متى تقر الحركة الاسلاموية وبقيتها الحاكمة بعجز جهودهم لتأطير الإسلام سياسياً في السودان

أسامة بابكر حسن
الكثيرون يدركون مآلات الاتحاد السوفيتي بعد انهيار الحكم الشمولي الذي حاول أن يؤطر سياسياً حتى نفوس الناس في منامها، فأسوأ المآلات في جمهوريات الاتحاد السوفيتي بعد انهياره هي تفكك النسيج الاجتماعي الذي ضربت وشائجه شرقية السمات الايدلوجية الضاغطة ليجد المجتمع أن الضوابط الاجتماعية التي نشأت بتراكم التقاليد الاجتماعية الشرقية قد انهارت وأن الأسس المدنية التقليدية الماسكة لها داخل المجتمع قد ازيلت بحكم محاولة الدولة تجيير الحرية الفردية للإنسان الذي تنزع فطرته لها حتى وإن شيدت له الايدلوجيات الضاغطة بروجاً من ذهب. تفكك الاتحاد السوفيتي القوة الضخمة الوازنة للقوى العالمية والذي كان يناصر خارجياً الضعفاء ويذل داخلياً المناوئين للقبضة الحاكمة الحديدية وأصبح دولاً عدة، وأصبحت بعض جمهورياته مرتعاً لمافيا شركات تصدر الجنس العابر للقارات، والاتجار بالبشر.
لاشك أن بين العقيدة الدينية لإسلاموي السودان والدولة السوفيتية المنهارة فارق كبير، إلا أن هناك تطابق بينهما في الاطر السياسية التي وضعوها لفرض الحكم الآحادي، وتخوين واقصاء الناس لمجرد الاختلاف في وجهات النظر في حالة معكوسة، خطورتها عند إسلاموي السودان أكثر من خطورتها عن ما كانت عليه في الاتحاد السوفيتي المنهار، فالاخير كانت السلطة فيه تخون المخالف بإدعاء معارضته لإرادة حكم البروليتاريا والعمالة للرأسمالية للحد الذي كان إدخال بنطال الجنز للبلد يعتبر عمالة للرأسمالية، أما في السودان فالمخالف يخون بأنه ضد التوجه الاسلامي أي أنه ضد "إرادة الله"، والملاحظ تداول الكثير من الناس هذه الايام للأية الكريمة " تؤتي الملك من تشاء" في إشارة أن حكم الإنقاذ إيتاء لهم من الله، ولا يستبعد أن يكونوا هم وراء ترديدها بالكيفية التي يريدون ككلمة حق اريد بها باطل ….. فتخيل أيها القارئ الكريم بأن الله آتي الانقاذ الملك بحيث يتسورون القصر الجمهوري خلسةً، ثم بعد فترة يعدمون 28 ضابطاً يشهدون الا اله الا الله وأن محمداً رسول الله بجريرة أنهم حاولوا كذلك أن يأتيهم الله الملك بنفس الطريقة التي آتى بها الانقاذ الملك … أقرأ وأستغرب لتعرف ما معنى " يحرفون الكلم عن مواضعه" ومعنى " يحرفون االكلم من بعد مواضعه" والأخيرة لعمري تنطبق على اسقاطهم الملتوي للأية الكريمة " تؤتي الملك من تشاء? ولتعرف أكثر عزيزي القارئ عليك رد الأية لمحاججة سيدنا ابراهيم عليه السلام مع النمرود لتدرك من الذي آتاه الله الملك الحقيقي ولتدرك أن ملك إسلاموي السودان ينقصهم أن تدخل بعوضة في آذانهم ليردهم طنينها إلى الحق والعدل بعد أن صموها عن محاججات الشعب لهم. الم أقل أن هناك وجه شبه بين الإثنين فاولئك قالوا بأن الدين مطلقاً أفيون للشعوب ? حاشا وكلا- وهؤلاء يحاولون واقعاً تحقيق مقولة غرمائهم فما أعظم وجه الشبه في أطر الإثنين.
