الشائعات.. حرب الكتائب الإلكترونية

تقرير:اسماء سليمان
اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي منصة حوار واقاويل تؤثر تؤثر بشكل مباشر على المجتمع، ومن الملاحظ أن الكثافة التي أصبحت تنطلق وتنشر بها تلك الشائعات أكثر ما تكون في الأمور الاقتصادية، وغالباً ما تسهم في خلق ربكة في الأسواق وزيادة في الأسعار وتنعكس آثارها على المواطن المغلوب على أمره. توجيهات رئاسية وجدت الحكومة نفسها في مواجهة مع تلك الشائعات التي تبث الهلع في النفوس واهتمت بالأمر في أعلى قمة الهرم، ووجه رئيس الجمهورية المشير عمر البشير خلال مخاطبته المؤتمر السنوي لتقويم الأداء للعام 2017 للمنسقية العامة للدفاع الشعبي بالمركز العام للدفاع الشعبي، بإعداد كتائب إلكترونية لمواجهة الحرب التي تسعى لهزيمة الشعب نفسياً، وقال إن هذه المرحلة هي مرحلة تعدد الكتائب، منها كتائب زيادة الإنتاج والكتائب الإلكترونية، ولفت الرئيس إلى أن أساليب الأعداء تتغير كل مرة، تارة بالمحكمة الجنائية الدولية وتارة بالحرب الاقتصادية، وذلك لكسر إرادة الشعب، وأضاف قائلاً (لكن محاولاتهم لن تزيدنا إلا قوة ومنعة). الجدير بالذكر أن الحكومة تتجه لتفعيل قانون جرائم المعلوماتية وتطبيقه بشكل صارم، وذلك لمحاربة الشائعات التي انتشرت عبر وسائل التواصل وسط دعوة جهات عدة في البلاد لتطبيق القانون بحزم، وذلك بعد انتشار موجة من الشائعات المختلفة، فيما أعلنت شرطة ولاية الخرطوم، في تصريحات صحافية سابقة، أن لجنة أمن الولاية اتخذت تدابير لمواجهة مروجي الشائعات ومتابعتهم والقبض عليهم وتقديمهم لمحاكمات وتوقيع عقوبات رادعة عليهم حفاظاً على أمن المواطن وتماسكه. تكتم حكومي في ظل التكتم المستمر على المعلومات من قبل أجهزة الدولة التنفيذية أصبحت الشائعات أسهل وأسرع الطرق للحصول على المعلومة الصحيحة من قبل المسؤولين بالدولة، والشاهد أنها بدت تتواتر عقب الميزانية الحالية الأكثر جدلاً بين سابقاتها، وأبان أن موجات الغلاء التي تجتاح البلاد ومحاولات الحكومة للسيطرة عليها، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي قائمة أسعار السلع الأساسية منسوبة إلى وزير التجارة حاتم السر، إلا أن الوزير سارع بنفيها وأكد أن كل الزيادات التي حدثت على السلع تمت بأحاديث مبنية على الإشاعة، وآخرها المنشور المنسوب لبنك السودان والذي يفيد تحديد سقف السحوبات لعملاء البنوك بعشرين ألف جنيه لليوم الواحد، وذلك على خلفية وجود عمليات سحب ضخمة تجاوزت مليارات الدولارات، الأمر الذي اضطر البنك المركزي للتبرؤ من كل ذلك ونفيه بشدة، مرجعاً شح ضخ الأموال إلى عطل في بعض الصرافات. سلاح ذو حدين وهنا يطل السؤال الأهم برأسه، من يطلق الشائعات وما الغرض منها، وفي هذا المنحى لم يستبعد المحلل السياسي د.