حول الخطاب الديني

فيصل محمد صالح

يمتلك بعض أئمة المساجد جرأة شديدة في انتهاز وجودهم على منبر الخطابة ليسوقوا لآرائهم وأفكارهم الشخصية، سياسية كانت، أو غيرها. ولست من المعترضين على تحديث لغة وقضايا خطبة الجمعة، والخروج بها من التقليدية، لكن أظن أيضا أن على الإمام أن يفرق بين المواضيع والقضايا ذات الطابع الديني التي يتعامل معه المصلون باعتباره مرجعية فيها، وبين آرائه الشخصية في القضايا العامة، والسياسية بالذات. لست أملك اقتراحا محددا في هذا الشأن، ولكن ما يفرضه المنطق أن على الإمام أن يشير بطريقة ما لما ينوي قوله من آراء شخصية، وهو هنا يتحدث مثله مثل أي مواطن.

الطريقة التقليدية لصلاة الجمعة وآدابها تجعل المصلين متلقين لما يقوله الإمام، ولا تتيح مناقشة ما يقوله الإمام أو التعليق عليه، وقد شعرت بالغيظ في مرات كثيرة من خطب بعض الائمة، وراودتني نفسي على الوقوف والاعتراض عليها.

كانت المرة الأولى حين قال الإمام بحرمة تحية المسيحيين في أعيادهم، وأردت أن أسأله : كيف تزوج الرسول الكريم ماريا القبطية، وكيف يتيح لنا ديننا الزواج من المسيحيات، بما يعني ذلك بناء أسرة وائتمانهن على حياة وتربية وأسرار الأسرة، ثم يحرمنا من تحيتهم في أعيادهم. وفي مرات اخرى تحدث الإمام في قضايا سياسية متنازع عليها، ويقف الناس منها مواقف متباينة، لكنه تحدث عن رؤيته هو والموقف الذي يتبناه سياسيا باعتباره الموقف الإسلامي، ولم يوضح لنا إسلامية هذا الموقف إلا باعتبار أنه اختار الوقوف فيه، وبهذا فقد احتكر الإسلام وجسده في شخصه، يتجه الدين أينما يتجه الإمام ، بينما المفروض أن يحدث العكس.

اعتدت أن أسمع خطبة الشيخ عبد الجليل الكاروري في راديو السيارة وأنا قادم من صلاة الجمعة، وهو أكثر من ينطبق عليه حديثي هذا، وأظنه مطالب بالتوضيح حول هذه النقطة. ماهي طبيعة خطبة الجمعة؟ وأين ينتهي الجزء الديني الذي يتلقى فيه المصلون عن الإمام، وأين ومتى يبدأ الجزء الخاص بالآراء الشخصية للإمام، والتي قد يتفق معه فيها المصلون أو يختلفوا، وما هو حكم الرد والتعليق على مايقوله الإمام والاختلاف معه.

سمعت للشيخ الكاروري خطب وأحاديث حول الشأن الداخلي، والموازنة، والأحداث في سوريا، والعلاقات مع الولايات المتحدة، ومايدور في مجلس الأمن، وزيارة مرسي للسودان، ومتابعات لأحداث ونتائج ثورة الربيع العربي. ويبدو من خلال المتابعة ان الشيخ عبد الجليل متابع جيد وقارئ منتظم للأحداث السياسية والاجتماعية في بلادنا والعالم، لكنه في النهاية يقول آراء شخصية يتفق ويختلف فيها الناس، وتعيد التساؤلات التي طرحناها في البداية.

وحدث مرات أن تم منع بعض الأئمة من الخطابة تحت بند أنهم يستغلون المنبر لأغراض سياسية، هذا في حال لم يعجب حديثهم الحكومة، فهل ينطبق نفس التوصيف على الشيخ الكاروري ورفاقه؟.

ليس عندي شك في أن الحكومة والحزب الحاكم تستغل منابر المسااجد للترويج لسياستها وردع خصومها، لكن من الممكن أن ينقلب السحر على الساحر ، وتجد من يحاصرها أيضا بالمنطق الديني، ويضعها في زاوية ضيقة، وعندها لن تجد من يصدقها في حملتها لمنع استغلال المساجد في السياسة.