من محاولات تأطير الانقاذ للإسلام سياسياً إنشاء مؤسسة الذكر والذاكرين في محاولة لجمع الذاكرين، وطالما أن السواد الأعظم للذاكرين في السودان هم الصوفية بشتى طرقهم، فان هذه المؤسسة وحسب السلوك المعروف للاسلامويين بالتلون تعني محاولة تدجين الصوفية داخل مؤسسة ظاهرها الذكر وباطنها التسيس الاسلاموي الحكومي والتجنيد أو التحييد حالها حال ما آلت اليه المؤسسات الحكومية كافة، فهل سمعت أيها القارئ بأن الله تقام له الاذكار والنوافل مؤسساتياً، فالقارئ للسيرة النبوية يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم في هجرته خطب عند أعتاب المدينة المنورة خطبةً يفهم منها مراعاته للتعددية الثقافية في المدينة المنورة فأمر الناس بسلوك حضاري يلفت الغير لمعايير الدين الجديد خصوصاً وأن من بين مستقبليه يهود ومسيحيين وقفوا ليسمعوا أول خطاب يلقيه النبي "ص" القادم اليهم لأول مرة فاذا به يقول للناس " افشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا والناس نيام" أي صلوا خلسة في جوف الليل بحيث لا يراكم أحد فانه ابعد للرياء والنفاق، ولم يقل من لم يقبلنا فبيننا صناديق الذخيرة ? السيوف. واحد وعشرون عاماً مضت فهل أفشى إسلامويو السودان السلام، هل أطعم اسلاميو السودان الطعام أم اخططفوا اللقمة من أفواه الايتام ؟ …
السودان ظل بمنأى عن مراكز صراعات التقعير الفقهي الكلاسيكي ودان أهله لله فطرةً:
ما كان للسودان نصيب ولو بعالم في مجال تأسيس علوم أصول الفقه والحديث والصراعات التي صاحبت نشؤ المذاهب المختلفة واستقرت على المذاهب الاربعة رسميا، حيث انحصر هذا الصراع في المثلث ما بين خراسان والعراق والحجاز. دخل المذهب المالكي الى السودان رسمياً وهم غير ملتزمين به حتى في أبسط قواعد العبادة، وحالياً اذا نظرت الى الأغلبية الغالبة من أهلنا في كافة أرجاء السودان تجدهم يكفتون أيديهم إلى صدورهم في الصلاة، ما يعني أنهم إما لا يهتمون أو لا يعرفون أن مالكاً في الموطأ رجح الاسبال، والمدهش أن كبار السن كانوا يسبلون أيديهم. كذلك تكفت أيديها وبشدة في الصلاة هيئة علماء السودان الحالية التي كان من المفروض أن تكون الأكثر التزاماً بالمذهب المالكي عن العوام لأنها هي الجهة الرسمية المعنية بتخريجات المذهب الفقهية ما دام هو المذهب الرسمي للسودان. أما الرصيد الادبي في مجال الكتب الدينية فإن أقدم اسهام سوداني لا يتجاوز عمره الأربعمائة سنة وهو طبقات ود ضيف الله المكتوب أيام السلطنة الزرقاء ويؤرخ للصوفية في السودان، وفيه بعض الحالات والقصص أشبه بقصص أفلام الخيال العلمي.
