تداول من منظور اجتماعي ونفسي: ختان الإناث.. انحسار نسبي بعد انتشار كبير

الخرطوم – عودة سعد

يُعد ختان الإناث من أكثر الممارسات الاجتماعية التي تهدد الصحة البدنية والنفسية والاجتماعية للنساء والطفلات، وتنتشر هذه العادة في كثير من الدول الأفريقية، خاصة في وسط القارة، رغم لأنها تصنف انتهاكا لحقوق المرأة والطفل، إلاّ أنها تنحسر وربما تتلاشى في دول شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.

تاريخياً عُرفت هذه الممارسة في السودان قبل دخول الإسلام والمسيحية ما يدل على ارتباطها بالثقافة المجتمعية والتقاليد السائدة، الأمر الذي أمَّن استمراريتها إلى الآن، وصعَّب من محاربتها، إذ أصبحت جزءاً من الموروث الشعبي وهنا تكمن قوة العادة الاجتماعية السالبة، حيث يخضع لها كل المجتمع، ما يجعل مناهضتها أمراً عسيراً يحتاج لمزيد من الجهد والوقت.

جهود متضافرة

وفي السياق، تقول الباحثة الاجتماعية ثريا إبراهيم، رغم كل تلك المشقة والعنت إلا حدث في السنوات الأخيرة ما يشبه التحول الاجتماعي الإيجابي في مجابهة هذا التحدي الكبير، مثل تجربة الجدات اللاتي لعبن دوراً إيجابياً في الحد من هذه الممارسة، وإعلان تخليهن عنها من خلال الاحتفالات الشعبية والرسمية.

إلى ذلك، فإن للقياديين والنجوم في المجتمع كالرياضيين والسياسيين تأثيراً كبيراً حال إعلانهم أنهم ضد ختان الأناث، وبذلك لا يصبح الاعتراف بالتخلي عن ممارسة ختان الأناث، أمراً مُخجلاً، بل العكس، يصبح مدعاة للاعتزاز والفخر، بوصفة يُحافظ على كرامة الإنسان، وصحة الأطفال البدنية والنفسية، وبالتالي تنتفي تلك المفاهيم الخاطئة لكثير من مؤيدي الممارسة بأنه يحافظ على العفة والشرف، بينما الصحيح أن العفة والشهوة تكمنان في الدماغ وليس في الأعضاء التناسلية الخارجية التي يقومون بقطعها وتشويهها.

قصص حزينة

من جهتها، اعتبرت السيدة (ف، م) بأن الختان عادة لا لزوم لها، لأن عفة المرأة غير متربطة بكونها مختونة أم لا كما يعتقد البعض، إذ أن العفة (فكرة) في العقل، وهو الذي يتحكم في تصرفات الإنسان. وأضافت: أنا شخصياً تعرضت لتجربة ختان مريرة، تسبب لي بنزيف حاد وانسداد في مجرى البول، وفي مرحلة البلوغ تفاقم الأمر، وكذلك عندما تزوجت.

وهذا ما ذهبت إليه صديقتها التي فضلت حجب اسمها، إذ وصفت الختان بأنه عادة دخيلة فيها انتهاك لحقوق المرأة، واعتبرته عملية بشعة ينبغي أن تُدان، وكشفت أنها لا زالت تعاني من آثارة الجسدية والنفسية لدرجة لا توصف، مردفة: مرات عديدة ذهبت إلى الموت وعدت إلى للحياة، خاصة عند وضوعي مولودي البكر، ولا أملك إلا أن أردد (ربنا يجازي اللي كان السبب)، لذلك قررت أن لا أكرر تلك المأساة مع بناتي الأربع رغم إصرار أسرتي.

نظافة البتر والقطع

تعود الأستاذة (ثريا) لتقول: التفكير والثقافة يسبقان السلوك، لذلك كلما نشأت الفتاة في بيئة مشبعة بالقيم الرفيعة، كلما حافظت على نفسها من الخطأ، وفي مجتمعنا نساء وفتيات كثيرات سليمات الختان ويشهد لهن بالسلوك القويم، ومعني ذلك ليس كل من خُتنت مرشحة لارتكاب سلوك مشين.

