هل يطال التغيير الجغرافي والديموغرافي السودان بعد حرب طي الخرطوم ؟؟..

خالد السنابي

علمنا التاريخ ان اغلب الحروب الاهليه انتهت بالتقسيم ، عدا القلة التي تم فيها فرض الوحدة بقوة السلاح ، وبدعم خارجي مثلما حدث في إقليم بيافرا في نيجريا ، واقليم البنجاب في الهند وشيشنيا في روسيا وما يحدث حاليا في إقليم التقراي في اثيوبيا..

الاجابه علي السؤال اعلاه بكل بساطة وبدون اضافة رتوش الفيدراليه والكونفدراليه ، (والتي هي بمثابة ضمادات توضع علي عضو من الجسد اعطبته الغرغرينا التي استشرت فيه ولا علاج لها سوي بتر العضو) ، الاجابه هي ان شعوب السودان . لن يعودوا كما كانوا ، ولن يعود السودان كما كان ، شئنا ام ابينا…

…بعد فظائع حرب طي الخرطوم ، سيطال التغيير الجغرافي والديموغرافي ، هذه الجغرافيا التي جمعت شعوب متناحرة ، متنافره لا قاسم مشترك بينهم ، والتي اطلق عليها زورا اسم دولة.

…لقد ورث المستعمر البريطاني هذه الخارطة التي لملمها محمد علي باشا بعد ان ضم إليها سلطنة دارفور عام 1821م في بحثه عن العبيد والذهب وفرض نفوذه فيها الي ان استولي العثمانيين عليها .. وشاركهم البريطانيون في حكمها .

لقد اخطاء الاستعمار البريطاني خطاءا جسيما في حق الشعوب التي جمعها في حيز جغرافي اطلق عليه اسم دولة السودان . والسبب الرئيسي في ذلك يعود للتنافس البريطاني ، الفرنسي في افريقيا في الاستيلاء علي اراضيها..،

.. المستعمر البريطاني بعد معركة كرري والتي هزم فيها بمعاونة قبائل الشمال والوسط ، الهمج والرعاع الذين جلبهم الدجال مدعي المهديه وخليفته من دارفور وغرب إفريقيا. اكتفي بالبقاء في أرض السودان القديم (بلاد النيلين والشرق) واضاف إليها شمال كردفان ، والدليل علي ذلك أن كل مشاريع التمنيه الزراعيه والصناعية والنهضه التعليميه لم تتخطي تلك المنطقة.

…بعد هزبمة الفكي القاتل التعايشي في معركة كرري المفصليه ، هرب مع ما تبقي من جيشه الي دارفور ، وبقي التعايشي في ام دبيكرات في كردفان الي ان قضي نحبه فيها علي يد جيش كتشنر والذي اكتفي بذلك ولم يواصل تقدمه الي دارفور حاضنة جيش التعايشي .
..عدم تقدم جيش كتشنر الي دارفور حمل رسالة واضحة ، وهي أن هذا الاقليم المضطرب وقبائله المتأخرة ، المتنافرة ، لا يمكن الاحتفاظ به ضمن بلاد النيلين ولن يكون جزءا من بلاد النيلين في المستقبل .

..اما جنوب السودان ، فلم يكلف البريطانيون انفسهم عناء تطويره ، تحت حجج واهيه ، من بينها الطبيعة القاسيه واعشاب السدود علي النيل التي تعطل الملاحة فيه . وهناك رواية اخري (ان المستعمر البريطاني ترك الجنوب تابعا لأفريقيا أكثر من تبعيته للسودان الشمالي) وذلك بإصداره قانون المناطق المقفولة عام 1932م لمواجهة التأثير الإسلامي والعربي. وذهبت الإدارة البريطانية إلى أكثر من ذلك بأن واجهت ذلك المد بإرسال بعثات التبشير..

وبعد مغادرة البريطانيين لبلاد السودان وتولي جيل الاستقلال السلطة ، وقفوا عاجزين تماما امام تمرد الجنوب في عام 1955م ،
ولم ينتبه حيل الاستقلال للخطر القادم من دارفور ، خاصة بعد الفظائع التي ارتكبها جهادية الفكي القاتل التعايشي ، وبها اصبح ضحايا تلك المجازر في بلاد النيلين يتوجسون خيفة من دارفور ولعل بعض الاقوال مثل (البجي من الغرب،ما بسر القلب) والتي تم احلالها مؤخرا ب (كل البلد دارفور) هي دليل قاطع علي قناعة اهلنا أن التاريخ سيعيد نفسه في بلادنا ، خاصة بعد استيلاء الكيزان اللصوص القتلة علي السلطة ، ولجأوا الي حيلة الدجال المتمهد ، استغلوا الدارفوريين تحت دعاوي الجهاد ورفع راية الإسلام بمعاونة جنرالات الجيش الموالين لهم ، وكان الدعم السريع ..،
مهد الكيزان الطريق للدارفوريين بمعاودة الكرة وحدث ما حدث في حرب طي الخرطوم.

…خلاصة قولي ان البريطانيين بتركيزهم علي السودان القديم وشمال كردفان ، وضعوا خارطة السودان الذي يسهل حكمه، وتطويره ، وليس البلد الحدادي مدادي الذي لم ولن ينعم اهله بالامن والامان والاستقرار أساس التنمية.

لك الله يا بلادي..

[email protected]