أفق بعيد
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هؤلاء ليسوا أئمة مساجد يا فيصل. إن معظمهم تنابلة للسلطان وأبواق له. بعضهم منظم , وكلهم مأجورين. مثلهم و موظفي المحليات. فألمساجد أصبحت , في زمننا البئيس هذا, منبر للسلطان, مثله و ألإعلام المرئي و المسموع و المقروء. وماذا كنت تتوقع أصلا” يا أخي, و نحن نعيش في عهد التدليس و التضليل و النفاق. و من أسف, كله بإسم الدين.
    ورب الكعبه, الله الذي لا إله غيره لن تقوم لنا قائمه , وهؤلاء وأؤلئك هم أئمتنا وحكامنا و علمائنا.
    فلعنة الله على الظلمه و المنافقين و المفسدين. لعنة الله عليهم جميعا” ما شرقت الشمس و ما غربت و إلى يوم الدين.

  2. هنالك مقولة تقول إذا رأيت الداعية يرتاد علي مجالس السلطان فشك في دينه فما بال دعاتنا اليوم اصبحوا سلاطين فالكاروري بكل وقاحة يدعوا الحكومة إعطاء أراضي أهلنا الحلفاويين بارقين وهو مشروع اعاشي للمصريين ويحسب أن الأرض ملك له ولآبائه فبئس الحكام وبئس الدعاة إذا كانوا من أمثال هذا الكاروري

  3. المكاشفي…صلاح عووضه…فيصل محمد صالح…
    اطهر واشرف كتاب بلادي…
    نعلم انهم يضايقونكم..واكل العيش ما فيهو لعب….
    اكتبوا لهم من غير افراط..قد يسرهم هذا ويتركوكم تلقطوا رزقكم…
    لكن ارجوكم اكتبوا لنا هنا في الراكوبة باسماء مستعاره باتفاق بينكم وبين اهل الراكوبة العزاز…
    ارجو ان يجد رائئ هذا قبولا منكم ومن اهل الراكوبة والقراء الاماجد..

  4. يقال إذا رأيتم الداعية يرتاد مجالس السلطان فشك في دينه ودعاتنا اصبحوا سلاطين فكاروري طلب من الحكومة إعطاء أراضي ارقين بوادي حلفا للمصريين وهو مشروع اعاشي تابع لتعمير وادي حلفا وبحيرة النوبة للمصريين وكان الأرض ملك له ولابائهم فبئس السلطان وبئس دعاة الارتزاق

  5. الامام الذكي لايتجاوز الحد الادني الذي يجمع عليه المصلون وراءه. اي يلتزم بمعروف الناس وينأي عن منكرهم . ويبتعد عن إثارة مشاعر لاتنسجم مع وضع الخشوع والوقار في المسجد الجامع.

  6. فكاروري طلب من الحكومة إعطاء أراضي ارقين بوادي حلفا للمصريين وهو مشروع اعاشي تابع لتعمير وادي حلفا وبحيرة النوبة للمصريين وكان الأرض ملك له ولابائهم >>

    كمان ؟ والله قصة وآخرها لسه .

    وأنا من هذا المنبر أناشدواطالب السيد المشير أن يهدى قطعة أرض فى ((الخرتوم)) للرافصات المصريات لاقامة ملهى ليلى بعد أن ضيق عليهن الأخ مرسى شارع الهرم وعمله اتجاه واحد حتى لاينقطع عيشهن ,, وهن اخواتنا برضه ,, وسير سير يا البشير .. هو السودان ده حق منو ؟

  7. الائمة واللقاءات الجماهيرية والمسيرات والصحف لو ما كانت مؤيدة او تابعة للانقاذ او الحركة الاسلاموية فرع الانقاذ تضايق ولا يسمح لها!!!!
    هذا شىء معروف وبديهى من هكذا نظام!!!
    وحتى انتقادات بعض الكتاب شىء مرتب له وهم ينتقدون فى مربعات معينة واشخاص معينين وعندهم خطوط لا يتجاوزوها ويحسبهم الناس انهم مع الحريات وضد الانقاذ وماهم الا لاعبين فى صفوف الانقاذ لكن بادوار معينة!!!!
    المعايش جبارة ولا توجد مبادىء الا عند القليل من الناس!!!

