في مستريحة ….حين تأكل النار بعضها

قرشي عوض

أمهل حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية اهل اقليم دارفور مهلة 72 ساعة ليسلموا أسلحتهم. وقبل الحديث عن هل تستطيع الحكومة ذلك أم لا، دعونا نتساءل عن طبيعة الخطوة التي تعتزم الحكومة القيام بها. واختيار حسبو بالتحديد كرئيس لآلية جمع السلاح. فهناك أصوات ترى أن هذه الالية غير مؤهلة فنياً لانحيازها الاثني الواضح، ابتداءً من رئيسها وحتى القوة التي تنفذها،وهى قوات الدعم السريع. كما اعتبرها آخرون رسالة موجهة الى موسى هلال الزعيم القبلي وقائد مليشيا حرس الحدود .

وتذهب قيادات قبلية من هناك الى أن الآلية ليست وحدها غير المؤهلة، بل الحكومة نفسها غير مؤهلة لجمع السلاح. وهى التي وزعته على القبائل الموالية لها. مما اضطر مجموعات اخرى للحصول عليه لحماية نفسها. وذلك في إطار خطة الحكومة لكسر شوكة الحركات المسلحة. ومنع تمددها شمالاً نحو كردفان بعد عمليات ابوكرشولا وام روابة. ومن قبل عملية الذراع الطويلة التي وصلت حتى امدرمان.

ويبدو ان هلال لم يستلم الرسالة. وقام بعقد مؤتمر بمقر إقامته في مستريحة. أعلن من خلاله رفض قرار الحكومة بدمج قوات حرس الحدود التي تشكل عماد المليشيا التي يعتمد عليها. والتي تتكون من أهله قبيلة المحاميد إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان حميدتي، الذي ينمتي الى قبيلة المهرية. مما يعني أن صراعا محتملاً يمكن ان ينشب بين المجموعتين ويستقر نهائياً كصراع قبلي . خاصة في ظل وجود اجسام مسلحة، هى جزء من النزاع وتستقوي بموالاة الحكومة على الآخرين. بل ان ذلك تمدد حتى داخل القبيلة الواحدة مما يشير الى اهتراء النسيج الاجتماعي في الاقليم بطريقة يحتاج معها الى جهود جبارة لرتقه . تبدأ باتخاذ الحكومة مسافة واحدة من اطراف النزاع. وسد الفراغ في مؤسسات الدولة العدلية في الاقليم التي تعاني نقصاً مريعاً . ويجب ان تسبق كل ذلك تسوية اجتماعية وسياسية، وعقد مصالحات. وتحديد معايير واضحة للنزع ، وهل سيكون بتعويض ام لا. كما يجب اقامة مشاريع تنموية ، لان الناس هناك اعتمدوا على السلاح في معاشهم . ثم تبدأ من فوق ذلك العملية. والتي يجب ان تقوم بها مؤسسة محل ثقة كل الاطراف. مثل القوات المسلحة او الشرطة. وان كانتا تعانيان عجزاً يقعد بهام عن اداء المهمة فيجب معالجته .لسد الذرائع امام منطق الاستعانة بالمليشيات التي ثبت انها لاتصلح لاداء المهمة. فالحكومة تعرف لمن وزعت السلاح. وعليها ان تذهب مباشرة لتلك الجهات. وتطلب منها تسليمه بالتزامن مع تسليم الجميع. حتى لايحدث خلل في توازنات القوة. ربما تستغله جهات للقيام بتصفية حسابات مع آخرين . لكن البعض يرى ان الحكومة ليست راغبة في السير في الطريق الذي يجعل العملية تحدث بسلاسة. مما يشكك في نواياها. وهى التي ظلت تتحدث عن جمع السلاح منذ ان كان الطيب ابراهيم محمد خير حاكماً على اقليم دارفور ، كلما اشرف الوضع على الانهيار. او اختلت توازنات القوة العسكرية في غير صالحها، ببروز قائد له طموحات قيادية. وذلك حتى تتحايل على ماورد في اتفاقيات السلام منذ نيفاشا مروراً بابوجا وانتهاء بالدوحة. والتي تحدثت جميعها عن نزع سلاح المليشيات وحصره بيد القوات النظامية ، لانها لاتريد تنفيذ الاتفاقيات بالطريقة المتفق عليها، ولكن بالطريقة التي تضمن سلامتها . والآن قد شرعت فعلاً في المعالجة التي تقود الى تجدد النزاع، الذي دخل مرحلة جديدة. وأصبح بين المجموعات الموالية لها . واطلقت يد قوات الدعم السريع التي نفذت اعتقالات وسط عناصر حرس الحدود في بعض المدن . فيما تشهد منطقة مستريحة حشوداً عسكرياً ضخمة استعداداً للمواجهة.
الميدان