“مشاكل عويصة”.. ماذا يعني تمثيل وزير الخارجية المصري وفد بلاده في القمة الخليجية؟

أرسلت مصر، الثلاثاء، وزير خارجيتها سامح شكري للمشاركة في القمة الخليجية التي شهدت توقيع “بيان العلا” الخاص بالمصالحة العربية، وذلك غداة إعادة فتح الأجواء والحدود بين الدوحة والرياض بعد أكثر من ثلاث سنوات من قطع العلاقات.
ولم تؤكد مصر رسميا تلقيها دعوة لحضور أعمال القمة الخليجية الـ41، لكن وزارة الخارجية المصرية ذكرت، قبل وقت قليل من انطلاق أعمال القمة، أن شكري “يصل الآن إلى محافظة العُلا السعودية للمشاركة في اجتماع المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية”.
وفي منتصف عام 2017 انضمت مصر إلى السعودية والإمارات والبحرين في قطع العلاقات الدبلوماسية وروابط التجارة والسفر مع قطر بسبب اتهامها بدعم الإرهاب الأمر الذي تنفيه الدوحة.
ومؤخرا، خففت الرئاسة المصرية ووزارة الخارجية من لهجتها وعبرتا عن تأييد للمصالحة مع قطر، الأمر الذي جعل البعض يتكهن بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي القمة، إيذانا بتوقيع اتفاق المصالحة، لكن ذلك لم يحدث.
“جزء من المطالب”
ويرى مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية جمال عبد الجواد إن مشاركة مصر في القمة تعني أن جزءا من مطالبها من أجل المصالحة قد تحقق، لكن تمثيل وزير الخارجية للوفد المصري يعني أن جزءا آخر لم يتم تلبيته.
وكانت مصر وحلفاؤها طالبت قطر بقطع علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين، ضمن مطالب أخرى، عندما أُعلنت المقاطعة.
ولم تكشف كل من السعودية وقطر عن بنود الاتفاق بينهما، الذي بمقتضاه فتحت الرياض أجواءها وحدودها مع الدوحة، لكن مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية يرى أن عملية المصالحة بين قطر والرباعي مستمرة، مضيفا “هناك تقدم تدريجي في حل الخلافات؛ تم حل بعضها، لكن البعض الآخر يبدو أنه مازال عالقا”.
وبالإضافة إلى مصر، أشار الجواد إلى “المستوى التمثيلي المنخفض لكل من الإمارات والبحرين في القمة، حيث مثل الأولى نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء محمد بن راشد والثانية ولي العهد سلمان بن حمد”.
ويعتقد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية، في تصريحات لموقع “الحرة”، أن هذه الدول ترى ضرورة “بذل مزيد من الجهد للوصول إلى مصالحة كاملة”.
المساس بالأمن القومي
وعلى العكس من ذلك، يرى أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام أن “حضور مصر مؤتمر القمة الخليجية، وهي ليست عضوا في مجلس التعاون الخليجي، يعد مجاملة تكريمية للقاهرة، باعتبارها معنية بالشأن الخليجي”.
وفيما يتعلق بالموقف المصري من الاتفاق القطري-السعودي، قال سلامة: “كان من السهل على السعودية، الدولة القائدة والمؤسسة لمجلس التعاون الخليجي في 1981، أن تبدي مرونة كبيرة من أجل المصالحة مع قطر”، مضيفا “الإمارات والبحرين دولتان تابعتان للسعودية في هذا الصدد”.
وكان المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله قال لموقع “الحرة”، الأسبوع الماضي، إن “ما تقبل به السعودية ستقبل به الإمارات ومصر والبحرين”.
لكن بالنسبة لمصر فإن الأمر مختلف، حسبما يقول سلامة الذي أرجع ذلك إلى ما وصفه بـ”النزاعات والمشاكل العويصة بين الدوحة والقاهرة مقارنة بتلك التي بين قطر من جانب وكل من الدول الثلاث من جانب آخر”.