الروح اللامذهبية السودانية هذه لم تأت خلال عشية أو ضحاها وانما بسبب الامتداد القديم مع الآخر حتى بيت المقدس ومنطقة الريفيرا الفرنسية التي وجدت فيها مؤخراً جرار من الفترة الكوشية، الانفتاح السوداني القديم على الآخر تأصل في الوجدان السوداني المسيحي والوجدان الإسلامي اللاحق. أدرك ذلك من المفكرين المرحوم محمود محمد طه الذي كثيراً ما كان يقول في كتبه ومحاضراته: " السودانيين لا تنقصهم الأصالة" وذهب الى أبعد من ذلك ورفض مجيء خريجي معاهد العلوم الدينية المصرية الى السودان في اوائل الستينات ووصفهم بأنهم مضرين للاسلام في السودان أكثر من نفعهم له لأن فهمهم له لا يتجاوز القشور وأن أصالة السودانيين وفطرتهم أقرب إلى روح الاسلام من فهم أولئك التقعيريين. كذلك أدرك ذلك الراحل الدكتور جون جارانج وأشار إليه في الفيلم الذي بثه التلفزيون القومي يخاطب فيه بعض الأسرى قائلاً: " الدين والاسلام ليسا مشكلة في السودان امام بناء أمة سودانية متعددة الاعراق ومتعايشة". ولعل عدم قابلية السودانيين للتأطير الاسلاموي السياسي هو أحد أسباب ترك زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن للسودان والذهاب الى افغانستان وهي احدى الدول الآسيوية التي يشيع فيها التعصب المذهبي حتى داخل المذهب السني الواحد، فأسس تنظيم القاعدة الذي لقى رواجاً عند أولئك القوم المتشددين بسبب البيئة والتقعير المذهبي السياسي، ولعله أدرك كذلك أن اللامذهبية في السودان جعلت السودانين كشعب لا يخوضون في دم الانسان ويقدسون حرمةً الدم تديناً وفطرةً في حين يمكن أن يبيحها التقعير الفقهي السياسي ولا يرف له جفن، وقد كان للسودان نصيب من ذلك التخريج في تلكم الأيام.
إذا كان أغلب السودانيين لا يلتزمون بأبسط التخريجات الفقهية التعبدية للإمام مالك في عبادة يؤدونها خمس مرات في اليوم، فما بالك بالتفاصيل الدقيقة في الفقه المالكي، هذه الملاحظة وان كانت بسيطة فتدلل أن أهل السودان غير مذهبيين ويأخذون الاسلام من مواعينه الواسعة بفطرة لا تعرف التقوقع لمذهب، ناهيك من أن يتأطروا دينياً لجماعة حاكمة حالياً يقول واقعها " آخر البليلة حصحاص"، ويؤكد حراكها أنها فشلت في تاطير الاسلام سياسياً في السودان، وتشهد حالها أن فرصة التوبة المتاحة لهم – إن أرادوا- هي الاسراع وإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل ان يحل بالسودان ما حل بالاتحاد السوفيتي السابق غريمهم عقائدياً، شبيههم في الأطر السياسية فتحل بهم قارعة قبل أن يدركوا معنى " تؤتي الملك من تشاء".
إن التلاوة الجماعية الموجهة للقرآن لن تمكن الفرد من تدبر أصيل للقرآن بالتالي على الإسلامويين اللجؤ الى التلاوة والتدبر الفردي للقرآن بعيداً عن مؤثرات أيدلوجيتهم الاسلاموسياسية حتى يتمكن الفرد منهم من رد الأية الكريمة " تؤتي الملك من تشاء" إلى الآيتين الكريمتين " الذين أوتوا الكتاب" بالفعل المبني للمجهول، و" الذين آتيناهم الكتاب" بالفعل الصريح المباشر…وهل المشار إليهم واحد في هاتين الآيتين … عندها قد يتضح المراد من الآية الكريمة " تؤتي الملك من تشاء" … مع الأخذ في الإعتبار بأن كلام الله لا يقبل الترادف اللفظي ولا التقديم والتأخير وأن القرآن يقول عن نفسه في بداية سورة البقرة بأنه إمام وكائن حيوي يحمل خاصية فريدة في قوة الإضلال والهداية معاً وبصفة مستمرة منذ إنزاله وإلى يوم الدين.
أسامة بابكر حسن
[email protected]
الاخ اسامة انتوا لسه قايلين انو الجماعة ديل جايين عشان يطبقوا الشريعة الاسلامية؟ديل استغلوا الدين و حب اهل السودان لهذا الدين العظيم للتمكين السياسى و المادى!!فلوثوا الدين و لم ياسلموا السياسة!! و لو تدبروا القران لفعلوا غير ما يفعلونه الان!! قال تعالى فى محكم تنزيله (افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها) و مافى داعى للخوض فى التفاصيل و دونك السيد الامام و عبد المحمود ابو و غيرهم من علماء الدين الحقيقيين و ليس علماء السلطان!!!! و دونك فصل الجنوب بحجة تطبيق الشريعة ففقدوا اعظم فرصة للدعوة الاسلامية فى تلك الارض و منذ متى كان الاسلام الحقيقى مدعاة للتشظى و الفرقة و تمزيق البلاد و تشتيت العباد!!!( صلح الحديبية)!! و اعتقد ان الدولة المدنية كانت ستكون فتحا للاسلام!!! الله يستر علينا مما حصل للاتحاد السوفيتى السابق!!!!
