وداعاً 2015 .. مرحباً 2016 .. المُعاناة مُستمِرة .. فهل من مُتفائِل .. ؟.

اليوم يُسدَل الستار على عام 2015 ليستقبل الشعب السودانى بعد ساعات قليلة ? دون شغف ? عام 2016، وهو الشعب الوحيد الممنوع من إستقبال العام الجديد بمظاهر الفرح والإبتهاج بأمر السلطات برغم عدم وجود ما يدعو للإبتهاج أصلاً، ولكن لأن الحكومة كالعادة تخشى أن تتحوَّل مثل هذه الإحتفالات والتجمُّعات إلى مُظاهرات وربما إنتفاضة ضدها لما إقترفتها أيديها من أفعال أوصلت الشعب إلى هذا الحال من البؤس والشقاء كنتيجة لسياساتها ونهجها المُستمر فى ممارسة السلطة منذ يونيو 1989، فالعالم كله يحتفل بقدوم العام الجديد إلا السودانيين الذين لا يعلمون ما يحمله الغد القريب، ولا العام الجديد من مفاجأءت لا تسُر. فالسودانيين إحتفلوا هذا العام بأعياد الميلاد المجيد (الكريسماس) وبعض رجال الدين المسيحى يقبعون فى سجون النظام، ولا زال التضييق على المسيحيين ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية مُستمراً، ويصل التضييق أحياناً إلى إزالة الكنائس وهدمها وإغلاق بعض المرافق الحيوية مثل (المركز الثقافى الإنجليلى)، والمحاكمات التى تنتهى غالباً بالجلد والغرامة بمزاعم إرتداء أزياء فاضحة وخلافه، ولا زالت الإنتهاكات على أسس عنصرية مستمرة، فلا زالت حادثة أم دوم الشهيرة بتاريخ 14 أكتوبر 2015 غير بعيدة عن الذاكرة والتى تم فيها إغراق عدد من المواطنين بينهم طفلة بصورة تعكس العنصرية البغيضة والكراهية العرقية، وحادثة الإعتداء على المواطن جمعة رمضان بصورة غير مُبررة وإرتكاب إنتهاكات جسيمة فى حقِّه أدت إلى وفاتهِ، وهى حادثة تعكس حجم الكراهية التى أوصل إليها النظام المجتمع السودانى الذى عُرِف بتسامحهِ وتعايشه عبر التاريخ، ولا زال مسلسل إستهداف طلاب الجامعات الذين ينحدرون بأصولهم إلى المناطق المُهمشة مستمراً بتشريدهم وتصفيتهم أحياناً، ومن نجى منهم من الموت ظل مصيره السجون وزنازين النظام، وما تحمله صفحات التواصل الإجتماعى من تراشُقات عُنصرية يومياً خير دليل على تفتُت وتشظِّى المٌكوِّنات الإجتماعية للبلاد.
يمُر عام 2015 و (حلايب) لا زالت تحت الإحتلال المصرى، وأراضى واسعة بشرق البلاد تحت الإحتلال الأثيوبى، وملايين اللاجئين السودانيين ينتشرون بدول الجوار فى مصر، و تشاد، و ليبيا، و أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وأثيوبيا، بالإضافة إلا ملايين آخرون ينتشرون نزوحاً بمدن البلاد من (كلمة) و(أبشوك) بدارفور التى يوجد بها أكثر من (40) أربعين معسكراً، إلى معسكرات ولاية جنوب كردفان و النيل الأزرق، وآلاف الأطفال الذين يموتون جوعاً ومرضاً داخل مجارى المياه فى قلب العاصمة الخرطوم. والحكومة السودانية تستقبل اللاجئين من سوريا، واليمن، والعراق، وتقدم لهم المأوى والمأكل وتغضُّ الطرف عن لاجئيها بدول الجوار، ولا تلتفت إلى مئات السودانيين الذين غرقوا بزوارق الموت هرباً من جحيم النظام، وبعضهم لجأ إلى إسرائيل طلباً للأمن والحماية ..! ومنظمة التعاون الإسلامى تُكرِّم (البشير) ببيت الضيافة بالخرطوم وتختاره (رجل الدولة فى المسئولية الإجتماعية ..!!) فى صورة لا يمكن أن يُقال عنها سوَى إنها مُستفزَّة للسودان والسودانيين. يتم تكريم البشير فى العام 2015 والشعب السودانى يرزَح تحت وطأةَ الجوع، والفقر، والمرض، مع إرتفاع الأسعار وتردِّى الأوضاع المعيشية بصورة غير مسبوقة، والنظام لا زال يعِد العُدَّة للحرب بتنظيم مُتحرِكات الإبادة المُدجَّجة بالسلاح إلى مناطق العمليات بجبال النوبة والنيل الأزرق، وترفض إدخال المساعدات الإنسانية إلى المواطنين فى تلك المناطق، فبدلاً عن السماح للمنظمات الإنسانية بإدخال الطعام والدواء، تُحرك إليهم فرق الموت من المليشيات والقتَلة المأجورين، والمفاوضات لا تراوح مكانها نتيجة لتعنُّت النظام وتمسُّكه بمواقفهِ التى تؤمِّن له حكم البلاد لسنوات طوال قادمة.
هكذا تبدو الصورة قاتمة ومُظلِمة مع نهاية هذا العام، فهل لنا أن نتفائل بقدوم العام الجديد برغم أن ما يلوح فى الأفق لا يدعو لذلك ..؟ ولكن ليستمر النضال، والنصر أكيد، والفجر آت لا محال .. وكل عام والشعب السودانى بخير.
[email][email protected][/email]
كالوشا بالوكا والعنصرة والعقد النفسية،،،كتاب جديد