المَريسة حلال؟

تحت العنوان أعلاه، كتب صديقنا عبد العظيم صالح، على هامش زيارته للقضارف.. كتب بذكاء (ناس سقادي، وإنت ماشي لي غادي)، كتب بدهاء (ناس حوش بانقا وحفير الطير)، فحاشَ الفِكرة وحجبَ المعلوم، الأمر الذي يدعوني إلى التسديد المباشِر في المرمى، اقتناصاً لسانِحة البحث عن حل لأزمة المعاش التي ضربت بأطنابها على السودانيين ففتّقت جِراحهم، وجعلت الكثير منهم يتذكر، كيف أنه كان في سالف العصر والأوان، (جُراب عيش)..!

إن شئت كلام السياسة، فإن السلطة مِن حيث هي سُلطة، تظل مهمومة دائماً بالاستثمار في الفراغ.. كل ما يقال الآن عبر أجهزة البث الرسمية يؤكد، أن العيش راقد بالكوم والرّدوم، وأن خريف هذا العام ملأ القضارف بعبيرٍ فوّاح، بينما ظلّت أدوات السُلطة الافتائية تراوِح مكانها، في النظر إلى هذا المشروب الشعبي، بعين الحِقد والكراهية.

لأجل (تشهيل) هذا المشروب الشعبي وتوزيعه على أوسع نطاق، في أم درمان والخرطوم وبحري، من أجل تبريد الجوف، وتخفيف الحُرقة الحاصلة، ورفع العبء عن كاهل الجماهير.. لأجل ذلك، نحتاج إلى تطوير قدراتنا الافتائية، حتى تواكِب ارتفاع معدلات الإنتاج في القضارِف، وربك عارِف.. فإن كانت المريسة، كفرز أول غير ممكنة أو غير ملائِمة لتلك الموجهات الحضارية، فلا بأس من الافتاء لشعبنا بالفرز التالت، ليُباع إلى جانب الشربوت، الذي غزا المطاعم العاصمية.

هناك مخارج من أزمة المعاش عن طريق الاستثمار في عيش القضارف وسمسمها، إن لم تكُن الدولة فعلياً، مكبّلة بغرور تنظيمي، يعتد بالكوابح ولا يُقدِّم حلولاً واقعية.. ذكرني عيش القضارف بواقعة سارية حتى الآن، هي أن كيس الملح، ما زال يُباع في الدكاكين بجنيه.. بس ما تكلموا الجبهجية، مع أن الملح كان بتعريفة، عندما ظهروا..!

بعض أطباء الصعيد، في مدني وبركات ومارنجان، كانوا يوصون أهلنا الغبش الشغّالين في الحر، بشرب البقنية لتعويض الدم، وتنظيف الكلى، دا غير تخفيف الضغط النفسي والضجر، وغير الرلاكسيشن Relaxation الناتج عن ذلك الاستجمام.

هناك علاقة طردية بين القهوة والمريسة، كان يفهمها أصحاب الهموم، قبل وقوع سطو على قوت الناس.. قبل أن يغيّر هؤلاء، ما وجدوا عليه آباءهم.. ولمّا طلع هؤلاء على سرير البلد، كثرت الأمراض وتباينت الأعراض، وقل حيل الرجال في المُعافرة.. كل شيء نزل، إلا الأسعار.. الأزمة تجر أذيالها، والدولار في صعوده اليومي، وليس من سبيل غير الاستفادة من مقدراتنا، ابتداءً من (عنكوليب فداسي الحُلو ومتواسي، وقرع ودالعباس، العشرة بي قرش، والمية ببلاش).

