مقالات سياسية

لن تحل قضية دارفور إلا في اطار قومي

سليمان حامد الحاج

صرح وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين بانحسار التمرد بدارفور عدا جيوب ضيقة شرق جبل مرة. وهو تصريح ينافي حقائق الواقع على أرض دارفور. وهو محاولة فاشلة مثل سابقاتها لحسم الصراع في دارفور عبر الحرب وليس الحوار الموضوعي.

فالأحداث التي وقعت في اليومين الماضيين باختطاف رهينتين أردنيتين يتبعان للبعثة العسكرية المشتركة الافريقية الدولية (اليوناميد) ونزوح 850 آسرة من وسط دارفور بسبب احداث قولو، وتعرض القوات النيجيرية بمنطقة الجنينة غرب دارفور لكمين راح ضحيته عدداً من الجنود. وهناك احدث كتم بشمال دارفور و التي راح ضحيتها محافظ المنطقة،ومؤخراً أحداث هشابة . هذه وغيرها من الأمثلة تدحض حديث وزير الدفاع عن انحسار التمرد وحصره في منطقة ضيقة في شرق جبل مرة. بينما وقعت هذه الأحداث في جميع ولايات الاقليم.

ثم هنالك سؤال مشروع يفرض نفسه وهو: اذا كان (التمرد) قد انحسر فما هى الأسباب التي دعته للذهاب وفي معيته وزير الداخلية وعقد اجتماعات في الولايات ووضع الخطط لحسم (التمرد) في دارفور.؟! وما هو دور قوات اليوناميد في المنطقة إن لم يكن هو حماية المدنيين و العائدين من المعسكرات؟

لقد عبر السيسي رئيس السلطة الاقليمية عن استيائه لعودة 70% من النازحين مرة آخرى للمعسكرات بسبب التوتر الامني بعد ان عادوا طواعية الى قراهم للاستفادة من فصل الخريف الماضي. وهذا يؤكد ايضاً عدم صحة حديث وزير الدفاع. وليس بعيداً عن الاذهان ماحدث في الاسبوعين الماضيين من قتال عنيف ادى لتشريد وتضرر 100 الف شخص في الصراع الذي دار بين قبيلتين عربيتيين في منطقة جبل عامر بشأن الذهب بولاية شمال دارفور. وحتى هذه الأحداث تتحمل مسؤوليتها سلطة الانقاذ و التي فتحت الباب على مصرعيه وتركت الحبل على الغارب عندما صمتت عن البحث العشوائي عن الذهب عن قصد لتشغل المواطنين بقضايا بعيدة عن مشاكلهم اليومية معها وهى تعلم علم اليقين بفشل مشروع الذهب هذا من فشل تجربة بنك السودان وما حدث في مناطق السودان الأخرى.

ان قضية دارفور لن تحل قريباً بالأساليب التي اتبعتها الانقاذ طوال السنوات الماضية وبرهنت على فشلها. وكل يوم تتفاقم المشكلة وتزداد تعقيداً. المؤتمر الوطني هو الذي أدى الى تدويل القضية ومع ذلك يصرح المتنفذون فيه ? كذباً- بأن مشاكل السودان لن تحل إلا سياسياً وداخلياً وبعيداً عن اي فرض لحوارات او حلول تأتي من الخارج.

ومع ذلك تضع الحكومة حل قضية دارفور في يد حكومة قطر وفقاً لاتفاق الدوحة. وقطر هى التي تشرف على كيفية الحل، بما في ذلك دفع المال لتسيير ادارة الحكم في كل دارفور. اكثر من ذلك ظلت الحكومة تماطل منذ توقيع اتفاق الدوحة في دفع نصيبها لتعمير دارفور والتزمت امام المانحين و العالم اجمع بدفعه. ولهذا ظلت قضية اعادة النازحين ووضع الاسس اللازمة لعودتهم الى ديارهم الأصلية مشروطةً بدفع الحكومة لالتزاماتها.

