بين تطمينات أمبيكي.. وضمانات الواثق

ما أن تنفض جولة للمفاوضات.. إلا وتبدأ التكهنات بجولة جديدة.. الجولة الفائتة بدت مختلفة بعض الشيء.. من حيث الزخم الذي صاحبها.. والتطمينات التي استبقها بها أمبيكي والتفاؤل.. ثم من حيث الإحباط الذي أعقبها حد الفشل.. بدت لأول مرة جبهة المعارضة مدنية ومسلحة.. موجودة على صعيد واحد.. منذ انفضاض سامر التجمع الوطني الديمقراطي.. طيب الذكر.. صحيح أن عبد الواحد كان خارج المعادلة.. كعادته.. وصحيح أن قوى ذات ثقل.. مثل قوى الإجماع كانت خارج المعادلة أيضا.. ولكن الصحيح أيضا أن أسماءً طنانةً رنانةً كانت هناك مثل المهدي وجبريل وعقار وعرمان ومني.. والسودانيون أسرى للأسماء.. لذا كان التفاؤل عاليا.. فكان الإحباط عاليا كذلك.. ولكن تبقى الجولة الثانية عشرة التي انفضت كسابقاتها.. ما أن انفضت إلا وانطلقت التكهنات والتسريبات بقرب الإعلان عن جولة جديدة.. فآخر تسريبات الخرطوم تتحدث عن اتصالات من الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ومن الحكومة الإثيوبية كذلك.. لاستئناف المفاوضات.. غير أن الأهم من ذلك ما رشح عن جهود مكثفة لبعض السفارات الرئيسة في ما يسمى بأصدقاء إيقاد.. وهي ترويكا تتزعمها وتحركها عمليا الولايات المتحدة الأمريكية.. وترتفع وتيرة التسريبات لتبلغ حد لقاء مبعوث أممي بالمراجع العليا في الدولة.. وكل ذلك من أجل التئام جولة جديدة من المفاوضات..!
السؤال الملح والذي يسبق كل جولة هو: ما هو الجديد..؟ بمعنى.. ما الذي سيجعل الجولة الثالثة عشرة أفضل فرصا وأوفر حظا في تخطي المتفاوضين للأسوار العالية التي تحيط بالمواقف..؟ رغم كل الضجة التي أثارها الحوار الذي نشرته صحيفة الصيحة مع الدكتور الواثق كمير الباحث والخبير في الشؤون السياسية وأحد أبرز منظري الحركة الشعبية أيام عنفوانها.. إلا أنه وفي تقديري الخاص أن أخطر إشارة وردت في حديث الواثق كانت حين سئل عن فشل الجولة السابقة فقد كان رده: (ببساطة.. هذه هي الجولة الثانية عشرة بين الحكومة والحركات، وما ظهر للعيان أنه لم تتوفر أي ضمانات لاستثنائها من سابقاتها. وسيعود الطرفان للتفاوض مرة أخرى).. إذن لقد شخص واثق الداء.. بإيجاز لم تتوفر ضمانات لاستثنائها.. ولعل الواثق يعني التحضير الجيد.. يعني دفع الأطراف للانتقال لمربع جديد.. غير ذاك الذي تعثروا فيه في الجولة السابقة.. وهذا مما يحتاج لجهد حقيقي.. من الأطراف ومن الوسيط لابتداع الحلول لتجاوز العثرات.. ولتوفر الإرادة لتقديم التنازلات إن دعا الأمر.. وحشد الحجج لإقناع الخصم إن استدعى الأمر كذلك.. !
يذكرني هذا بحديث لهايلي منقريوس المبعوث الدولي السابق في السودان قبل سنوات.. قال لي الرجل يومها.. إن الطريقة التي يعمل بها أمبيكي لن تقود لنتيجة.. وأضاف.. هو في حاجة لمستشارين سودانيين ذوي ثقل.. وذوي قبول من الأطراف.. ليعينوه على التحضير أولا.. وعلى إدارة التفاوض ثانيا.. ولعله تأكيدا لحديث منقريوس.. فإن استعانة أمبيكي بالإمام الصادق المهدي كانت لها دور في تحقق ذلك الاختراق النسبي الذي شهدته الجولة المنصرمة.. والحديث الآن عن الجولة المقبلة.. فالتحضير الجيد وتهيئة الأطراف للانتقال لمربع جديد.. وحده هو الكفيل بتحقق الاستثنائية التي لم يجدها د. الواثق كمير في الجولة الثانية عشرة.. فهل يجدها في الجولة الثالثة عشرة؟.. لعل وعسى

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. ياأرزقي ..كيف ماشي استثمارك في الذهب ؟ قول للجماعة مايتغشوا زي المرة الفاتت ويبيعوا لي بنك السودان أمشوا الحبشة ….
    بالله خليك من قصة الكتابة دي لاننا بصراحة (………) خليك في مرسيدساتك وفي قروشك ومع نسابتك يامحمد لطيف

  2. ياأرزقي ..كيف ماشي استثمارك في الذهب ؟ قول للجماعة مايتغشوا زي المرة الفاتت ويبيعوا لي بنك السودان أمشوا الحبشة ….
    بالله خليك من قصة الكتابة دي لاننا بصراحة (………) خليك في مرسيدساتك وفي قروشك ومع نسابتك يامحمد لطيف

