لا وصاية

لا وصاية

شريفة شرف الدين
[email protected]

أس الأزمة الإنسانية في علاقته مع أخيه الإنسان هو التوقع .. نجيز لأنفسنا أن نرفع سقف توقعنا لأعلى ما يمشي الخاطر .. و نوسع محيط الأفق دائرة بلا نهايات ثم نسحب كرسيا و نجلس .. نسمع و نرى حاملين قلما أحمر نصحح به كل أقوال و تحركات الآخر دون أن نعطيه حقا مماثلا بالمقابل كأنا نملك حصانة لا تخترق .. علينا شئنا أو أبينا أن نفرق بين علاقات غير ملزمة إلا في إطار ما يحدده العرف السائد في مجتمع الناس و بين علاقة تنسحب بالفائدة و الضرر على نحو مباشر كما هو الحال حين يقوم الآخر على أمورك.

إذا ارتضينا فلسفة أن إنسانا ما هو الأهم فإننا بالضرورة نعني أن إنسانا ما آخر هو الأقل أهمية من حيث لا نخدم غرضا و لا نؤخره غير أن نشبع ذواتنا بنزوات ضيقة لا تتعدى محيط الإنغلاق الفردي .. و إذا أفردنا مساحة من الحب و التقدير للآخر فإننا سننفرد بمساحات شاسعة في قلبه بالقدر الذي نريد دون أن تكون له أدنى الرغبة بتحجيم ما نقططع من مساحة قلبه الذي يبذله في سخاء ليسع الدنيا دون أن يضج أو ينفجر .. و هكذا .. فإننا عندما نطلق مفردة الظلام نعني انعدام الضوء مثلما تماما نرى الناس بتفاوت يتأرجح بين كفتي القبول و الرفض و لا نقبل إلا أن يرانا بكفة القبول .. ما أظلمنا في عالم لا يكاد يغترف أحد من بحر العدل الوافر!!

أستطيع أن أنال منك و لكن بالقدر الذي تسمح لي به .. كم من نكرههم و يحبوننا؟ و كم من نحبهم و يكرهوننا؟

لا أشبهنا كبضاعة السوق و لكنا ندخله بلا وصاية .. نتوقف هنا و هناك بحرية كاملة .. نشتري على اختلاف كبير .. خامة .. لونا و مسمى .. ثم نجوب طرقات المدينة حاملين زحمة ألوان و لا أحد يستوقفنا مستنكرا علينا ما نلبس .. لكنا في ذاته الوقت لا نصادر همسا دار بين اثنين يبديان رأيهما فيما نرتدي و هكذا تستمد الحياة بهجتها عكس لو أنها كانت متشابهة الصور متكررة الألوان.