النداء الأخير قبل التفتيت والاحتواء!!.

.د. هاشم حسين بابك

رعاد الوضع السياسي للركود بعد أن انتعش قليلاً بفضل المفاجأة الخفية التي لم تكتمل أركانها بعد ولم تفاجئ أحداً بعد، إنما أُصيب الجميع بالدهشة التي امتزجت بخيبة الأمل!!
ولعل مبعث الركود هذا هو القرارات التي اتخذت في أكبر دولتين تأثيراً في المنطقة وهما مصر والسعودية اللتان وضعتا الاخوان المسلمين وبعض الفصائل الإسلامية على لائحة الإرهاب!!

وهذه القرارات ليس المقصود منها الأخوان المسلمين بالذات إنما المقصود منها حركات الإسلام السياسي الذي يعتبر الآن العدو الأوحد للسياسة الأمريكية عموماً!!
والسودان اليوم في حالة تفكك سببها الأساسي غياب الحكم الرشيد والتدهور الاقتصادي وانعدام التواصل بين أطرافه الشاسعة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.

طبقت الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي سياسة الاحتواء على الاتحاد السوفيتي، وشيد الغرب ستاراً حديدياً عليه، فأصبح حبيساً خلف ذلك الستار لا يستطيع الخروج منه ومن ثم كانت نتيجة الاحتواء أن تفرق الاتحاد السوڤيتي أيدي سبأ!!
في حالة السودان يتم تطبيق سياسة عكسية الغرض منها تفتيت السودان وحين يحدث التفتيت يتم الاحتواء، فالسودان الموحد يصعب إحتواؤه!!

أي إرجاع السودان إلى الحالة التي كان عليها قبل الثورة المهدية، فقد كان قبل ذلك مجموعة ممالك وحدتها الثورة المهدية باسم الإسلام، ولكن الصراع على السلطة كان المهيمن على القادة آنذاك هو الذي سهل رجوع الاستعمار مرة ثانية!! ذات الأخطاء التي ارتكبت في نظام المهدية تم ارتكابها بواسطة الإسلاميين الجدد الصراع على السلطة، الفساد، إهمال حال العباد تدمير البنيات التحتية والضعف الواضح، والدخول في حروب لا طائل منها، وضعف الجيوش أمر غاية في الخطورة على بقاء الدولة، إذ تظهر نتيجة ذلك الضعف مليشيات وفصائل متمردة لا تأتمر بأمر وتعيث في البلاد فساداً!!

وهذه المليشيات هي من ينشر الفوضى في البلاد ويسرع بتفككها!! ونجد النظام الحاكم وحتى المعارضة في حيرة مما يجري داخل البلاد وفي محيطها الإقليمي حيث تتخذ القرارات السياسية والاقتصادية التي لا تؤثر في النظام الحاكم فحسب إنما تؤثر في حياة المواطن الاقتصادية الأمر الذي يزيد فيه عدم الانتماء للسودان الموحد ويزيد فيه النزعة الانفصالية، وهذا بالضبط ما يخطط له الغرب الاستعماري وترتاح له السياسة الأمريكية حيث يسهل تماماً احتواء الدول الضعيفة التي تنتج عن ذلك التفكك!!

أمريكا نالت دروساً قاسية في أفغانستان والعراق ولكنها نجحت في تفكيك تلك الدول وعمليات الانسحاب التي جرت في العراق لم تكن تجنباً للخسائر المادية والبشرية فحسب بل كانت بسبب التفكك الذي حدث في العراق واقتتال العراقيين مع بعضهم البعض، ذات الأمر حدث في ليبيا التي تمت صوملتها بعد أن قضت الطائرات الأمريكية وحلف الناتو على قوة القذافي واغتالته وبقي السيناريو الأخير الذي سيقوم به الليبيون خير قيام حسب المخطط الأمريكي!! وكذا الأمر في مصر وسوريا التي تشتعل فيها الحرب الأهلية ومصر المهددة بها فهنا وفي هذه الحالة يسهل الاحتواء!!