ان عدم التزام الحكومة بالقيام بواجباتها، يتمثل حتى في البنود التي لا تحتاج الى دفع أموال. فعلى سبيل المثال هناك تقديم كل الذين ارتكبوا جرائم في حق اهل دارفور من حرق للقرى بمن فيها من آسر وممتلكات و اغتصاب للنساء و الصبايا تحت سن البلوغ و القتل الجماعي وغيرها من الجرائم التي لا تحصى. كلها تشكل حاجز صد لعودة النازحين الى قراهم الاصلية. ومن عاد منهم رجع من حيث أتى بسبب انعدام الأمن و الاستقرار وممارسة المجرمين لذات الجرائم التي ارتكبوها دون تقديم اي منهم للمحاكمة.

يفاقم من ذلك الوضع المآساوي وقوف العديد من الولاة ضد القرارات التي يتخذها رئيس السلطة الانتقالية. لقد اكدنا في الحزب الشيوعي السوداني ان قضية دارفور لن تحل عبر الحرب ولا تغذية الصراعات القبلية التي يؤجج نيرانها حزب المؤتمر الوطني الحاكم تنفيذاً لسياسته المتمثلة في شعاره الدائم (فرق تسد) .

لقد توافق والى وسط دارفور يوسف تبن مع رأي الحزب الشيوعي بقوله ان مجتمع دارفور سئم الحرب و الصراعات القبلية ويتطلع الى السلام واعتبر اتفاق الدوحة يمثل طوق النجاة لهم، وآقر بوجود احتقان قبلي يجب ان تتواصل الجهود لمنع انفجاره عبر مؤتمر لادارة التعايش السلمي.

اننا سنظل نكرر ولن نمل ذلك متمثلين الحكمة أو المثل القائل (لن يستقيم الظل و العود اعوج). فقضية دارفور قضية قومية لا يمكن حلها عبر القهر و العنف وتأجيج الصراعات القبلية، بل بالحل القومي الذي يجلس فيه اهل السودان ودارفور للحل السياسي الديمقراطي الشامل للوصول عبر الحوار لحل مأساة دارفور.

حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي جُرًب عبر السنين لم يحل مشكلة دارفور، بل بعيد انتاج ازمتها بمختلف الوسائل و السبل لتمرير اجندته المسكوت عنها، لتحويل ثروات دارفور الى غنائم لحفنة الرأسمالية الطفيلية المسيطرة على السلطة و الثروة في البلاد. ولهذا فهو ليس جاداً وليس جديراً بحل قضية دارفور.

ونؤكد ايضاً أن حل هذه القضية لن يتم طالما بقى نظام المؤتمر الوطني في الحكم. ومن يجرب المجرب تحيق به الندامة.

لا طريق لحل مأساة دارفور إلا بذهاب هذا النظام و جلوس آهل السودان جميعاً للاتفاق على تقسيم السلطة و الثروة ومعاقبة المجرمين بما فيهم المقدمين للمحاكم الدولية.

سليمان حامد الحاج
الميدان

تعليق واحد

  1. نعم اخي هذه الحكومة العنصرية — الخائفة لدرجة الهوس من المجتمع الدولى لا تسطيع حل مشكلة دار فور ابدا — ولا يمكن لقائد عنصري غير متجرد وغير مخلص لابناء وطنه جميعا ان يحل مثل هذه المشاكل التي تسبب فيها بجبنه وتهوره — هذه مشاكل ومعضلات موجودة في كل العالم — لكن تحتاج للقائد الشجاع المتجرد الذي يحب ابناء بلادة ولا يكرههم بل له كامل الاستعداد ليضحي من اجلهم — وهذه صفات قيادية لا توجد في قيادات هذا النظام الانتهازي — العاق الذي اكل شيخه ودمر حركته الاسلاميه من اجل حطام الدنيا الزائل – وقسم بلاده مذعنا لتعليمات الخارج ومنفذا لرغبات نفسه العنصرية التى لا ترى الاذاتها وتزدري عباد الله الذين كرمهم رغم ادعاء الاسلام الذي لم يستطيع ادراك مقاصده السامية ومعنيه الرحيمة — فالله الله للسودان وشعبه

  2. ما رايك ان نتحمل المسؤوليه جماعيه ويكون همنا بناء سلام اجتماعي اصيل ومفروض له ان يكون بين ابناء الوطن الواحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..