( أعمل رايح )

:: ذات يوم من أيام حكومة مايو، وكان حال الناس والبلد قد بلغ من الضيق والضنك ما لا يُطاق، وإنتشرت محاكم الطواري في طول البلاد وعرضها، وكذلك وسائل الكبت وصفوف البنزين والرغيف، أوقف الأمن شباباً يوزعون المنشورات بحماس في المحطة الوسطى..تفحصوا المنشورات ولم يجدوا فيها مكتوباً، أي محض أوراق، فسألوا الشباب عن سر توزيعهم لهذه الأوراق البيضاء، فردوا : (هسة دي حالة محتاجة كتابة ؟).. وأمام قضية مكتب مدير عام الجمارك المثارة إعلامياً، يبدو أن سلطات الدولة سوف تكتفي بهذا النوع من (البيان الفصيح)..!!

:: فالمالية التي تتبع لها الجمارك فنياً لم توضح ما يحدث، ولا الداخلية التي تتبع لها الجمارك إدارياً قالت (تلت التلاتة كم)، وكذلك وزارة العدل المسؤولة عن حماية الحق العام لاتزال في عالم الصمت، والبرلمان ربما لا يعلم ما يحدث و آخر من يعلم .. وعليه، فالصمت قد يغري الآخرين العمل بشعار : ( لو رأيتني أنهب فاعمل رايح)، ولذلك – لو عجزوا عن الافصاح – نقترح لكل السلطات المسؤولة إصدار بيان فحواه (ورقة بيضاء)، كأبلغ وأفصح توضيح لهذه القضية..ولحين ذلك، نُذكر الناس بأن لجنة الشئون المالية في البرلمان الدورة الفائتة ناقشت تقرير المراجع العام، وكتبت تقريرا به بعض الأسطر الغريبة عن القانون ، إذ تقول الأسطر الغريبة : ( هنا نشيد بالجهود التي تبذلها نيابة الأموال العامة، حيث فصلت في أكثر من (20 حالة)، من جملة الحالات التي بلغت (39 حالة)، إذ تم الفصل في (9 حالات) منها، إضافة الي شطب (11 حالة) نسبة للسداد أو لأن الواقعة لاتشكل جريمة جنائية)..!!

:: و بالتأكيد، حالات الفساد الموثقة في محاضر النيابة وذاك التقرير البرلماني هي حالات فساد (صغار الأسماك)، أما الحالات التي من شاكلة شركة الأقطان وخط هيثرو ومكتب الوالي وغيرها (فساد الحيتان) فهي حتماً لاتزال تلف وتدور في ( محيط اللجان)، و – طبعا – سوف تلتحق بها قضية الساعة هذه .. ومع ذلك، فلنعد قراءة تلك الأسطر الغريبة ، لنخرج بإفادة تشير الى أن نيابة الأموال العامة كانت تشطب بعض القضايا في حال سداد المتهمين المبالغ المطلوبة منهم، أى في حال إسترجاع المختلسين للمبالغ المختلسة، وهذا لايجوز شرعاً ولا قانونا.. !!

:: فالمادة (177)، من القانون الجنائي للعام (1991)، تقول بالنص : ( 1/ يعد مرتكب جريمة خيانة الأمانة من يكون مؤتمنا على حيازة مال أو إدارته ويقوم بسوء قصد بجحد ذلك المال أو امتلاكه أو تحويله الى منفعته أو منفعة غيره أو تبديده أو التصرف فيه باهمال فاحش يخالف مقتضى الأمانة ويعاقب بالسجن لمدة لاتتجاوز (7 سنوات)، كما يجوز معاقبته بالغرامة .. 2/ إذ كان الجاني موظفا عاما أو مستخدما لدى اى شخص أؤتمن على المال بتلك الصفة، يعاقب بالسجن مدة لاتتجاوز (14 سنة)، مع الغرامة أو بالإعدام ).. !!

:: هكذا النص القانوني، واضح وصريح ، بحيث لم يقل لاتصريحا ولا تلميحاً ( تُشطب القضية في حال سداد المتهم المبالغ المختلسة)، أو كما الحال في تقرير العام الفائت..وعليه، عندما يعرض المراجع العام تقريره السنوي المرتقب، على النواب أن ينتبهوا.. هذا أوعليهم العمل أيضاً بشعار ( لو رأيتني أراقب باستهتار أعمل رايح)..!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. فعلا الوضع لا يحتاج كتابة
    ليت كل الكتاب السياسيين وحتي الرياضيين وكمان الاجتماعيين حتي كتاب الاطفال ليتهم يقدمون اوراقهم بيضاء موكد ستعبر عن الحال وعند بعض الكتاب افضل من كتاباتهم
    نسأل الله السلامة

  2. وما الذى تغيير الان، عدنا الى نقطة البداية ولكن العودة لنقطة البداية صعبة ان لم تعد مستحيلة انتشر الفساد وتدمرت البلاد وفقدنا اجزاء كبيرة منها فى سبيل ان تدوم الحكومة باعت كل حدودنا من الشمال والشرق والجنوب وباقى غربنا حتى تتكمل الصورة. والادهى ضنك العيش وعدم وجود الكهرباء والبلاد تعيش تحت وطئة القاذورات والنفايات الصلبة والنفايات الاخلاقية. يالها كانت فى يوم من الأيام وطنا خيرا من كثير من الدول علما وخلقا، والآن فقدنا كل شىء كل شىء. يرحمه الله ويرحمنا!!!

  3. سبق أن أعدم المهلاوي محاسب مدرسة وادي سيدنا بتهمة اختلاس مبلغ مالي لم يتجاوز المائة جنيه ابان ما يسمى بمحاكم العدالة الناجزة تطبيقاً لقوانين جائرة سميت قوانين الشريعة و الشريعة منها براء فهي قوانين وضعية ( سبتمبر )
    فانتقدها الأستاذ محمود محمد طه فتم إعدامه بتهمة الردة بمباركة الشيخ حسن الترابي

    و الآن المدعو ساجد يدعي إن الشيخ حسن نبي مرسل و العياذ بالله
    و تتم مكافأته على ذلك

    أيهما الأولى بقطع الأيادي من نهب المليارات أم من سرق مائة جنيه

    و أيهما أولى بحكم الإعدام للردة الأستاذ أم من سمي ساجد اسمى على غير مسمى

    إلا أن يكون ساجداً للأصنام و لشيخه الدجال

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..