ويدلل أستاذ القانون الدولي على ذلك الاختلاف بالعلاقات القطرية التركية “التي لا تمس بدرجة مداهمة أو مباشرة الأزمة القومية للدول الخليجية الثلاث، مقارنة بمصر”، لافتا إلى خلاف القاهرة مع الدوحة وأنقرة فيما يتعلق بالأزمة في ليبيا والصراع على الثروات الطبيعية بشرق البحر المتوسط.
وقبيل قمة مجلس التعاون الخليجي، فتحت السعودية مجالها الجوي وحدودها البرية والبحرية أمام قطر اعتبارا من مساء الاثنين، بينما لم تفعل الدول الثلاث الأخرى ذلك.
ويعلق سلامة على ذلك بقوله: “حتى هذه اللحظة ليس ثمة اتفاق بين الدول الرباعية وقطر”، قائلا إن الاتفاق الوحيد المشار إليه إعلاميا هو الاتفاق القطري-السعودي، وهو ليس ملزما لباقي الدول، “إعمالا بمبدأ نسبية أثر المعاهدات الدولية”.
ويقضي القانون الدولي بأن المعاهدات الدولية لا تلزم إلا أطرافها، وأنه لا يمكن أن يمتد أثر المعاهدات الدولية إلى الغير، وتعرف هذه القاعدة بمبدأ نسبية آثار المعاهدات.
التوقف عن دعم الإخوان
وفي حديث إلى موقع “الحرة”، الأسبوع الماضي، قال المحلل السياسي المصري عمرو الشوبكي، إن القاهرة تنظر إلى شرط التوقف عن دعم جماعة الإخوان المسلمين، باعتباره “قضية محورية” من أجل المصالحة، الأمر الذي سيلزم أعضاء الجماعة الذين تستضيفهم قطر منذ المظاهرات الضخمة التي أطاحت بحكم الإخوان في مصر، في يوليو 2013، بالتوقف عن الاستهداف الإعلامي للقاهرة.
وبحسب الشوبكي، فإن القاهرة يهمها التوقف عن التحريض والتدخل في شؤونها الداخلية ووقف أي دعم إعلامي أو مادي للجماعات الإرهابية التي تستهدف مصر.
أما عن تحالف قطر مع فصائل الإسلام السياسي، ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها دول الرباعية إرهابية، قال الشوبكي: “هذا أمر يخص الدوحة، والقاهرة لا تهتم بذلك طالما أن هذا التحالف لا يؤدي إلى التدخل في شؤونها الداخلية، ودعم مشروع الإخوان في مصر”.

وأوضح الشوبكي أن مصر لا تتدخل في سياسات قطر وعلاقاتها الخارجية، وخطابها الإعلامي في المنطقة الداعم لفصائل الإسلامي السياسي، والمتورط في دعم بعض الجماعات الإرهابية في ليبيا وأماكن أخرى في بعض الأحيان.
وأضاف أن مصر لا يهمها كثيرا التقارب القطري التركي أو الدعم القطري لحزب النهضة في تونس والأحزاب الإسلامية في دول أخرى، “إنما لا تقبل دعم الدوحة للإخوان المسلمين في مصر، أو أن يروج خطابها الإعلامي لهم أو يتدخل في الشؤن الداخلية للقاهرة”.
ولا يرى الشوبكي إمكانية للتوصل إلى مصالحة مع قطر بدون “مراعاة جانب من المطالب المصرية”، وتحديدا التوقف عن دعم الإخوان في مصر والتدخل في شؤونها الداخلية.
وفي الوقت الذي يُلاحظ فيه تخفيف قناة “الجزيرة” القطرية استهدافها الإعلامي للسعودية بالتزامن مع التوصل للاتفاق، تتواصل الانتقادات الموجهة لمصر والتي كثيرا ما تحفظت عليها القاهرة، ووصفتها بـ”الأكاذيب” فيما أطاح شكري بميكروفون القناة القطرية في أكثر من مؤتمر صحفي.
الحرة