قبل ما احي الكاتب واقول ليهو يديك العافية وانا اول مرة الاقيك وكدا داير اقول للمعلق الاول شيخ ابو امامك جنحو زمان لانو جا بي حماس الشباب وحسي عندو ضغط والله يسترو من السكري من كان بجي طالع ع المنبر والجماعة بقولو ليهو يلا احرق والمسكين ما كان قايل انو بحرق في دمو هو عموما ابو زمان اه لكن هسي لا يعني زي سلفاكير في الغابة وسلفا في القصر في اختلاف صاح وامامك دا فكنا منو نرجع لي كاتبنا تاني بنحيك وما تكون كوز لابد ليك في اسم زول كدا ولا كدا الزمن دا الواحد بقي يشك في ضلو يلا يالراكوبة ابردي لمي الناس ولو انو دايرنهم في الشمس هناك يقدو عين الشيطان
ان الذين يعارضون الانقاذ ويتمنون سقوطه اليوم قبل الغد ويحلمون بذلك صباح مساء انما يستهدفون الشعب فى مكتسباته ويحسدونه فى سده وطرقه وكباريه يحسدونه فى صافاته وجياده ويحسدونه فى ابراجه ومبانى القيادة العامة لقواته المسلحة يحسدونه فى جامعاته وتعليمه العالى ويحسدونه فى مشروعه الحضارى ومناخه المدارى ومشيه من الخرطوم الى بحرى ومن الحتانة الى شمبات كدارى هم مجرد حساد لا غير لماذا لا يتركون الشعب يستمتع بمكتساب ثورته الظافرة لماذا لا يتركو ا هذا الشعب فى امنه واستقراره؟ لماذا
طبعا لانهم يريدون كراسى الحكم لانفسهم ولكن هيهات هيهات لا جن ولا سحرة بقادرين على ان يلحقوا اثره
حسب إفآدآت كثير من كتآب الحركة الإسلآمية فإنها ما نشأت إلا كردود أفعآل لتغلغل عقآئد الإلحآد في مجتمعآت الإسلآم مثل الأيدولوجيا الشيوعية ودونكم تآريخ نموذج هذه الحركآت في السودآن حيث نجحت في إخرآج نوآب الشيوعيون من البرلمآن في عهد ديمقرآطية أكتوبر ثم نظمت تحركا مسلحا ضد نظآم مآيو الذي بدأ عهده مدعوما من الشيوعيون ثم نآكفت أحزآب ديمقرآطية أبريل بلا إستثنآء بأن أضعفت كآفة إئتلآفآت الصآدق المهدي بالإنسحآبآت المتكررة من الجمعية التأسيسية إلي أن وثبت إلي قمة السلطة مدعومة من خلآيآها دآخل مؤسسة القوآت المسلحة……….ما أريد قوله هو أن الشعب السودآني المسلم بفطرته لم يكن في حآجة لمن يتبني حمآيته من أفكآر الإلحآد بل لقد حدث العكس بدأ الكثيرون يعيدون النظر في أيدلويجيآت السيآسة العلمآنية كبديل يحقق العدل والمسآوآة بعد أن رآعهم الفشل الذريع لتجربة الإسلآمويون.
الى صاحب التعليق الاول كفاية نفاق وكذب وسرقة باسم الدين . اين حكم الشريعة التى زعم اسيادك انهم اتوا من اجلها .اين العدل الذى امر به الحق سبحانه وتعالى. حكومة غير قادرة على توفير مياه الشرب لشعبها يجب ان تذهب اليوم قبل الغد . هل الحكام يحسون بالعطش كما يحس به اخواننا فى برى والعزوزاب وصالحة والمايقوما
انتو متين دايرين تغيرو حكومتكم ؟
العرب كلها هايجه ومفكره ترجع فلسطين كمان
وانتو ما مفكرين تحاولو ولو محاوله
ولا منتظرين تغيرو بعد تتحرر فلسطين ؟