اضعاف الدول العربية وتفتيتها فيه أكبر مكسب وقوة لإسرائيل التي تبتهج كل ما قامت حركة انفصالية في بلد عربي!! فالكل يدعي الإسلام وشعاره «هي لله» وما هي بذلك، وهذا بسبب الوقوع في الأخطاء التي وقع فيها الأسلاف ولم يعتبروا بما حدث لهم!!

يقول الله تعالى في حديثه القدسي «من يعرفني ولا يخافني سلطت عليه من لا يعرفني» ويقول في كتابه الكريم ما معناه إن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم!!

هذه الإنذارات الإلهية لا تعيرها الأنظمة الحاكمة اهتماماً ولا تراجع مواقفها وتتحول إلى عمياء بعد أن كانت بصيرة!!
يقول المولى عز وجل «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا» فهل جاهد نظام الحكم في أمر الله حتى يهديه سُبله! ويقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام «الدين المعاملة» فهل ظهر ذلك الدين في معاملة اولئك الذين أعلنوها نفاقاً هي لله؟!

أعتقد أن الأمر ما زال فيه أمل، والحفاظ على السودان يتم بأن نقدم للمواطن حاجته من الخدمات على أقل تقدير بقدر ما تأخذ منه من ضرائب وأتاوات فالمواطن لو وجد التعليم والعمل والعلاج لارتبط ببلده ارتباطاً وثيقاً ولعبد الله كما ينبغي، هل كان الراعي سيفكر في عدم الارتباط بالدولة لو وجد المرعى والمياه لمواشيه..؟! وهل كان المزارع سيشق عصى العصيان على الدولة إن وجد المياه لزرعه ووجد ما يرحل له إنتاجه للأسواق المحلية والعالمية!!

إن خلفية الأغلبية الساحقة للسودانيين هي خلفية رعوية والراعي موطنه حين يجد المرعى والماء والكلأ وما أسهل أن نجد له في سهول السودان الواسعة ذلك الوطن الذي يرتبط به!!
وهذا الأمر لا يحققه سياسيون يصارعون من أجل السلطة يفسدون ويُفسدون من أجلها، إنما يتم بأيدي أهل الخبرة والعلم من التكنوقراط. إنه النداء الأخير!! فهل من مدّكر؟!.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الاستاذ هاشم حسين بابكر جوزيت خيرل وكما تساءلت هل يجد من اذن صاغية وعقل مستوعب وضمير مؤنب ( هل من مدكر ) عشمي الضعيف الواهن نحن حاليا ننفخ في قربة مقدودة حتى انقطع نفسنا

  2. مشكلتنا اخي د/ هاشم هي كلها فيما يعرف بالاخوان المسلمين – بغض النظر عن الجهة التي استقت منها هذه الفكرة ولا الجهات التي دعمتها وتدعمها حتى اليوم هم الذين حولوا الاسلام الدين السمح الى حركة اسلامية ليفسدوا الدين وتحويل الدين الى الصراع السياسي البحت بحجة (الحاكمية لله) وبالتالي تكفير المجتمع الذي لا يؤيد فكرة الحاكمية لله واكاد اجزم انها كلمة حق لم يرأد بها الحق وادخلوا الدين السمح في أتون الصراع السياسي وجعلوا غاية الدين هو التكفير والحكم بغض النظر عن سلوك الداعين للاسلام السياسي فهيئاتهم ليست دينية ولا يهمهم تطبيق الاسلام في انفسهم بل كل همهم السلطة والمال والثراء والبذخ .. ويتمتمون ببعض الايات والاذكار ويرون انفسهم انهم بهذه الحركات هم افضل من الناس الآخريين ويفتخر الواحد بانه اسلامي وانه تم تجنيده لهذه الفكرة من قبل الاستاذ الفلاني وحولوا الاسلام لحركة سرية همها السعي للسلطة التي لا يعان عليها من يكون هدفه السلطة ..