  8. الامام الكارورى ليس مثقف وقارئ جيد ومتابع فقط .بل هو مكتشف و صانع اول عجلة فى تاريخ البشرية من الخشب و يمكن لمن يريد المزيد من المعرفة عن مقدرات هذا الامام الذهاب الى ادارة البنك التجارى السودانى فى اوائل التسعينات لتحدثكم عن هذه العجلة العجيبة و ما احدثته من طفرة عظيمة فى مجال النقل والتنقل والتقنية دون السؤال عن عملية التمويل المالى او العجلات المستوردة . او اسألوا عن مزرعة غابة الخرطوم الفاشلة

  9. شكراً يا عزيزي فيصل …
    خطبة الجمعة لدى جماعات الاسلام السياسي هي نوع من خطاب دعائي للدولة تُستغل فيه حساسية المكان والزمان ( المسجد كمكان وصلاة الجمعة كزمان ) وهي إذ تفعل ذلك تعتمد كثيراً على نظريات وفنون التسويق حيث يشابه جمهو المصليين ما يعرف في فن التسويق والترويج بالـ Captive Audience أو الجمهور الأسير( إختصرها في : الأسرى/ الاسارى) . خطبة صلاة الجمعة المعتمدة على هذا الفن تعتبر أكثر فعاليةً من خطط الترويج العادية(لبضاعة أو خدمة ) كما نادت بها نظريات علم التسويق فجمهور المصليين هنا يُُمنع من الكلام أو الإعتراض أو استيضاح الإمام / المروِّج . فعلي الجمهور أن يسمع فقط ومن يعترض فليقطعها في حشاهُ و يذهب وإن لم يفعل فهو مارق وزنديق وربما يقع تحت طائلة مادة الرِّدة . الكاروري إذ يقدّم خطبة الجمعة والتى هي على الهواء مباشرةً تُنقل على فضائيات وإذاعة الدولة ، الكاروري يعلمُ تماماً أنّ الذين يجلسون أمامه و يسمعونه على الهواء ، هم نوع من جمهور أسير عليه بتلقى المعلومات التى يصبهاعلى نوافيخهم فلا يقولون بِغم، والدولة تعلم ذلك بمعنى أنّ هذه هي الوظيفة التى يعمل فيها أئمة المساجدة في الدولة الاسلامية ويتقاضون علها رواتباًمدفوعة من عرق المواطن السوداني ، تلك الوظيفة هي : الترويج لسياسة وخط الحزب وسط جمهور من الأسارى الذين جاءوا ليؤدوا صلاة الجمعة بل هم يتسابقون في الحضور المبكّر ليقرّبوا ناقةً عَوض بقرة وكلّهم يركضُ فلا يقرّبُ بيضة، كما في الحديث الشريف .
    عزيزي فيصل ..
    لفترة طويلة كنتُ أتوجَّسُ ريبةً من مقولة ماركس: الديون إفيون الشعوب . حين أنظر اليوم إلي الجمهور الأسير يجلسون ينكِّّسون رؤوسهم في إذعان أردد في أسىً : هكذا يكون الدِّين أفيون الشعوب .
    ملاحظة : أدناه تعريف لمفهوم الجمهور الأسير في حقل الترويج والتسويق
    captive audience is a person or a group of people who have gathered in a certain place for a purpose and are provided or exposed to information that are unrelated to their actual purpose of being there. For example, students may gather in a classroom to study physics but may be “bombarded” with soft drink advertising or promotion. People queuing up at a petrol station or at a supermarket check-out are considered a “captive audience.” They are likely to stay there for a certain time and are thus “captives” for a while. Other examples may include people in a departure lounge in airports and sports stadia. Advertising for such “captive audience” is likely to be effective because there is a high probability of the advertising being read or listened or seen.

