تباشير السلام المرتقب

من المهم تحليل زيارة الرئيس البشير الاخيرة الى جوبا لأنها تجيء في وقت عصيب اكتملت فيه هياكل دولة جنوب السودان ونضجت ووعت منافع السلام وانعكاساته على الأرض في الجنوب، ولأنها كانت زيارة مؤجلة ارتفعت خلف تهاويمها أصوات طبول الحرب ودعاة التجاوب مع المحكمة الجنائية الدولية للانتقام من الغرماء في شمال السودان. ورغم أن منظمات مدنية جنوبية لم تنس القيام بما يتسق ومنهجها في العمل التطوعي بالدعوة الى الاستجابة الى مطالب المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن حكومة جنوب السودان أثبتت وعيها بمطلوبات اللحظة ورغبتها في إكمال بناء السلام مع حكومة الخرطوم، ولذلك وصف العديد من المراقبين زيارة البشير الى جوبا بأنها ناجحة بمقاييس المصالح المشتركة للمؤتمر الوطني الحاكم في الشمال والحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان.
ولكن ورغم النجاح الذي وصفت به الزيارة، فقد جاءت صواريخ الحركة الشعبية قطاع الشمال لتشير الى وجود ثلمة في بناء السلام لا بد من تسويتها وسدها لكي لا تتوسع توسع أحلام وأماني دعاة الانفراد بالسلطة وتجديد التحالف القديم بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، ان تباشير السلام المرتقب تشير الى ضرورة بناء سلام كامل ومتكامل يغطي كل المناطق الملتهبة وبؤر النزاع، ولذلك تناولت الزيارة بشكل غير واضح العلاقة حول أبيي دون الاشارة الى مصير السكان في المنطقتين، مع ان الجميع يعلم ان سلاماً لا يشارك في صناعته سكان المنطقة من قبائل الشمال والجنوب هو سلام منقوص سرعان ما تغطي على غيومه سحب الدخان المتصاعدة من فوهات البنادق.
ولم يعد سراً أن تغييرات كبيرة حدثت في جنوب السودان صعدت بموجبها القوى الجنوبية المستنيرة لتشارك وتزاحم متخذي القرار في جوبا، وبالتالي لم تعد العقلية التكويشية القديمة للحركة الشعبية موجودة.. فقد أذهبتها عواصف الصراع والحروب القبلية في جنوب السودان التي اشتعلت عقب الانفصال مباشرة وأودت بحياة المئات بل الآلاف من أبناء القبائل في أعالي النيل والاستوائية، ولأجل ذلك سيخسر المراهنون على تجديد الشراكة القديمة بذات المواصفات القديمة مثلما خسرت البلاد السلام والاستقرار في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق بفعل تكتيكات السلام المنقوص.
وهنالك قضايا عالقة بين الشمال والجنوب ليس من بينها بالطبع ما يتعلق بالشؤون الداخلية لكلا البلدين أو هذا ما يفترض أن يكون، ولذلك ينبغي على الأطراف المرتبطة بالسلام التحلي بروح المسؤولية والرجوع إلى مضامين الاتفاقيات الموقعة لمعرفة الأسباب التي جعلت البعض ينقضها ويجترح طرقاً ملتوية ومضللة ساهمت في تأجيج الصراعات وإشعال النيران والفتن وخسارة أرواح ومقدرات أبناء السودان، نريد سلاماً نوصفه بتباشير السلام المرتقب بدون مماطلة ولا تسويف، فما اتفق عليه الطرفان في أديس أبابا لا يحتاج إلى لجان منبثقة ولجان منبثقة عن اللجان المنبثقة، لقد انتهت المفاوضات وعلى الأطراف العمل من أجل تنفيذ ما اتفقا عليه دون لف أو دوران، وإذا كانت هنالك ثمة ردة عما اتفق عليه فإن الزيارات المتبادلة لن تجدي نفعاً والافتئات على قضايا الراهن السياسي لن يعيد شراكة الشريكين القديمة مرة اخرى، فالشعوب تتعلم من الأحداث والدروس والعبر.
وكما أسلفنا في وقت سابق يتوجب على الطرفين سرعة فتح المعابر المتفق عليها وهو أمر سهل طالما رافق مدير الاستخبارات السودانية الرئيس في هذه الزيارة المهمة، أما بقية الوفد من الوزراء فالاتفاقية المصفوفة لم تدع شيئاً للنقاش حوله، وكل الأمور مرتبة وتنتظر الإنجاز والدخول في حيز التنفيذ، ومن المهم في هذا الخصوص الإشارة إلى ضرورة تمكين مبدأ الشفافية في كل خطوة ينجزها الطرفان، وبرأيي إن تكوين رقابة من منظمات المجتمع المدني المتخصصة من البلدين كفيل بقطع الطريق أمام الفشل وشيطان الفساد والأصابع التي جبلت على تخريب الاتفاقيات.

الصحافة

تعليق واحد

  1. مصلحة الشعب تقتضي ان لا يكون هناك صراع مع دولة السودان الجنوبي.. مصالح هذه العصابة اقتضت ان يكون هنالك صراع وكذلك اقتضت ان يكون هنالك اتفاق ومن اذا اقتضى الامر ان يكون هناك صراع لمصلحتهم فسيكن..
    ام انت ايها الصحفي وجريدتك الصحافة فقد سجل لكم التاريخ انكم تسوقون لهذه العصابة باعتبار ان افرادها رجال دولة وتستميتون في خداع الشعب بان هنالك دولة ولكن ستدفعون الثمن يا صحفي الغفلة وفعلا صحفي غفلة لانكم تظنون انكم ستفلتون من العقاب كما يحاول الفرعون الذ تحاولن تجميله الافلات من العقاب ولكن هيهات لان من يظن ان حال البلد هذه سنصلح بذهاب الفرعون اقتنع الان انه مع ذهاب الفرعون يجب ان تطير رقاب صحفي الغفلة من امثالك حتى لا تتكرر تجربة احمد البلال الطيب من مايو للانقاذ والذي اسنسخ الاف احمد البلال الطيب تنهش في عظا م هذا الشعب المتهاللك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..