    ولم يوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم احدا كائنا من كان ممن جاءه للأسلام بالحديث عن السلطة او الحكم وانما كان حديثه صلى الله عليه وسلم ينصب فقط في تزكية هذا الشخص لنفسه وانقاذه لها من النار وقال الرسول صلىالله عليه وسلم لعلي كرم الله وجهه(لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) ولم يوصى لاحد من بعده بالحكم ولا كان الحكم همه صلى الله عليه وسلم اطلاقاً وكانت الامامة اي السلطة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تقوم على العدل ويقول لمعاوية بن ابي سفيان عندما جاءه بوضوءه يوما من الايام يا معاوية اذا حكمت فأعدل وجعل منزلة للامام العادل (انه يظله الله بظله) جعله في منزل واحدة مع (الشاب الذي نشأ في عبادة الله)(ومع الرجل الذي قلبه معلق بالمساجد) ومع الرجل الذي يبر بوالديه)وكلها عبارة عن سلوك فردي بحت ولكن جعل العدل هو القيمة المطلوبة ولم يقل امام متدين يحكم بما انزل الله لأن هذا الامام اي الحاكم مطلوب منه العدل في الرعية فقط وممكن هذا الامام العادل يدخل في الثلاثة فئات الاخرى (يكون قلبه معلق بالمساجد) ويكون بار بوالديه ويكون نشأ في طاعة الله) وهذه الاشياء كلها تمت لعمر بن عبد العزيز.. ما اريد ان اقوله ان الاخوان المسلمين جعلوا الحكم هو هدفهم المنشود وحوروا الدين في البحث عن السلطة وبعد داك يفعلوا ما يشائون..

    حركة الاخوان المسلمين تلبستها فكرة شيطانية وهذه الفكرة وراءها ما وراءها من افكار لتدمير الدين بمجموعات سرية وهم لا يفقهون انهم يدمرون الاسلام بالظلم الذين ينشرونه بين الناس واحتكار الاسلام والحديث باسم الاسلام مع العلم ان كبار الصحابة من المهاجرين والانصار برغم فساد بعض امراء بني امية الظاهر جداً جداً وبعدهم عن الاسلام كحكام الا انهم لم يقوموا بأي حركات اسلامية وكذلك كبار العلماء التابعين والائمة الاربعة والائمة الثمانية وكبار اهل العلم لم يدعوا الى حركات اسلامية بهدف الوثوب الى السلطة كما يفعل هؤلاء الذين ابعدوا الناس عن الاسلام بسبب نهمه الى السلطة وجوعهم وعطش للإرتواء من مباهج الحياة باسم الاسلام ولا يكفي النيات والادعاء بأنه يريد ان يطبق الاسلام وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم نهياً واضحا السعي للسلطة والحكم بأي دافع من الدوافع

  3. الدكتور قال ان امريكا واسرائيل تسعيان لتفتيت السودان . اضحكنى كثيرا .فالسودان حطمته ومزقته الجبهة الاسلاميه بعنصريتها الفجه وتخلصت من الجنوب ليصير السودان على مقاسها ولكن هيهات . حمل اهل الهامش السلاح فى وجه الظلم الذى لحق باهلهم واموالهم ونسائهم وبناتهم .خليفة المسلمين العنصرى قال لقوات المرتزقه من الجنجويد لا اريد اسيرا او قتيلا .. فقتلوا له ثلاثمائة الف وشردوا اثنين مليون نازح سلموهم الى معسكرات البؤس .. الدكتور قال يوفروا لهم الماء والكلأ ليرعوا ماشيتهم بهذه البساطة تحل القضيه ويتركوا الجبهة الاسلاميه فى حالها .الدم عمره ما يبقى مويه .. وكما تدين تدان والبادى اظلم ..قال امريكا قال .. على مين ياعم ..

  4. اقتباس:
    ((وهذه القرارات ليس المقصود منها الأخوان المسلمين………..))
    —————-
    كيف يعني ؟؟؟ ومن غيرهم من الحركات تمارس الإسلام السياسي!!!

  5. #(ويقول في كتابه الكريم ما معناه إن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم!!)
    *ليتك يا دكتور بابكر كنت متثبتا وواثقا من استدلالك؛ إذ ما أوردت هو نص قوله تعالي في سورة محمد:(إن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم)؛ و لم تنقصه إلا علامة التنصيص.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..