمن في تخليقها؛ فبالتجربة ثبت أنه لا يقترح من أجل الوطن فهو (الوطن)!! وبدليل أن ذات المتوافقين معه في ابتداعات سالفة منها (الحوار) استنكروا هذه المجالس المبتدعة؛ وأعني بالمتوافقين (الأكلة) من الأحزاب والجماعات الذين هرولوا طمعاً في مغانم حوار الوثبة الذي تشكلت منه حكومة النفاق وليست الوفاق..! ونقرأ استهجانهم الآن لمجالس البشير الجديدة في جزء من أخبار راديو دبنقا: (قوبل إعلان الرئيس عمر البشير مساء الاربعاء بتشكيل (4) مجالس سيادية برئاسته باستنكار واستهجان واسعين من الأحزاب المشاركة مع الحكومة بموجب مخرجات حوار الوثبة ووصفت أحزاب مشاركة إعلان البشير بأنه انقلاب وسلب لصلاحيات مجلس الوزراء ورئيسه وعزلاً وتهميشاً للبرلمان وقبراً لما يسمى الحوار الوطني ومخرجاته). انتهى.

* أولاً: مجلس الوزراء والبرلمان والحوار الوطني وحتى المجالس الرئاسية كله حشف من مكيال واحد! ولا تعني لنا هذه الأماكن بحشفها سوى تحصيل حاصل استبداد.. و.. نحتقرها كمولود (مسخ)!

* ثانياً: سنتجاوز بعض البرلمانيين المستقلين والمبتزين ممن طعنوا في مجالس البشير المُبتكرة وانتقدوها.. لكننا بصدد الحديث عن هؤلاء المتوالين مع البشير بالأمس والمستنكرين لتخبطاته اليوم؛ أي جماعة الوثبة؛ وقد كانوا على علم تام بأن أيّة خطوة يتخذها تأتي حفاظاً على (جثته) التي مازالت تتحرك! تحصيناً لها من الأخطار المحسوسة داخلياً وخارجياً..! لقد أيقن البشير أن الشعب الذي سامه العذاب ليس مصدر أمان بالنسبة له؛ ولذلك يجتهد باستمرار ليؤمِّن نفسه بنفسه عبر تكتلات بشرية من المرتزقة والانتهازيين أمثاله ليبقى فرعوناً.. يعتصم بكرسيه الراجف بانتظار مصيرٍ أسود على الأرجح أو مجهول على الأقل..! من هذه التكتلات التي دعمت البشير نجد الأحزاب والكيانات المتهافتة المشاركة في السلطة صورياً بأجر (الفتات)! فهل يحق لهم استنكار ما أقدَم عليه الطاغية بتكوين مجالسه الرئاسية المفتراة؟ السؤال موجه لقطيع الأحزاب والجماعات ممن ارتضوا بتقوية دويلة البشير الأمنية الشريرة ضد الشعب.. ارتضوها تحت بريق واغراءات السلطة بالتبعية والأنانية.

* باختصار: المجالس الرئاسية التي شغلت الأخبار؛ عبارة عن مأكلة مستحدثة لكيان ضم المستأنسين للسلطة ومن لا مواقف موجبة لهم تجاه قضايا الشعب السوداني الكبرى وأولها الموقف تجاه السلطة التي ما تركت شبراً أو جحراً لم تشمله كوارثها.. هذا الكيان (الديكوري ــ الرئاسي) لن يختلف أشخاصه عن سابقيهم في العجز عن تغيير أي شيء بالبلاد نحو الأفضل.. لأن شرط التغيير الابتدائي هو رحيل من اختار المجالس العبثية لتثبيت كرسيه وجمهورية فساده؛ ورحيل أشباهه في جميع الأجهزة.. ثم تكوين حكومة قومية محترمة وليست كالتي يحتكرها (التنظيم الإرهابي) الآن..! إن التغيير لا مفر منه إلّا إليه؛ ولو كره المنافقون.

خروج:

* الذين يضاهون البشير سوءاً وانحطاطاً؛ أولئك المؤمنون بأنه طاغية فاسد ومفسد يحتال على الشعب بالمسميات والوعود الكذوبة تحت ضغط الحيرة الشديدة مع ورطات نظامه؛ ورغم ذلك تنفتح شهيتهم بمنتهى اللا وطنية لدعم جبروته..! والبشير في هذا الوقت تحديداً تشل تفكيره حيرة ممزوجة بقلق جبّار بعد وصول الشعب إلى نقطة تحت الصفر بالمعاناة الشاملة وإعلان التمرد على الظلمة اللصوص بمختلف الأساليب.. فمن يشاطر الطاغية في محنته الراهنة؟! بالتأكيد سيجد أعواناً من الباحثين عن مغانم (النهب الإسلاموي) مثلما وجدهم أمس.. ثم.. تحتويهم المزبلة جميعاً.
أعوذ بالله