الختان أثبت عدم جدواه، ومن يرجون لعلاقة ما ختان الإناث بتسهيل الزواج للفتاة، وذلك اعتقادا بأن الممارسة تعطي فرصة أكبر للتزويج، وهذا يرجع إلى قلة الثقافة الجنسية عند بعض الرجال كذلك قد تلعب المفاهيم المجتمعية السالبة وتأثير بعض الرجال بها في هذا الخصوص، على الرغم أن هنالك كثيراً من الرجال تزوجوا بفتيات سليمات، كذلك وجد مفهوم النظافة حظه من مجموع هذه المفاهيم الخاطئة لختان الإناث، حيث ربط البعض الممارسة بنظافة الجهاز التناسلي للأنثى، رغم أن المولود حديث الولادة (كله) لا يأتي نظيفاً من (بطن أمه) فيقومون بغسله، كما أننا ننظف أي جزء في جسدنا، أعيننا، وجوهونا، أرجلنا، وجسدنا كله، كل يوم، دون أن نبتر تلك الأجزاء من أجل النظافة، وهنا يجب الإشارة إلى أن هناك من يمارسون الختان بغرض التجميل ولكن الصحيح غير ذلك لأن الختان يشوه ويغير شكل الجهاز التناسلي.

أنضر للوجه

يقول الشيخ (محمد أحمد) – إمام مسجد – إنه ورد في مجمع الطبراني الكبير عن الضحاك بن قيس قال: كان بالمدينة امرأة يقال لها أم عطية تخفض – أي تختن – الجواري، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أم عطية: اخفضي ولا تُنهِكيِ، فإنه أنضر للوجه، وأحظى عند الزوج”، وصححه الألباني في صحيح الجامع، لذلك فإن رأيي الشخصي رافض تماماً هذه العادة التي تغير في خلقه الله، لأن تربية الإنسان السليمة في المنزل والمدرسة ليس لها أي علاقه بتلك العادة.

بنما اعتبر الحقوقي الإستاذ (أنور بابكر) المحامي، أن الدولة ظلت تحارب هذه العادة، لكن في المشّرع السوداني لم يضع مادة للعقوبة عليها، وترك أمر تحديد العقوبة للقاضي يقدرها حسب وزن البينة، أو الأذى الذي أصاب الطفلة.

انحسار مطلوب

إلى ذلك، لا بُدّ من الإشارة إلى نسبة ختان الإناث في السودان انخفضت من 69,4% في العام 2006م إلى 65,5% في العام 2010م، وهذا يدل على أن المجهودات الرسميّة وغير الرسمية، ومنظمات المجتمع المدني في الحد من هذه العادة، وأخص بالتجارب الناجحة لمناهضة ختان الإناث مثل الإعلانات الجماعية للتخلي عن العادة، مما ساهمت هذه التجربة مع التجارب الأخرى في تغيير نظرة المجتمع من وصمة اجتماعية بعدم الختان توصم بها الفتاة وأسرتها إلى مميزات ومحاسن عززت مفهوم السليمة من خلال تكريم الأمهات اللاتي لم يقمن بختان بناتهن وتقديم وسام لطفلاتهن.
اليوم التالي

تعليق واحد

  1. نسبة انخفاض ختان النساء او البنات ضعيفه جدا ونتمنى ان تزول عن مجتمعنا بأكمله .

    ويا حسبو جمال تانى ما اشوفك بتتكلم فى الختان دا نهاى

  2. نوعية المدعو الشيخ حسب الرسول دفع الله البقول الما مختونة بتكون عفنة دا شغال ضد الطفولة و ضد الانسانية قعد يشمشم لحد ما قعد يقارن بدون اي خجل او وازع انساني بين رائحة الفروج و كشف للناس بدون حياء انو ادرى برائحة المختون من الما مختون و كدى فضح من في عصمته و من شماها /
    في قرية جمب الحصاحيصا اسمها الصداقة اتذكر في قابلة اسمها بلالة بجيبنها النسوان الجاهلات بالدس تختن ليهن بناتهن

  3. العريبة من يؤيدوم الختان للأناث لا يكلموننا عن العادات التابعة للختان مثل التعديل الذي يتم للمختونة الفاجرة قبل زواجها لقفل الموضع مرة أخرى ثم الصيانة التي يقوم بطلبها بعض الأزواج من زوجاتهم أن تذهب للداية كي تقوم بتضييقها مرة أخري وقد يتم فعل ذلك عدة مرات في العمر.لم يكلمنا شيخ حسبو عن ذلك.وأخيراً عادة عند بعض قبائل ناحية من السودان حيث يتم تخييط المرأة بعد موتها لتلاقي ربها عفيفة!!! يا شيوخ الطهور الفرعوني أو ما يسمى سنة وهناك عشرات الأحاديث تناقض حديث أم عطية الذي هو نفسه لا يدل على أمر.كأنك تقول إذا ذبحت فأحسن الذبح لا يعتبر أمر بأن كل إنسان يجب أن يذبح.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..