ضرورة وموضوعية الحوار الوطني الان (1_3 )

لا شك إن الحوارهو قيمة أخلاقية مؤصلة في حياة البشرية من لدن آدم وحواء الي ميراث الله للارض ومن عليها , وهو انجع وسيلة لتقريب وجهات النظر المتباينة بين المختلفين في الكثير من الامور, سساسية كانت او إقتصادية او إجتماعية , وهو ايضاً فريضة دينية عظيمة لا جدال عليها كما إنه منهج راشد في إدارة التباينات بين الفرقاء والتطورات التي تنشأ فيها وبه تترسخ قيم التسامح والتعاون والتكامل بين الأطراف المختلفة ,العاملة في ساحة العمل الوطني كالاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والحركات التي تحمل السلاح ك(وسيلة مختلف عليها لتحقيق مطالب عادلة ) بالحوار تتنزل الحريات وتتأصل الديمقراطية ومنهج القبول بالآخر،قال تعالى : ( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) فكلما كان الحوار جاد وفاعل يعزز فرص التسامح بين مكونات الوطن رغم صعوبة الموقف وتجرع المرارات و حتي يغدو المجتمع أكثر أمناً واستقراراً تهون جميعها من اجل الوطن, ليسلم من التشظي والتمزق والعنف والتطرف, فالحوار هو الوسيلة الوحيدة التي تهيئ فرصة طيبة للبلاد حتي تخرج من معضلاتها التي ظلت تلازمها منذ فجر الاستقلال الي يومنا هذا , لذلك تظل الفرص أكبر وأوسع لبناء وطن تسوده الحرية والديمقراطية والمساواة والمواطنة التي تُضمن بها الحقوق للجميع والعدالة الاجتماعية والنهوض الاقتصادي.
إن البلاد ورثت تركة ثقيلة من سالف التاريخ السياسي بعد ان خرج المستعمروأُعلنت السيادة الوطنية التي فشلت بعدها كل الحقب الوطنية المختلفة في خلق وحدة وطنية جازبة واسس عادلة لإستدامة الديمقراطية وإلإتفاق علي التقسيم العادل للثروة والسلطة ,فالصراعات التي ضربت النسيج الاجتماعي وهددته علي مدي عقود من الزمان في مقدمتها ازمة جنوب السودان بتعقيداتها المختلفة والتي إنتهت الي إنفصال جزء عزيز من الوطن , بداء ظاهر انه من السهولة ان تتنتقل عدوي الانفصال الي اقاليم اخري بذات الدعاوي ,فكان جرس إلإنزار الذي جعل الحريصين من اهل السودان وطيفه السياسي ان يتحسسوا موقع الوطن من الخارطة الجغرافية , خاصة مع التطور السياسي والنضج في شئ من التجربة والممارسة السياسية ,إذاً لابد من وقفه , فتطور الازمات التي تعيشها البلاد من حروب في اطرافها المختلفة غرباً وشرقاً شمالاً وجنوباً و النزاعات المسلحة التي إستنزفت السودان موارد طبيعية وبشرية, والتدهور المريع في دولاب الحياة عامة عجل القبول بالحواروجعله واقع يسعي بين الناس , يكون الهدف منه والغاية هو تصالح ابناء الوطن بعد طول خصام ومشاحنة ليكن البديل هوالجلوس الي مائدة مستديرة ,تسهم في حل مشكلات البلاد المتراكمة دون تجزءة , تاتي شاملة لكل الاطراف كالاحزاب السياسية والحركات المسلحة ومنظمات المجتمع المدني وشامل الموضوعات و القضايا محل الخلاف والتي ظلت موروثة منذ الاستقلال تعاني منها البلاد الي اليوم فالحوار وحده هو الذي يتيح فرصاً للتوصل الي حل ناجع يضع حدا لإزمات البلاد المتطاولة .
بلا شك ان للحوار في بداياته له عوائق قبل ان تظهر مهدداته , فقبل الوصول الي النهايات بسلام ,يجب إستدراك ما يمكن تيسيره من عوائق و التي بعض منها يتمثل في الخوف و الخجل و المجاملة و إلاطناب وهذه جميعها تحتاج الي ردم الهوه بتعزيز الثقة بين ابناء الوطن الواحد, ليقدموا علي الحوار بإستبشارهم دخول عهدا جديد, تتساوي فيه المظالم التي وقعت علي ابناء الوطن في حقب زمنية مختلفة ,وهنا يلزم الامر ان تقوم العدالة قِسطاً بين الناس تمكنهم من معرفة الحقوق المسلوبة والمظالم التي وقعت عليهم ,ويتأكد كل مظلوم من حقه بالُسبل العدلية المعروفة ليتمكن بعدها من نيل حقوقه قصاصاً وعدلاً او بعفوٍ عند المقدرة, ولان العفو عند المقدرة يمكن المتسامح من ترك حقه طوعاً وإقتداراً لا عجزاً وظلماً و ترهيباً ,فالحوار يُلزم التجرد من المفاهيم الضيقة التي تحصر الامور في مصلحة الكيان او النفس بدلاً عن مصلحة الوطن وكذلك يستوجب الامر ترك الدوافع الانتهازية أو المطالب الفئوية او الجهوية المحدودة التي ظلت تمثل تهديداً لكيان الوطن ووحدته ,وايضاً يجب تناسي العصبوية المقيتة ليقوم الحوار ومن ثم إلإتفاق علي قواسم مشتركة ترضي الجميع, ويجب ان تنتفي كل الاشتراطات المقعدة و استدعاء التاريخ بغرض الانتصار للذات لان بداية الحوارتتطلب التنازل والسموء فوق جراحات الماضي لاجل تحقيق نهايات مرضية وغايات نبيلة تضع حداً للحروب والصراعات التي إستمرت لعقود من الزمان ، فلم يعد السودانيون يتحملون مزيداً من وضع المتاريس امام ترغب تحول ديمقراطي يفضي الي مرحلة إنتقال كاملة ,في المقابل يجب ان لا يكون الحوار مجرد عمل سياسي ينتج منه انتزاع شرعية لسياسة خاطئة أو موقف له كُلفة وأعباء كبيرة علي الوطن ، ولا نريده كذلك ان يوِلد اصطفائية سياسية تُعيد الدولة والمجتمع إلى حالة من الاستبداد والظلم من جديد, فجديته تتحقق باتكائه على قوة الحجة والبرهان ,وطرح الموضوعات بشفافية ,والرغبة الصادقة من كل ألاطراف في بناء دولة القانون التي تحقق العدالة والسلام والحرية والرخاء للجميع ,لا ريب أن المرحلة التي نعيشها هي مرحلة فاصلة في تحديد مسار السودان, وأن العبور إلى المستقبل يتطلب استشعار أهمية وطبيعة المرحلة ، وهو ما يشكل حافزاً للولوج في ثنايا حوار وطني شامل و ناجع ومثمر كفيل بتحقيق العدل والانصاف .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..