عالم السلع وقضايا الفكر

ماهي قضايا الفكر الآن ؛ تلك القضايا التي ترتكز عليها مسيرة البشرية وتتوقف على حلحلتها ؛ لقد انتهى الاتجاه التقدمي الذي كان يناقش مشكلة الانتاج ورأس المال ؛ فهناك شبه استقرار على نجاح الرأسمالية العالمية في تحقيق الوفرة والرفاهية ، لم يعد هناك مجتمع قابل للانغلاق في مركزية السلطة وتخطيط الاقتصاد ، هناك رغبة ليبرالية حد الاتجاه للتحور إلى غريزة . شيء ما أسقط الفقراء والمعاقين من معادلة الاقتصاد والدولة وقانون السوق . أن تنسحب الدولة من القضايا الأخلاقية وأن تمارس دورها الحراسي والحمائي فقط لهذا النسق .
ماهي قضايا الفكر الآن؟ لايبدو أن هناك قضايا مطروحة على الساحة ، بل هو مجرد اجترار لقضايا القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين ولا شيء جديد . بل حتى ما أصبح كلاسيكيا لم يعد يشغل بال الناس أو يثير فيهم تلك الرغبة في التفكر ، فالتكنولوجيا طرحت نفسها كبديل عن القضايا النظرية. التكنولوجيا بعثت النزعة المادية والنفعية.. ، والرأسمالية اتحدت معها فأصبحت العقول الشابة طامحة إلى أقصى حد نحو المال ، إنها عقول تهتم دائما بالسلعة والأسهم ، وكل ماعدا ذلك غير عملي وبدائي ومفقر . الحواسب الآلية الهواتف المحمولة السماعات اللاسلكية الفلاشات الألعاب الرقمية ..الخ مما لا يخطر على قلب الشيطان والجن ، لقد تجاوز الإنسان حدود نفسه وطاقته .. فهل دحض ذلك وأفنى النزعة الأخلاقية أم أنه عززها ؟ هل فلسفة الأخلاق أصبحت لا معنى لها ، أو لا يكترث لها ، هل الجمال أصبح صوريا ولم يعد بحاجة إلى فلسفته ، هل الفن لم يعد له قيمة أم أن قيمته ازدادت؟ الحقيقة أن هذه الأسئلة المعيارية لم تعد مطروحة بهذا الشكل المباشر ﻷن الإجابات هي نفسها غير مباشرة وغير واضحة ، إن الجمال الآن يزداد قيمة حيث لابد أن يقترن بسلعة وكلما ازداد جمال هذه السلعة كلما ارتفعت قيمتها ، لكن هل الجمال المجرد لا يزال باقيا؟ لا إجابة.وكذا الحال بالنسبة للفن من أجل الفن ، والأخلاق المطلقة القيمة ، إن كل شيء أضحي خليطا من الموجود واللا موجود ، إنه ليس ديالكتيك ولا حتى صيرورة ، إنه مزيج غريب ومشوه من هذا وذاك . هذا الخليط خلق حالة من شعور بالفقدان أو عدم الانتماء للأجيال ذات التفكير القديم ، بل حتى للأجيال القريبة من مواليد الستينات والسبعينات من القرن المنصرم ، ﻻن إيقاع الأجيال القديمة إيقاع بطيئ جدا وإيقاع أجيال ما بعد الحداثة إيقاع سريع جدا وصاخب ومتغير ومتجدد ومتنوع وغير مستقر، إنه كموج المحيط متلاطم، وبالتالى فهو ليس مناخا للأفكار الكبرى الكلية بل مناخا للوجبات السريعة وللأخذ والعطاء والتجارة البكماء . ماذا أنتجت اليوم؟ هذا هو السؤال الذي هو عماد الأسئلة الوجودية . هناك أسئلة أصبحت أكثر الحاحا ، وهي اسئلة مباشرة ولا تحتاج إلى نظريات كلية ، بل إلى معالجات مباشرة ايضا ؛ كسؤال الفقر ، وبقايا الدكتاتوريات، والأمراض المستعصية كالايدز والسرطان والسكر وتقليل الحوادث المرورية …الخ هذه الاسئلة لا تترك مساحة للأفكار الكبرى . لم يعد كانط مهما ولا سبينوزا ولا هيوم ؛ فالحياة تعبر عن نفسها بوضوح وشغف واسعين ، الحياة متحركة ومتغيرة وصاخبة وعجلى ومنفتحة على الاحتمالات ، إن الألفية الجديدة نصبت جدارها الذي يفصل ما بين التواريخ الواقعة أسفله والحاضر بمستقبله. إن طريق الشباب أصبح واضحا ، السلعة ولا شيء غير السلعة. كم هو محظوظ.
الكردفاني
26 أكتوبر 2015
[email][email protected][/email]
أيقاع الحياة المتسارع
أسقط القضايا الكبرى و الحق
و الخير و الجمال
حتى الجمال لم يعد مطلوباً لذاته
السلعة حازت على هذه الصفة
و أصبحت تتباهى بها
أما القضايا الفكرية
جثمت على صدرها التكنولوجيا
و كتمت أنفاسها
كأن العالم الحالي لم يعد في حاجة
الى الأداب و الفنون و الفلسفة
نحن حالياً نعيش العصر الذي يهيمن
فيه خمس البشرية على أرجاء العالم
يملكون كل شئ و الأربع أخماس المتبقية
لا يملكون شروى نقير !؟!؟…
بل يخدون الخمس الذي يكمل
الواحد الصحيح !!!؟….