الوزير فقد البوصلة

دعا وزير الإعلام الدكتور أحمد بلال لتحويل مخالفات الصحف من جهاز الأمن إلى المحاكم… وزير الإعلام وبعد سنوات من الصمت والمداهنة أحياناً، و”مسك العصا من النص” أحياناً أخرى، استجمع قواه أخيراً، وأراد أن يقول لجهاز الأمن اترك معاقبة الصحف للجهاز القضائي، لكن للأسف الشديد حديث السيد وزير الإعلام جاء باهتاً ومداهناً وقد تأخر كثيراً ومع ذلك جاء متزامناً مع المباحثات السودانية الأمريكية وزيارة المسؤول الأمريكي الذي دعا إلى إسقاط بعض المواد في القانون الجنائي والتي تتعارض مع الحريات، وفضلاً عن ذلك جاء حديث الوزير بمثابة التماس: “ندعو لتحويل مخالفات الصحف من جهاز الأمن إلى الجهاز القضائي”. وكأن الأصل هو الاحتكام إلى جهاز الأمن وليس القضاء… يا سعادتك أنت لم تأت بجديد ولم تنتزع للإعلام حقاً منذ أن وليت أمر الإعلام بل كنت خصماً على حرية الإعلام ووبالاً على الصحافة… وقد سبق أن هددت بإعمال سيف البتر، وكلنا يحفظ عبارات تهديدك المؤذية في هذا الخصوص… وأتحدى أي شخص يأتي ويقول إنك ناصرت حقوق الصحافيين والإعلاميين في حرية التعبير، أو ساندتهم يوماً منذ أن شغلت هذا المنصب لسنوات عديدة ولفترات متفاوتة، بل كنت ضعيفاً أمام الجهات التي تصادر حريات الصحافيين وحقوقهم، ولسان حالك عقب كل مجزرة يقول: (وأنا مالي روحو اسألوهم)..!!!..
طيب يا دكتور وكت أصلو الله فتح عليك وعايز تقول حاجة تساند بها حقوق الصحافيين، وحرية الإعلام، وتكفر بها مواقفك المتماهية السابقة، ما وجدت غير الالتماس الخجول هذا…؟
في تقديري أن دعوة وزير الإعلام لإحالة مخالفات الصحف إلى المحاكم أشبه بدعوة وزارة المالية أن تكون صاحبة الولاية على المال العام، فهذه أصلاً من المسلمات التي لا يختلف عليها اثنان… فالأصل أن الاختصاص في محاسبة الصحف المخالفة للقوانين السائدة ينعقد على المحاكم والقضاء وليس جهاز الأمن فلم تأت بجديد يا أخي ..
الصحف ظلت ولاتزال تواجه الكبت والمضايقات والملاحقات وازدواجية العقوبات ووزير إعلامنا الهمام (ولا على بالو)… وأريد هنا أن أشير إلى نموذج سييء للتضييق المضروب على الصحافيين ففي واحدة من قضايا النشر الشهيرة عندنا في “الصيحة” عوقبنا أربع مرات في قضية واحدة بدلاً عن مرة واحدة… بدأت التحقيقات معنا في نيابة الصحافة والمطبوعات، ثم في نيابة أمن الدولة بعد مصادرة كل أوراقنا ومستنداتنا التي تدين “غرماءنا”، ثم في نيابة الأراضي حيث كان حبسنا لساعات وكنت حينها مريضاً بالحمى، وبعد أشهر عديدة أصدرت محكمة جنايات الخرطوم براءتنا، ومع ذلك لاتزال محكمة الصحافة والمطبوعات المختصة حتى يوم أمس تنظر في ذات الوقائع التي يعود تاريخ نشرها للعام 2014، وفضلاً عن كل ذلك تعاقب الصحف بالمصادرات، وهو ما أشار إليه الوزير على سبيل الالتماس والتلميح..
اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين..
الصيحة
وهل كان لأحمد بلال بوصلةً حتى يفتقدها؟ هذا رجل مصاب بالفند الذي استعاذ منه الرسول الكريم.
وهل كان لأحمد بلال بوصلةً حتى يفتقدها؟ هذا رجل مصاب بالفند الذي استعاذ منه الرسول الكريم.