مقالات وآراء

توقيع وتحذير

بينما تعيش عاصمتنا الجنوبية فرحة التوقيع ، تشاء إرادة الله تعالى أن تحتضن عاصمة السودان الشمالي رموز النظام البائد وقد وصل بهم الأمر لتوصيف ساكن القصر سكنه بسجن كوبر ، وتعريف صاحب قضية الطريق جنسيته الألمانية ، ونسيان الطبيب عدد زوجاته ، فما أبعد الشبه بين الأمس واليوم ، وأليست هذه الإهانة التي دفعوها ثمنا لأخطائهم في حق الوطن والمواطن خير عقاب دلل على أن الله يمهل ولايهمل ؟؟ وأليست هي رسالة جاءت في الوقت المناسب للرئيس البرهان وحكومته ومن دعاهم للتوجه فورا إلى كرش الفيل للمشاركة في الحكم بعد التوقيع ؟؟
بالتأكيد يبقى وضع فراعنة وهامانات النظام البائد خير درس وتحذير مبكر لكل من تجرّه الأقدار إلى تقلّد منصب من المناصب العامة ، فالمسؤول مهما بغى وتجبّر إما أن تكون نهايته بين يدي خالقه المنصف لكل مظلوم ، أوبين يدي لجنة قضائية كتلك التي أريق فيها كل ماخبأه النظام البائد من قبح أسراره ولايزال .
وعلى حكومتنا المدنية التي نقف وراءها أن تنحاز لخيار الثورة انحيازا حقيقيا لاشعاريا ، فاعتصام محلية كوستي دخل يومه التاسع دون أن يتفقد المعتصمين مسؤول على الأقل لمعرفة أسباب اعتصامهم ولو من باب الفضول ، وقضية والي كسلا لازالت حلول الحكومة فيها غامضة ، وحتى الإتفاق الذي تم توقيعه بجوبا قابله المواطنون بفتور بسبب عدم توضيح ماتم الاتفاق عليه باسمهم في غير العناوين العريضة للنقاط المحددة في حين أن التوقيع تم على عدد كبير من البروتوكولات والأوراق .
البلاد لازالت تحتاج المزيد من الشفافية ، ومخططات كثيرة تدور في السرّ! غير أن إرادة الشعب هي من سينتصر في خاتمة المطاف ، وشئعب وطن الثورة هو من سيضحك أخيرا .
الإسراع بتشكيل الحكومة في شكلها الجديد والمجلس التشريعي هو الضامن الأكبر لتنفيذ ماتم عليه من محاصصات واتفاق ، فكل اتفاقات بلادنا منذ الإستقلال وحتى الآن لاتعرف الصمود واعتادت على الخروقات ، ولذلك لم يستمر أي اتفاق سياسي حتى الآن ، والتحدي الآن يواجه اتفاق جوبا ، فماهو مكتوب على الأوراق ليس بالضرورة أن يكون مطابقا لما تحويه أرض الواقع ، وقحت التي ضاقت زرعا بنفسها فانشطرت إلى مكونين لاغية واحدا من أعمدة إتفاق تماسكها ، يواجهها الآن امتحان أن تصبر على تنفيذ هذا الاتفاق الذي سيقاسمها الثروة والسلطة والنفوذ ، والأخطر من ذلك أنه مسنود بقوى عسكرية مقاتلة لا أدري كيف تستقيم مع النظرة المدنية التي أرادتها الثورة للبلاد .
الاتفاق رغم رأينا في موقعيه ، إلا أنه لو تم تنفيذه بصرامة ، سيخلق واقعا جديدا يخرج البلاد من الجمود الحالي إلى التحرّك ولو قليلا نحو الأمام ، وسيوقف صوت البندقية ويمنح متضرري الحروب فرص العودة إلى ديارهم لبدء حياة جديدة من المفترض أن تكون أفضل من حياة المعسكرات التي اضطرتهم إليها الظروف ، ولكن الخوف كله يكمن في آثار التّحول من التّمرد للحكم ، وهل سيملك القادمون القدرة على إدارة البلاد أم أنهم سيتعلمون الحلاقة على رؤوسنا ويبقى الوطن الضحية ؟؟؟
لابد من وضع آلية محددة وواضحة لقبول من تقدمه الحركات لشغل أي منصب من شواغرها التي تحاصصت عليها ، فحصتها حق أصيل لها بحكم الاتفاق ، ولكن شغل أي وظيفة في وطن الثورة لابد أن يخضع لشروط وضوابط لو أردنا فعلا أن نعبر .
وقد بلغت

عبدالدين سلامه
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..