حتى لا يتحول المثل الى ( الرشاش يملأ شبكتو )

عندما كنا طلاب في الجامعة ، دائماً ما كنت اقول ان الجمعيات الأكاديمية والروابط الإقليمية والجهوية في الجامعات اكثر قدرة على خلق الحدث الثقافي والاجتماعي وبل الأكاديمي أحياناً كثيرة … ولها قدرة على ابتكار وتقديم حلول عملية لكثير من الاشكالات المرتبطة بواقعها ومجتمعها الجامعي او الإقليمي او جهاتها … اكثر من الجسم السياسي واقصد بها ( اتحادات الطلاب ) .. التي كانت دائماً منشغلة بالفعل السياسي وبما يدور خارج أسوار الجامعة منفعلة معه متأثرة به …
وأسوق هذه المقدمة في إشارة واضحة للمقاربة بين تلك الجمعيات الجامعية ومنظمات المجتمع المدني .
فالتحولات الكبيرة التي حدثت في السودان وما صاحب ذلك من فرز للكيمان على أساس عرقي وجهوي ، سيلقي على عاتق المجتمع المدني عبء كبير جداً لاستعادة الثقة بين مكونات ذلك المجتمع .
وما يجب عمله الان هو ( أن نحافظ على الوطن ) وحمايته من فوضى التجييش والتسليح الذي حدث .. وقد لعبت الحكومة والحركات المسلحة دوراً جوهرياً في هذا التجييش .
فغالبية حركات الهامش ( بمدلولها السياسي ) هي ( مسلحة ) … وتنظر إلى الاخر بمنظار جهوي … وهذا ما يعاب ويؤخذ عليها .. وهذا ما اضر بعدالة قضاياها الاجتماعية ، وجعل الكثيرون يختلفون في آلية التعبير عنها وخطاب تعبئتها القائم على فرز يضر أكثر مما ينفع بحيث يعطي كل من طرفي هذه المعادلة سنداً ( نفسياً ) في التعاطي مع الاخر .
وبالتالي وبكل سهولة وفطير نظر يتم الفرز على أساس عنصري . وهذا أدى الى :
أولاً ، ( فرز الكيمان ) على أساس عرقي وجهوي ، وثانياً ، ( فوضى السلاح) فيما بعد التغيير .
وهذا سيشكل مفترق الطريق … سودان ( الرشاش يملأ شبكته ) … على اعتبار ان خطاب التعبئة القائم على أساس فلسفة سياسية قوامها العرق والقبيلة والجهة … يحتاج لكثير من الجهد لتغييره لانه مرتبط بتكوين نفسي متجذر . لذلك يقع عبء كبير وكبير جداً على المجتمع المدني وذلك بالعمل في جانبين متوازيين والتفرقة القوية والواضحة بين دعم القضية ومآلاتها.
ففرز الكيمان على أساس جهوي وقبلي ..قيد يقدح في الحراك الاجتماعي نحو استدامة هوية جامعة …. وهذا واقع يصدقه تعدد الحركات المستندة فكرياً على هذين القيدين الجهة والقبيلة .
يجب ان لا ننظر – كما يفعل البعض – للأمور بمنظار عاطفي قائم على الحب او الكراهية حتى لا نقع في نفس المحذور. ولا بد من الاستفادة من التاريخ وجعل القضايا القضية هي التعبئة . لا العرق والجنس … ولا بد من استلهام تجربة الثورة المهدية عندما كانت المهدية هي القضية والوطن محورها … وكيف صار الحال عندما تحول الأمر الى صراع عرقي وجهوي فمن الغباء ( السياسي والاجتماعي ) التفرقة بمعيار العرق او العنصر او الجهة … فذلك سيكون مضر جداً عند جمع السلاح من مقاتلي الحركات المسلحة .