فئران المرتبات بين قطط الأسواق وعصا الهيكلة

في أخبار اليومين الماضيين أن لجنة الادارة والمظالم بالبرلمان طالبت بان يتماشى الحد الادنى للأجور مع الظروف الاقتصادية ، وأذكر أن الحكومة كانت قد تحدثت عن زيادة المرتبات في موازنة العام 2016 بما نسبته «20» في المائة، وعلى كل حال تعتبر أيما زيادة تضاف للمرتبات خبراً ساراً ان تحققت هذه الزيادة بالفعل ولم تكن محض كلام والسلام ، ولكن نخشى على أي زيادة تدخل على المرتبات أن تكون بلا أثر وتصبح مثل أن تلقي بملعقة سكر في برميل حنظل وتروح «سمبلة» في معمعة السوق، وهذه نتيجة تكررت كثيرا وستظل تتكرر ما لم تسبق زيادة المرتبات حزمة من الإجراءات والترتيبات التي بدونها لن يكون لها أي معنى، إذ لابد من تنظيم وضبط الأسواق ومراقبة الأسعار ولجم التفلتات وضرب الممارسات التي لا علاقة لها بنظرية اقتصادية ولا صلة لها بأي دين أو شرعة أو شريعة، ولابد أيضاً من الحصر الدقيق للاحتياجات وتحديد حجم الطلب على السلع وخاصة سلع المواد الغذائية والخدمات إلخ من ترتيبات وتدابير يعرفها الاقتصاديون، وكذلك لابد للحكومة أن تبسط يدها المغلولة عن الشرائح الضعيفة ومحدودي الدخل، فتتوسع في سياسة الدعم الاجتماعي تجاه هؤلاء الرعايا، هذا إضافة الى ضرورة تفعيل دور جمعية حماية المستهلك ورفع الوعي الاستهلاكي.
لقد تعلمنا بالتجربة أنه كلما زيدت المرتبات، قابلتها زيادة في الأسعار بلا أي مبرر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نخشى أن تكون أي زيادة في المرتبات قد أملاها أسلوب السمسرة المعروف «طاقية دا في راس دا»، بمعنى طاقية الزيادة في رأس هيكلة الدعم الذي تمضي في تطبيقه وزارة المالية لا تلوي على شيء ، ويفهم من ذلك أن ايما قرار يتخذ لزيادة المرتبات سيكون بالضرورة مقترنا برفع الدعم عن بعض السلع، وهنا أيضاً علمتنا التجربة أن السلعة التي ينخفض سعرها عالمياً لا ينخفض عندنا هذا اذا لم يزد سعرها في أحسن الأحوال، كما نخشى كذلك أن تؤدي خطوة الزيادة مع الهيكلة الى نقيض ما يؤمل فيها فتتضاعف المعاناة ويرتفع سقف الغلاء أكثر مما هو مرتفع الآن، وما لم تتخذ الإجراءات والتدابير التي أشرنا اليها في مستهل كلمتنا هذه ستصدق في أي زيادة على المرتبات أرجوزة فرقة الهيلاهوب الساخرة التي يقول مطلعها:
طاقية دا في راس دا
أنا الشغّال بس كدا دا
خشيت السوق قبال شهور
وبقيت بالدين تاجر مشهور
بكتب شيكات لى كل زول
عدّمت الناس حق الفطور
بس كدا دا?

الصحافة