    Read more: http://wiki.answers.com/Q/What_is_a_captive_audience#ixzz2RMRkfrgV

  10. الكاتب فيصل محمد صالح هو احد الكتاب العلمانيين الذين يريدون لهذا الدين العظيم أن يكون فقط في الزوايا والتكايا والدروشة بعيدا عن قضايا وهموم الناس السياسية والإقتصادية والعلمية والإجتماعية وما علم هذا المسكين أن مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم كان منبرا ومقرا شاملا لجميع قضايا المسلمين فمنه تنطلق الرسائل السياسية لكسري وقيصر وملوك الأرض ومنه تتحرك الجيوش العسكرية للفتوحات وللدفاع عن دولة المسلمين ومنه تُعالج قضايا المسلمين الإقتصادية بجمع الزكاة وأموال الصدقات ومنه تتعالج مشاكلهم الإجتماعية والقضائية من زواج وطلاق وميراث وغيره ومنه يتلقون الدروس العلمية التي تعينهم علي أمر الدين والدنيا فالإمام ينبغي أن يكون ملما بكل قضايا الإقتصادية والسياسية والعلمية والإجتماعية لأن دين الإسلام دين الفطرة والحياة وهو صالح لكل زمان ومكان فعلي الائمة أن يكونوا ملمين وأن لا يميتوا علينا ديننا بجهلهم بواقع المسلمين أما ما يتحدث عنه الكاتب ففيه إساءة وتجريح للمسلمين وللمصلين بالذات بأنهم يساقون هكذا مثل القطيع لأفكار الإمام وأرائه وقد كذب والله في هذا الأمر فعبادة الأحبار والرهبان والتقيد بأرائهم هذه في بقية الأديان أما الإسلام فلا أما قوله (الطريقة التقليدية لصلاة الجمعة وآدابها تجعل المصلين متلقين لما يقوله الإمام، ولا تتيح مناقشة ما يقوله الإمام أو التعليق عليه، وقد شعرت بالغيظ في مرات كثيرة من خطب بعض الائمة، وراودتني نفسي على الوقوف والاعتراض عليها.) قيبدو أن جهل الكاتب بالكتاب والسنة وبلاهة فكره العلماني لم تمكنه من القيام والرد علي الإمام فلكم رأينا في كثير من مساجدنا الكريمة رأينا كثير من الإخوة المصلين يشقون الصفوف ويقفون أمام المصلين للتعقيب أو التعليق أو إبداء الرأي سلبا أو إيجابا فيما قاله الإمام ولا يجدون أي معارضة في هذا الأمر بل يقولون أراءهم بكل حرية ويلتزمون قواعد الأدب في الخلاف فديننا دين الحرية ليس فيه حجر علي أحد فكان علي الكاتب أن يتقدم المصلين لإبداء أرائه بدلا من هذا التهريج علي المواقع الإسفيرية وغرضه معروف ومفضوح هو النيل من الدعاة والنيل من المصلين ووصفهم بالرعاع الذين يُساقون وراء كل ناعق حيث يصفنا هذا الجاهل بالتقليديين

  11. يمتلك بعض أئمة المساجد جرأة شديدة في انتهاز وجودهم على منبر الخطابة ليسوقوا لآرائهم وأفكارهم الشخصية، هذا يكفيني من مقالك يا فيصل ورغم أختلافي معك ومع من تنتقد فالغريب أنك تستغرب أن يسوق الخطيب لأفكاره…فلأفكار من تريده أن يسوق؟ وهل انت بهذا المقال تسوق لأراء وأفكار غيرك؟؟؟أتقوا الله فينا وارحموا عقولنا …هداكم الله.

  12. حديث الاستاذ الصحفي فيه قدر كبير جداً من الموضوعية واسئلته اسالة مشروعة ولا يمثل بالضرورة راي العلمانيين فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا لا يتحرجون من سؤال سيد الخلق محمد صلي الله علية وسلم وكثير من ايات تبدا بـ يسألونك (عن الخمر) مثلاً وغيرها كثيراً جداً فالاسلام لم يكمم الافواه يوماً ولكن القضية اننا نفتقد جراة الصحفيين الذين يكتبون عن هذه المواضيع فشكرا للصحفي الذي كان موضوعياً ومهذباّ للغاية ولا اشتم اي رائحة للعلمانية في هذا المقال

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..