تسقط الإمتيازات التاريخية

زار وفد من قوى الحرية والتغيير، ولاية جنوب دارفور، أقاموا في حاضرتها نيالا، ندوة عن: الراهن السياسي، بميدان السيحني، الواقع شمال إستاد نيالا، وجنوب مستشفى نيالا التعليمي، والتي يحلو لبعضنا تسميتها: ساحة المولد النبوي الشريف، أمها جمع غفير من المواطنين، سيما الكنداكات، والشفاتة، تحدث فيها: الم. صديق يوسف، عضو اللجنة المركزية، للحزب الشيوعي السوداني، وسارة نقد الله، الأمين العام لحزب الأمة القومي، وإحسان عبد العزيز، عن الجبهة الثورية، أبانوا فيها ما كان ملتبسًا من معلومات وما ظلت تحمله أسافير التاريخ السوداني، من مساوئ وإنتهاكات ظلت ملازمة لكل النخب السياسية، لم يسلم منها إلا القليل، والمتتبع لأثر تاريخ السياسة السودانية، يقرأ من ثناياها أن القوم- قصدًا أم تهاونًا- لم يعملوا على كيفة إدارة البلاد في ظل التنوع الذي تتسم به، وصبوا جل إهتمامهم في توزيع السلطة والثروة فيما بينهم، ونسوا الشعب السوداني وتركوه قائمًا يترقب، ما يأتيه من فتات الموارد، وما كان لافتًا بالطبع، في تلك الندوة، تلك المداخلات التي قدمها الشباب الثائر المتوثب، المتقد بنور العلم والمعرفة، يتوشحه الوعى الساطع بنور العنفوان الشبابي، حيث قدموا نقدًا لازعًا للتجربة السياسية السودانية، لأحزاب اليسار واليمين، ولم تسلم الطائفية من سياط النقد، لدرجة أن التبرم كسى بعضًا من وجوه القوم، عندما لحقهم رأس السوط، وباتوا كالواجمين، وظل الشباب يردد عبارة: تسقط الإمتيازات التاريخية، ليعلنوا تمردهم ضد الأحزاب التقليدية، وإرثها التاريخي، بإعتبارها الشريك الأول في صناعة الزمات والحروب والصراعات، وهذا التاريخ الزائف، الذي لم يعبر عن التنوع الثقافي، أو السياسي، أو الإجتماعي، أو الجغرافي، الذي يعيشه السودانيون، منذ ولادة بلادهم- المسماة بالسودان- حيث لم ينتبه الأجداد، عندما كرسوا جهدهم لطرد الإنجليز، ونيل الإستقلال، دون التفكر والتدبر مليًا، في كيفية إدارة السودان، بهذا التنوع المتباين، فاصطرعوا جل وقتهم، في تقسيم السلطة والثروة، التي ورثوها من الإستعمار، وفاتهم قطار التعقّل والتفكير في كيفية حكم البلاد، الأمر الذي جعل، صديق يوسف، وهو يرد على مداخلات الشباب، بأن يبدي أسفًا وإقرارًا بكل الأخطاء التاريخية التي عمقت الجراحات بين مكونات الوطن، وإعترف صديق يوسف بالقول: نحن على أعتاب القبر، لذلك نعتذر على كل ما جرى، وسنعمل سويّةً على معالجتها، وتحقيق السلام الحقيقي والعدالة، دون إقصاء أو إزدراء لأحد.
دنيا دبنقا.. نور الدين بريمة