أخبار السودان

“صدمة” الدولار..استفاقة سريعة من “خدر” البشريات الحكومية

في وقت تجتر فيه الخرطوم العاصمة أحاديث قديمة تدور حول المجد البعيد لعافية الجنيه السوداني، وكيف كان الدولار لا حجم له ولا قيمة أمام الجنيه السوداني، بيد أن الواقع الحالي جعل هذه الأحاديث والذكريات تبدو وكأنها ضرباً من الخيال المريض، حيث يستفيق السودانيون الآن على صدمات متكررة بتدهور قيمة العملة الوطنية أمام الدولار الذي بات متصاعداً ولا توجد قوى تمنعه من التحليق في فضاءات التدهور الاقتصادي المريع الذي تعيشه البلاد، وما بين هذا وذاك، تجد السلطة القائمة الآن نفسها في وضعية حرجة وهي لا تستطيع فعل شئ توقف به سطوة الدولار المتربعة على عرش الاقتصاد السوداني وتورده موارد الهلاك، ومثلما تجئ الأخبار الرسمية والمُسربة عن الدوائر الحكومية بأن بشريات كبيرة قادمة في الطريق، هو الوقت نفسه الذي تنمو فيه أخبار أخرى تتشكل في الأثير السوداني مثل “صدمة” عنيفة توقظ الناس من غفوة الحلم بالخروج من المأزق التاريخي.

 

الخرطوم: مآب الميرغني

 

(1) الجنوب في الخط

 

لقد كانت كلمة أن السودان لديه مبالغ من دولة جنوب السودان هي بصيص أمل علق السودانيون عليها آمال وتطلعات ضخمة، وكيفية استغلال البلاد من هذه المبالغ، مثلما قال المدير التنفيذي للمؤسسة الوطنية للنفط في جنوب السودان، إن بلاده على مشارف إكمال دفع المبلغ المستحق للخرطوم وقدره 3.2 مليار دولار من الدعم المادي الذي تقرر دفعه لدعم اقتصاد السودان بعد انفصال بلاده عنها. وأكد مدير المؤسسة د. شول دينق طون أبيل لـ “الشرق الأوسط“، أنّ المزيد من الشركات السودانية تستعد للاستثمار في نفط جنوب السودان ” لما لها من خبرة فنية في استخراج ومعالجة النفط خصوصاً بعد نجاحها في سودنة القطاع النفطي وإحلالها مكان الشركات الأجنبية”، مرجحاً

أن تساعد هذه الشركات شركاءها في جنوب السودان على توطين صناعة النفط أسوةً بما قامت بها في السودان. وحول مستجدات آفاق تطوير التعاون الفني في مجال النفط بين الخرطوم وجوبا، أوضح أبيل أنه منذ انفصال جنوب السودان عن السودان الأم في العام 2011 تقوم بلاده باستخدام المنشآت النفطية في السودان لمعالجة نفطها، بنقلها وتصديرها عبر الموانئ السودانية في البحر

الأحمر بطول أنبوب قدره 1.8 ألف كليومتر. وحسب أبيل، ظل جنوب السودان يدفع 15 دولاراً مقابل كل برميل نفط يتم تصديره عبر الموانئ السودانية كجزء من الدعم المادي الذي تقرر دفعه لدعم اقتصاد السودان بعد انفصال بلاده عنها ضمن 3.2 مليار دولار، بالإضافة 9.1 دولار لكل برميل يشكل رسوم عبور، معالجة ونقل خام جنوب السودان، لافتاً إلى أن البلدين ظلا على تعاون وثيق منذ العام 2011 حتى الآن. وأكد أبيل أن بلاده تعتمد بشكل أساسي على المنشآت السودانية في تصدير نفطه إلى الأسواق العالمية، مؤكداً أن جنوب السودان سيستمر في الاعتماد على المنشآت السودانية لتصدير النفط المنتج من الشطر الشمالي من البلاد وذلك لمتاخمته للسودان، مُقراً بأن الكادر الجنوب سوداني استفاد استفادة قصوى من هذا التعاون. وفي سياق ذي صلة، دعا شول دينق طون أبيل، المدير التنفيذي للمؤسسة الوطنية للنفط، الشركات السعودية عامة وشركة «أرامكو» خاصة، للاستثمار في بلاده، في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري والتجاري بين البلدين، مفصحاً عن خطة حكومته لجذب الاستثمار الأجنبي فيما يقارب 23 منطقة استكشاف جديدة.

 

(2) جدلية الاستحقاقات

 

صراع كبير تفجر بين حكومة الخرطوم وحكومة جنوب السودان، السائدة حول مديونيتها للخرطوم، حيث نفت حكومة “جنوب السودان” ما نشرته وكالة “سونا” للأخبار حول اقتراب دفعها مبلغ 3.2 مليار دولار إلى الخرطوم. وقال وزير البترول الجنوبي اوو دانيال شوانق إن بلاده تطالب السودان بمبلغ 76 مليون دولار كمستحقات لم يتم سدادها حتى الآن، مؤكداً سداد بلاده لجميع المستحقات المالية التي أقرتها التسوية السياسية الخاصة باستحقاقات الفترة ما بعد الانفصال. وأشار إلى أن أي حديث عن مطالبة الخرطوم بأموال من جوبا غير صحيح ولايمت للواقع بصلة، بحسب تصريحه لـ”الموقف” الجنوبية.

