مقالات وآراء

الفرق بين الأخبار يصنع الأزمة!

 

 

خارج السياق
مديحة عبدالله
كل من يرصد الأخبار اليومية في البلاد سيلاحظ الفرق بين الأخبار ذات الصلة بالمواطنين وأوضاعهم، وبين تلك المتعلقة بالصراع حول السلطة (تحديدًا حول هياكلها)، الأمر لا يحتاج لجهد كبير، فالأخبار الواردة في المواقع الأخبارية المختلفة صباح الأربعاء الماضي ذات الصلة بالمواطنين تشير للاتي:
ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان، نهر القاش يجتاح مناطق واسعة وسط نداءات استغاثة، حجم الأضرار بالمناقل يفوق إمكانيات الولاية والمحلية، تضرر ألاف المنازل في شرق دارفور والجزيرة من السيول.
الشق الآخر من الأخبار، غض النظر عن مصدرها، سلطة الانقلاب أو قوى سياسية يشير للاتي: البرهان يبعث ببرقية تهنئة للرئيس الكيني المنتخب.. اللجنة العليا لإعداد الوثيقة التوافقية تطالب بتوحيد المبادرات الوطنية.. توقيع اتفاقية تجارة الحدود خلال أيام.. قوى حليفة للجيش تطرح تعديلات على الوثيقة الدستورية.. انسحاب تنسيقية الشرق من قوى التحالف الوطني.. اتفاق وشيك لتشكيل حكومة انتقالية جديدة.. السودان يؤكد الحرص على تعزيز التعاون بين دول الايقاد.. والي شرق دارفور يلتقى رئيس القضاء.
ما أبعد الشقة بين الأخبار الأولى والثانية من ناحية التوقيت والمضمون، الخبر الخاص بارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان الراكوبة 17 أغسطس الجاري يكشف حجم الألم الذي يكابده المرضى خاصة الأطفال، جراء انعدام الأدوية وارتفاع سعر المتوفر منها، وتدهور الأوضاع في المستشفيات، أما أخبار من يواجهون خطر الغرق وضياع الممتلكات في أجزاء واسعة من السودان هي قد أصبحت ضمن (قائمة الأخبار) المعتادة على صفحات الصحف دون أن يبرز جهد حكومي متكامل للتدخل السريع لمعالجة أوضاع من تضرروا ووضع خطة واضحة المعالم لمنع مزيد من الأضرار خاصة وأن مناطق السيول معروفة، وكل المؤشرات توضح توقع المزيد منها ومن الأمطار الغزيرة.. مع كل التبعات الصحية والإنسانية والاجتماعية الماثلة الآن دون تدخل حكومي فاعل وسريع، ودعم مجتمعي واهتمام إعلامي بحجم الأضرار الحاصلة.
أزمة الحكم الحقيقية في هذا البلد ناجمة من هذا الفرق الشاسع بين قضايا وهموم المواطنين وبين اهتمامات وأولويات من هم في سدة الحكم وأولئك الذين يتطلعون للوصول لمقاعد السلطة، وما لم تصبح حقوق وقضايا المواطنين هي الأولوية وتتصدر أهتمامات من هم في الحكم والقوى السياسية والإعلام، سيبقى الحديث عن الديمقراطية والتغيير مجرد شعارات.
الميدان

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..