انف..وسبعة عيون

بسم الله الرحمن الرحيم

يقال عند الكثيرين ان النظام الحاكم شبيه بام التوأمين ..ترضع من هو اكثر صراخاً منهما .. واضيف بحكم انها الثورة التي اكلت اباها .. ان النظام يفعل ذلك في حالة عجزه عن اكله فقط .. لان من اكل اباه لا يعز عليه اكل بنيه .. ناهيك عن ابناء الاخرين المزعجين بالحديث عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والاقليات والمهمشين .وبالعودة الي عنوان الموضوع فهو ماخوذ من رواية انف وثلاثة عيون التي صارت فيلماً سينمائيا ولعلها بقلم احسان عبد القدوس ان لم تخُنّي الذاكرة . اما مناسبته فتتمثل في الخبر وردود الافعال بما فيها الرسمية عن طالبة واحدة في مدرسة ثانوية بسبعة معلمات .. فالمنطقة التي توجد فيها المدرسة .. تقع بين مدينتي كسلا وخشم القربة .. ولم تر لفترات طويلة أي شكل من اشكال التنمية .. لولا النشاط التجاري الكبير الذي اتاحه الطريق القومي سواء اكان من واردات تجارة الحدود او حتي التهريب بغض الحكومة لبصرها عن عمد .. حيث ان من الغرائب ان البضاعة تكون معروضة علي عينك يا تاجر في هذه الاسواق ولكنها تصادر من المشتري ببلوغ كوبري البطانة .. لولا ذلك لانحصر الامر بقبائل الرشايدة التي تنتشر فيها علي الرعي والزراعة التقليدية .. ويبدو ان ساسة من الرشايدة قد فطنوا لنظرية ام التيمان تلك وايلاء النظام اعتباراً للمسلحين فقط .. ولم يجدوا صعوبة في استخدام تراثهم الغني بالفروسية وكونوا معارضة مسلحة فتحسست ام التيمان ضرعها .. وصارت تلقمه تارة وتحلبه علي وجهه وعيونه ليكون ظاهراُ للعيان كما في حالة هذه المدرسة. وقصة هذه المدرسة توضح بجلاء انقلاب الهرم في اولويات النظام .. فبناء المراكز الخدمية في مناطق ذات كثافة سكانية قليلة بادعاء ايفاء السكان حقهم الطبيعي فيها .. كلمة حق يراد بها باطل .. والمدرسة هي ليست النموذج الوحيد في الولاية .. فكم من مدارس اخري ومستشفيات ريفية لا تعبر الا عن مستوي النفوذ السياسي او حتي الازعاج للنظام من مجموعات محددة..لكن يصح ان يطلق عليها القول القرآني البليغ… بئر معطلة وقصر مشيد ..ونورد هنا الاسباب التي تجعلنا تبني هذا الراي :
? بناء المؤسسات التعليمية يعتمد اساسا علي دراسة نسب المواليد والزيادة الطبيعية او الناتجة عن الهجرة لمدارس الاساس ثم قاعدة التغذية من مدارس الاساس لبناء المدارس الثانوية وهذا ما لم يتبع في هذه الحالة للاسباب سالفة الذكر. لذلك.. فلم يكن من الممكن يوما اعتماد مدرسة او مستشفي لمجرد ان محسنا او جماعة قد قامت بتشييدها كما ورد في هذه الحالة ناهيك عن قيام الحكومة ببنائها.
? المراكز الخدمية الثابتة رديفة لمجتمعات يتكاثف فيها السكان نتيجة لوجود عوامل استقرار متعددة .. فغرض واحد مثل مرور الطريق القومي والتجارة الناتجة عنه لا يعتبر عاملا كافيا لهذا الشرط .. بل ويعتبر قصورا تنمويا في المنطقة يحيل الامر الي مجرد رِشَي سياسية لا اكثر.
? في ظل ما سبق من ذكره فان تبريرات المسئولين بظاهرة الزواج المبكر في الواقع هو تبرير متوقع منذ لحظة بناء المدرسة لجهة انه يلقي باللائمة بعيدا عن النظام وعلي اهل المنطقة تحديدا وتكون الحكومة قد ادت ما عليها في الظاهر وتكون المشكلة في اهل المنطقة الذين لن يجدوا بدا من التسليم بالامر الواقع . في حين ان الزواج المبكر مرتبط بالمجموعات القبلية الرعوية وليس بالمجموعات القبلية علي اطلاقها ..لان ابناء وبنات هذه المجموعات في المدن يواصلون تعليمهم .. وفي كل الاحوال فمجتمعات الرعاة ليست بجديدة علي وزارة التربية السودانية .. فالمشكلة ليست في المباني ولكن في بث الرغبة في التعلم .. والا كيف نبغ اهل هذه البيئات في دراستهم ووصلوا الى اعلي المراقي في مختلف مناطق السودان ؟
? كل ما سبق يجعلنا نزعم ان في الامر قصور رؤية تنموية من جهة وحرمان لمناطق واغراض اخري من موارد مالية باهدارها في ما هو قليل المردود .. فلا نحن دولة بترولية لنصرف هذه الاموال بهذه الطريقة .. ولا الطالبة الوحيدة في المدرسة نجيبة بالضرورة تستحق ان يجري معها لقاء صحفي كما قال حسين خوجلي في برنامجه في الباس الاشياء غير لبوسها.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..