راشد التجاني أن تستخدم الشائعات كسلاح في ظل الحرب السياسية بالبلاد، خاصة أن المؤسسات والسوق يتأثران بالمعلومة الصحيحة أو المفبركة منها، بيد أنه رجح أن الاستفادة من الشائعة سياسياً ليس بإطلاقها وإنما استخدامها يكون بعد إطلاقها الأول حيث تستفيد كثير من الجهات من الشائعة ومن ثم تعمد على تسخير منسوبيها لنشرها وتسخير وسائلها لذلك، ولكن التجاني وسع دائرة الاحتمالات بقوله إن حديث المسؤولين عن الشائعات لا يعدو عن كونه وسيلة دفاعية يتخذونها لإلقاء المسؤولية عن عاتقهم ورمي جهات أخرى بالقول. مرض نفسي الآثار السالبة المترتبة عليها تلك الشائعات جعلت وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي، يسخر من الإشاعات المتداولة عن الشأن الاقتصادي بمواقع التواصل الاجتماعي، ووصفها بالمضرة والمدمرة للاقتصاد، وقال حمدي في تصريحات صحفية إن الشائعات بخصوص الاقتصاد تزيد الهلع والقلق على المواطن، معتبراً أنها قد تصل لإصابته بالأمراض، كما دعا إلى محاسبة المعارضة حال اتضح أنها تبث الشائعات عن قصد، لافتاً إلى أنه يمكن محاسبتها بجريمة نشر الأمراض النفسية، نظراً لما تسببه الشائعات من أمراض نفسية وهلع لدى المواطن. أشخاص غير سويين ويبدو أن المجتمع السوداني أصبح تربة خصبة لنمو الشائعات وازديادها وانتشارها وقد ساعدت مواقع التواصل على زيادة نسبة الانتشار، وهذا ما أكدته اختصاصية علم النفس عزيزة عوض الكريم، خاصة بعد أن دمغت مطلقي الشائعات بأنهم أشخاص غير سويين نفسياً، وقالت في حديثها لـ(آخر لحظة) إن بعضهم يحب الشهرة وأن يصبح مصدر حديث الناس، والبعض لا يدرك خطورة الشائعة وأثرها النفسي والاجتماعي للآخرين، والبعض الآخر يعرف الآثار ويعرف مقدار الضرر ويصر على مواصلة إطلاق الشائعة، معتبرة الأخير من أسوأ الأنواع نسبة لإدراكه للخطر والمواصلة فيه، لجهة أنه شخصية تحب التمركز وتحب أن يتحدث عن شائعته، وبالتالي يكون قد أرضى غروره. مهدد أمني وفي السياق ذاته تخوفت الاختصاصية من أن تهدد الإشاعة الأمن القومي للدولة واستقرار البلاد، هذا على المستوى السياسي، مشيرة إلى آثار اجتماعية للشائعات تصل إلى حد تفكك الأسر خاصة عندما تكون أكذوبة تم نسجها بطريقة ذكية حتى يتم تصديقها، أما الأثر النفسي لمستقبلي الإشاعة خاصة من تعنيهم الإشاعة، فتقول الاختصاصية إنه يكون كبيراً ويحدث خللاً وحزناً وألماً لديهم، وقد تحدث لهم وللمقصود بالشائعة مشكلة نفسية تستوجب العلاج، ودعت إلى تحري الحقائق من مصادرها وعدم نشر أي معلومة أو إشاعة قد تؤثر على الآخر سلباً، ناصحة مستخدمي هذه الوسائل بالسيطرة على الشائعة والمساعدة على عدم نشرها وإيقاف الإشاعة عنده حتى لا تزيد نسبة الانتشار . توجيه سليم وبدوره وصف الخبير في مجال جرائم المعلوماتية مولانا عبد المنعم عبد الحافظ أن توجيه رئيس الجمهورية بتكوين كتائب إلكترونية لمواجهة جرائم الشائعات بالسليم، مؤكداً أنه سبقضي على الجريمة الأكثر شيوعاً ودعا لتنفيذه فوراً، وطالب عبد الحافظ بأن تضم اللجان أو الكتائب خبراء مختصين في مجال الجرائم الإلكترونية وتزويدهم بأحدث البرامج التقنية التي تساعد الجهات العدلية في ضبط المجرم الذي أطلق الشائعة، وأضاف لأنه ثبت إلينا أن مطلقي الشائعات يعملون في شكل مجموعات متخصصة، وأشار عبد الحافظ إلى أن توجيه الرئيس تزامن مع اقتراب صدور قانون جرائم المعلوماتية الذي تتم دراسته الآن ويتوقع صدوره في الأيام القادمة.
آخر لحظة.