جوال الذرة، فصيلة أبوسبعين بلغ سعره في الأطراف خمسمائة جنيه.. طالما أنها أزمة معاش، فلا بأس تسخير هذا العيش بشتى الوسائل والطرق، فهذه الحكومة لن تستبدله لكم بالكُنافة، ولا وزير ماليتها يعتني بالوفرة، ولا التسعيرة أصبحت من اختصاص وزير التجارة.. الآن كل جهة من العملية الاقتصادية شغّالة براها، و كل وزير (فارِز عيشتو).. في هذه الحالة يُستحسن، إدخال الأوقاف دائرة الفعالية لتحليل الفرز الثالث من المريسة، وتضمينه في النظام الغذائي السوداني.

إن نجحنا في ذلك، فسيكتنف الحراك الطرقات والأسواق.. ستزدهر وزارة النقل، ويجد الشغيلة فرص عمل إضافية، ولن تبقى في العراء حبّة عيش واحدة.. كل ذلك ممكن، لو لا أن المشكلة في المريسة نفسها.. طالما أن هذه (المسنوحة) ستدخل معامل الفحص، فنحن على علم أنها، بجميع فروزاتها، تكتنفها الفاعلية، بالتالي سيظل تحقيرها هو شأن النخبة الخرطومية، بينما الناس هناك، يعرفون قدرها.. أولئك الغُبٌش، لله درهّم، يحرصون على الجوامع والصوامع، ولا يفصلون تعسفياً، بين الدين والدولة، كما يفعل هؤلاء..!

اخر لحظة

تعليق واحد

  1. الفرز التالت دا المرتو ولا مانى غلطان..الله يخت محنك يا عبدالله الشيخ…حلال بلال المرتو والشربوت والدكاى والعسليه والبقنيه كيتا فى تطار الدين..

  2. بس المريسة مسكرة يا استاذ/ لقوله صلى الله عليه وسلم[كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ] إن كانت مصنوعة من عيش أو من برتقال أو عنب أو بلح..

    بعدين هي نفسها شراب بعد السكر وفقدان الوعي.. رائحتها نتنة وقذرة ودائما ما يصاب شاربها بالغثبان والاستفراغ.. وبتعمل الحرقان والامراض في المعدة لطريقة اعدادها..

    قذرة قذرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى..

  3. اخي عبد الله شكرا لك علي قطر الندي وبل الصدي وقد ذكرتني قصة حبوتنا الشمالية التي جاءت في حر شديد وجاءها احدهم بقطاع مريسة وقال لها بردي جوفك ردت انها مريسة لا تشربها فذهب وزادتها موية وصفي منها الكنقار ورجع قائلا انها تره فشربت حتي تجشأت وارتاحت فقال لها انها مريسة فردت ببساطه ( ان كان كدي المريسة في الصيف حلال في الشتاء حرام ) لعلها مفارقات عجائب السودان حين المريسة والدكاي هي مشروب فزع الحصاد كان الزرع والضرع وافرا وفيرا وحين جاء الهوس انزوي كل شئ وبقينا علي الحافه مسالة تحتاج لتامل وفكر بعيدا عن غلواء نخب وافتراء بدل خواء فالشربوت هو مسخ مشوه لاصله (الدكاي ) واهل الشمال يعرفون فوائد وايامها لم تكن هناك امراض كلي او سرطانات اوضعف لكن ناس عوج الدرب ولن يشاد الدين احدا الا غلبه !!!والجماعة هايصين ما عارفين يسووا شنو طارت حتي الفكرة من الراس واصبحوا سكري الحيره بلا مريسة ومثل حيرتهم تستحق الحد!!!

  4. فقه الضرورة الذي أحل الربا وهو أفجر معصية وحلل المكوس وعمر البشير ونظامه أكبر مكاساً علي وجه الأرض أرهق بمكوسه وضرائبه المتعدده المواطنين وحور وبدل مصارف الزكاة التي حددها الله من فوق سبع سماوات قادر علي أن يحلل المريسه والفطيسه وزنا المحارم فكله فقه ضرورة وفقه ستره وفقه تحلل فمن باب أولي أن يحلل المريسه حتي نستفيد من فائض الذره . ولا نقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..