  3. الحكومة الآن شعرت بخطأ وفادحة موقفها المتزمت في الجولة الأخيرة للمفوضات في أديس أبابا وعدم تقديم أي تنازلات لصالح المطالب الموضوعية لثوار الجبهة الثورية، خاصة أيصال الطعام والدواء للمحاصرين بسبب العمليات العسكرية … فوجدت نفسها أمام ضغط وسائل الإعلام والميديا الأجتماعية التي أحتفلت وتفاعلت بكثافة مع مشروع إعادة هيكلة الدولة السودانية ومؤسساتها الأكثر حيوية (الجيش، الشرطة، الأمن، السلطة القضائية، المنظومة الأقتصادية ووسائل الإعلام المرئية، المسموعة والمقروءة)، الذي طرحته الحركة الشعبية في الأيام الأخيرة من جولة المفاوضات .. وهو ما فتح الباب واسعا على أوضاع الجيش والمليشيات المأجورة المتحالفة معه، هو ما يزعج النظام، خاصة في ظل التداول والتفاعل الكثيف للجماهير وأحتفاءها بمشروع إعادة هيكلة الدولة وإنهاء السيطرة المطلقة والحصرية لمنسوبي قبائل الأقلية الثلاث الحاكمة والمسيطرة على مفاصل الدولة ومراكز القرار بمؤسساتها منذ 1956….

    الآن النظام يمارس ضغوط كثيفة على الوساطة الأفريقية عبر مناديبه داخل المعارضة أمثال الصادق المهدي، بضرورة التعجيل لدعوة الأطراف إلى طاولة المفاوضات من جديد، وذلك بغرض تقديم تنازلات شكلية لصرف أنتباه الجماهير والإعلام عن التركيز على الأوضاع المختلة والتركيبة العنصرية المعيبة لمراكز القيادة والسيطرة بالجيش والشرطة وجميع مؤسسات الدولة، وهذا ما يهابه النظام ويشعر بالخوف والزعر من تناوله بواسطة الإعلام التواصل الأجتماعي….

    غير أنه وبعد أعلان الوساطة صراحة بعدم أسئناف المفاوضات في القريب العاجل، فأن النظام ومناديبه المتخفين وسط المعارضة يشعرون بورطة حقيقية، حيث سيستمر تداول الإعلام للأوضاع الجيش ويقتلها بحثا وتشريحا حتى أنعقاد جلسة جديدة للمفاوضات، علها تطرح موضوع يخفف الضغط الإعلامي عن أوضاع العنصرية المعيبة لتركيبة مراكز القيادة والسيطرة بالجيش ومؤسسات الدولة، وحتى ذلك الحين سيحدث كثير من التشريح لأوضاع هذه المؤسسات وفضح تركيبها القبلية المختلة … وهذا بالضبط ما يخافه النظام وماديبه من أمثال الصادق المهدي والواثق كمير..

  4. الحكومة الآن شعرت بخطأ وفادحة موقفها المتزمت في الجولة الأخيرة للمفوضات في أديس أبابا وعدم تقديم أي تنازلات لصالح المطالب الموضوعية لثوار الجبهة الثورية، خاصة أيصال الطعام والدواء للمحاصرين بسبب العمليات العسكرية … فوجدت نفسها أمام ضغط وسائل الإعلام والميديا الأجتماعية التي أحتفلت وتفاعلت بكثافة مع مشروع إعادة هيكلة الدولة السودانية ومؤسساتها الأكثر حيوية (الجيش، الشرطة، الأمن، السلطة القضائية، المنظومة الأقتصادية ووسائل الإعلام المرئية، المسموعة والمقروءة)، الذي طرحته الحركة الشعبية في الأيام الأخيرة من جولة المفاوضات .. وهو ما فتح الباب واسعا على أوضاع الجيش والمليشيات المأجورة المتحالفة معه، هو ما يزعج النظام، خاصة في ظل التداول والتفاعل الكثيف للجماهير وأحتفاءها بمشروع إعادة هيكلة الدولة وإنهاء السيطرة المطلقة والحصرية لمنسوبي قبائل الأقلية الثلاث الحاكمة والمسيطرة على مفاصل الدولة ومراكز القرار بمؤسساتها منذ 1956….

    الآن النظام يمارس ضغوط كثيفة على الوساطة الأفريقية عبر مناديبه داخل المعارضة أمثال الصادق المهدي، بضرورة التعجيل لدعوة الأطراف إلى طاولة المفاوضات من جديد، وذلك بغرض تقديم تنازلات شكلية لصرف أنتباه الجماهير والإعلام عن التركيز على الأوضاع المختلة والتركيبة العنصرية المعيبة لمراكز القيادة والسيطرة بالجيش والشرطة وجميع مؤسسات الدولة، وهذا ما يهابه النظام ويشعر بالخوف والزعر من تناوله بواسطة الإعلام التواصل الأجتماعي….

    غير أنه وبعد أعلان الوساطة صراحة بعدم أسئناف المفاوضات في القريب العاجل، فأن النظام ومناديبه المتخفين وسط المعارضة يشعرون بورطة حقيقية، حيث سيستمر تداول الإعلام للأوضاع الجيش ويقتلها بحثا وتشريحا حتى أنعقاد جلسة جديدة للمفاوضات، علها تطرح موضوع يخفف الضغط الإعلامي عن أوضاع العنصرية المعيبة لتركيبة مراكز القيادة والسيطرة بالجيش ومؤسسات الدولة، وحتى ذلك الحين سيحدث كثير من التشريح لأوضاع هذه المؤسسات وفضح تركيبها القبلية المختلة … وهذا بالضبط ما يخافه النظام وماديبه من أمثال الصادق المهدي والواثق كمير..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..