 

(3) الصدمة

 

مع استمرار الأحاديث والبشريات حول أن هنالك ودائع نقدية تضخ في بنك السودان المركزي القادمة من المملكة العربية السعودية، هذا وبحسب ما أكدته تسريبات عقب الزيارة الأخيرة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إلى السعودية، لا يوجد حتى الآن أخبار تؤكد صحة ما ورد عن هذه الودائع من البنك المركزي، وما زالت أزمة الدولار لم تراوح مكانها وأن هناك أحاديث تكذب مثل هذه التسريبات والتي صدرت من المملكة، بل لها طرف ثالث في هذه الأزمة، حيث كشفت مصادر بحسب تصريحات صحفية متداولة سابقاً عن معلومات مهمة حول تراجع الجنيه السوداني مقابل العملات الاجنبية، بعد دخول “جهة مجهولة” طلبت شراء الدولار بأي ثمن. وأكدت المصادر لـ(بي بي سي) أن لهذه الجهة علاقة بالحكومة، وأنها تريد توفير الدولار لتأمين الأموال اللازمة لاستيراد القمح والوقود والأدوية.

 

(4) مجلس السيادة.. بين الإجراءات والأيادي الخبيثة

 

الجدير بالذكر أن زيادة التضخم وارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق المحلية واستمرار زيادة الدولار هذه الأيام أرجعها خبراء اقتصاديون إلى شح العملة الصعبة عقب توسع الفجوة بين السعر الرسمي للدولار والسعر الموازي، وفي الأثناء أعلن المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الانتقالي العميد الطاهر أبو هاجة عن إجراءاتٍ صارمةٍ لمواجهة مافيا الدولار. وقال الطاهر أبو هاجة في تصريح صحفي أمس الأول إنّ الخطوة تأتي في أعقاب الهبوط غير الطبيعي للجنيه السوداني مقابل الدولار خلال فترة وجيزةٍ بعد الارتّفاع غير المبرر، وأضاف: “هذا يكشف حجم المهدّدات التي تستهدف أمننا الاقتصادي”.وأشار أبو هاجة إلى أنّ الحرب الاقتصادية هي استراتيجية تقوم على استخدام ممارسات هدّامة تكون الغاية الأساسية منها إضعاف وتدمير وتخريب وزعزعة اقتصادنا، وتابع: “هذا النوع من الأعمال يعدّ جريمةً في حق الوطن والمواطن وترقى للخيانة”.واتهم أبو هاجة أيادٍ وصفها بالخبيثة قال إنها تدير حرباً ضد اقتصاد السودان تهدف إلى خلخلة كيانه ووحدته ومعيشته واستقراره، وقال: “تمّ رصد هذه العمليات، وسنكشف للملأ قريباً وسيعرفها الشعب السوداني وسنكشف مقارها ومكاتبها وخططها وأهدافها ومن يقف وراءها..

 

(5) البنك المركزي يدخل على أزمة خط الدولار

 

وبحسب متابعات لـ(الجريدة) عبر الأسافير أن المواطنين يشعرون بالقلق الشديد من استمرار أزمة الدولار وتحت تأثير الذعر الشديد الذي كانت تبثه وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية أن الدولار سوف يتخطى الـ1000، وكذلك عن منع المودعين من سحب أموالهم من الحسابات الشخصية في البنوك، اتجهت أعداد كبيرة من المواطنين إلى البنوك في محاولة لسحب مدخراتها المالية. ورغم أن بنك السودان المركزي نفى هذه الأنباء، إلا أن الكثيرين صدقوها، وبعد أن عجز المواطنون والاقتصاديون من أن يجد بنك السودان حلاً في هذه الأزمة. إلا أنه في خطوة مفاجئة حيث أعلن بنك السودان المركزي، عن ضخ مبالغ بالنقد الأجنبي لصالح البنوك التجارية، لمقابلة احتياجات عملائها بغرض الاستيراد.ووجّه المركزي البنوك بتسليم الطلبات ابتداءً من الخميس المنصرم 24 مارس وحتى الحادية عشرة من صباح أمس الأحد 27 مارس الحالي، شريطة أن يتم التقديم عبر المراجعة الإلكترونية وأن يكون الطلب لمقابلة احتياجات حالية وليس لسداد مديونيات قائمة. مع ذلك، هل يستطيع البنك المركزي الاستمرارية في هذه السياسة وهل يمكن أن نقول بهذا يمكن أن نقول انتهت الأزمة أم لها جولة جديدة؟؟

الجريدة

تعليق واحد

  1. افهموا ياعالم الكلام :

    حول اقتراب دفعها (ما تبقى) من مبلغ 3.2 مليار دولار إلى الخرطوم من الدعم المادي الذي تقرر دفعه لدعم اقتصاد السودان بعد انفصال بلاده عنها (في 2011 )

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..