أخبار السودان

شيء ما يحدث في شارع المطار! فشلت كل الأقراص المنومة في تهدئة قلق عضوية حزب البشير حيال الانتخابات

الخرطوم – عزمي عبد الرازق

على نحوٍ خجول انتحى المؤتمر الوطني جانباً وهو في حيرة من أمره بخصوص الدوائر الانتخابية القومية، حزب (الشجرة) ضرب موعداً لتسمية مرشحيه وهو نهاية الأسبوع الماضي.. رشح من الأخبار المنثورة امتلأت بها دور الحزب الحاكم في الولايات بعيد أن تسلم المركز نسخته النهائية، لكن موعد ثان في وقت لاحق كان قد أعلن لاختيار المرشحين، لا أحد يعلم هل هو استدراك يضج بالإيحاءات على طريقة هاملت (شيء ما يحدث في الدنمارك) أو في شارع المطار، أم أن الوطني لم يفت في الأمر بالأساس، على العموم ثمة فرق بين الخميس والثلاثاء.؟ نائب رئيس الحزب إبراهيم غندور قطع للصحف بأن اختيار مرشحي الوطني للانتخابات سيتم بواسطة اللجنة التنفيذية العليا يوم الثلاثاء المقبل.. حسناً، قد يبدو في الظاهر أن هنالك استعجال لساعة الاختيار، لكن ما استشعره الكثيرون أن الغرض من ترحيل تلك الساعة الحاسمة هو مراجعة بعض التحوطات تجنباً لانفجار حقيقي وممكن الحدوث في مقر الحزب الحاكم.

ليس ثمة شك في أن عضوية الحزب الحاكم – المليونية كما يردد قادته – في حالة تململ وانتظار قاتل لإعلان الأسماء التي سيتم الدفع بها للانتخابات، ليس غراماً بالعمل الديمقراطي وإنما لأن السلطة في حد ذاتها هي الواقي من عواصف الفقر والضياع.. بريق المناصب لا يدانيه بريق، علاوة على ذلك فإن الوطني سيدفع بأكبر عدد من المرشحين للدوائر الانتخابية لجهة مقاطعة معظم الأحزاب السياسية للانتخابات، ما يجعل لتلك المواقع جاذبية أكبر ويسر في الوصول إليها لقلة التنافس، ولربما اشتد التنافس بين جماعة الوطني أنفسهم.! هنا قد تتقاطع المصالح بصبغتها البراغماتية، ولربما أيضاً أصاب الحزب شيء يرقى لأن يكون أشبه بتوابع الزلزال، كل يمني نفسه بليلى وليلى تتجمل للبعض، ما يفتح الاحتمالات على اتساعها. ساعتها يمكن النطق بالحكم: هل هو حزب رسالي أم ملتقى أهل مصلحة؟.. كل ما يجمع بينهم من خيط منضوم هو السلطة وامتيازاتها، السلطة لا غير، ذلك المزيج الغريب من الغيرة والرغبة في الحصول على النفوذ والوجاهة الاجتماعية ولو على حساب دماء الإخوة، فأخو الملك أيضاً يريد أن يكون هو الملك، كما هو الحال مع عم (هاملت).

إبان الانتخابات السابقة صك الدكتور نافع علي نافع مصطلح (المتفلتين) وقصد بهم بعض الذين رفضوا الخضوع لقرارات الحزب وترشحوا بصفة مستقلين، وهدد بتجريعهم (حبوب البندول) حتى لا يسببوا الصداع لقيادة الحزب، منذها أعمل المؤتمر الوطني سيفه في الأصوات النشاز فأعاد بعضها إلى بيت الطاعة وخرج البعض الآخر تماماً يشد على وثيقة الانعتاق.. لشهر خلت هدأت العواصف داخل الحزب الحاكم إلا من وميض مذكرات أخذت طابع السرية قبيل أن يشتعل أتون معركة الإصلاح والذي تمخض هو الآخر عن تيار عنيد صنع المفاصلة الثانية في الإنقاذ، في كل تلك الوقائع كانت الغلبة داخل المؤتمر الوطني لصالح تيار الصقور لو صح الوصف، لكن المتفلتين أيضاً في حماة الصقور، بالقليل تخرج (العكاكيز) ومعها الكلمات الجارحة وربما تُشهر الأيادي، بل أكثر من ذلك كما وصل الأمر إلى التهديد بالقتل في المؤتمرات الأخيرة، فالتهديد بالفصل لم يعد ممكناً في مواجهة الشعور بالتجاوز والإقصاء.

بالطبع ليس بمقدور أحد أن يبصم على نهاية مؤلمة للمؤتمر الوطني، لكن مؤشرات الانفجار الوشيك يصعب إخفاءها، الشاهد أنه قبيل أن تقول اللجنة العليا في الخرطوم كلمتها النهائية بخصوص الأسماء المرشحة اشتكت سائر الأعضاء بالولايات من السهر والحمى، ولاية الجزيرة كانت أكثر تململاً بعيد أن دفع الوطني للدوائر القومية بنفس الوجوه القديمة، ومنع الأصوات الشبابية الحالمة بالإصلاح من الاقتراب والتصويت، مؤتمرات المحليات أقيمت في مدني عوضاً عن المحليات لضمان تركيز مقادير الطبخة، ودفع الحزب إلى الخرطوم بذات الموجودين اليوم في المجلس الوطني من رجال أعمال وأبناء طوائف، رغم اتساع دائرة الرفض والإحباط، النيل الأبيض حذت نفس الحذو، وكذا الحال في سنار ونهر النيل وأخريات، حالة التحفز تلك دفعت الأمين السياسي لاستبعاد تفلت عضويته في الانتخابات، حامد ممتاز استبعد تماماً حدوث أي تفلتات في اختيار مرشحي الحزب للانتخابات بكل المستويات، وقال إن لوائحه ستحسم أي تفلت قد يقع، حديث ممتاز جاء عقب سؤال في لقاء تلفزيوني بالخصوص، لكن ما يردده الأمين السياسي قد يكون الغرض منه إرسال رسائل بعينها لنماذج من المتفلتين في غير أوان تفلتهم، رسائل تلوح بخنجر الحسم، وإن كانت الشواهد تقول بغير ذلك، سيما في الانتخابات السابقة والتي خرج فيها عدد وافر من أبناء الوطني عن ثوب حزبهم وخاضوا غمار المنافسة في تحد كبير لحزبهم، ولو اتسعت الموجة هذه المرة فلربما وجدت أسطورة الحزب الحاكم التي تضخمت على طريقة الخرافات الكبرى نفسها عارية في مواجهة حقائق المرحلة الحرجة، بالخصوص في غياب الدكتور نافع علي نافع الذي كان يدير الحزب الكبير بقبضة حديدية تتعذر اليوم أكثر وأكثر، وبلا مواربة يمكن القول إن كل الأقراص المنومة فشلت في تهدئة قلق عضوية الوطني حيال الانتخابات ولم يتبق إلا إشراك الجميع في بهرجة السلطة لكن المقاعد محدودة ولا تسع الجميع.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. شئ ما يحدث فى شارع المطار!!!! تقصد المقر الدائم للمؤتمر الوطنى !!!! هذا المقر كان سابقا مقر الماسونية السودانية…ومن افرع الماسونية جمعية الصداقة الشعبية العالمية ..وعلى رأسها الماسونى احمد عبد الرحمن

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..