قرّرت حكومة جنوب السودان رفع الدعم عن الوقود، وجاء على لسان المتحدثة باسم الحكومة ما يلي: ?إنّ القرار الأول لمجلس الوزراء اليوم هو رفع الدعم عن الوقود.. لقد أقرّ مجلس الوزراء بأنّ مُواطني جنوب السودان يُعانون بالفعل، وأنّ دعم الوقود الذي كان من المُفترض أن يُخفِّف من الظروف الاقتصادية لمُعظم مُواطنينا لم يُؤدِ إلى نتيجة?.
وجنوب السودان الذي غرق في الحرب لدرجة إعلان الإفلاس ينسخ قادته خبراتهم في الدولة الأم ويلصقونها في سياسات الدولة الوليدة.
نائب سلفا كير، جيمس واني في حوار سابق مع (التيار) كان يقدم النصح لعبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية بعد إزاحة عقار وعرمان، نصحه بإسقاط خيار (تقرير المصير)، جيمس واني قالها بصراحة ?خذلنا شعبنا?!
يبدو أن الأمر محفز جداً للبحث، لماذا تعيد دولة جنوب السودان وبإصرار تجربة شمال السودان، لماذا تُطبِّق حرفياً كل السياسات التي أثبتت فشلها، بل وقادت إلى نتائج كارثية، قادة جنوب السودان حتى بعد أن أعلنوا عن حوار سياسي أطلقوا عليه الحوار الوطني وهو ذات الاسم الذي ?نستلهم? مخرجاته الآن.
جنوب السودان بلغت في الإفلاس حدّ أن ألغت الاحتفالات بأعياد الاستقلال والمحصلة الآن? نزوح، تشريد ودماء لا تتوقّف، واتفاقيات تنهار قبل أن يجف حبر توقيعها.
إحصاءات الأمم المتحدة مُرعبةٌ وآخذةٌ في الزيادة، أكثر من ربع مليون طفل مُعرّضون لسُوء التغذية.. أكثر من (5) ملايين شخص يُعانون إعدام الأمن الغذائي.. والآلاف يتضوّرون جوعاً.!
جنوب السودان الذي يُعاني مُواطنه غلاءً منذ إعلان استقلاله موعودٌ بدرجة أعلى من الغليان وفوق ذلك تشريد ونزوح.!
يظل مُحيِّراً ومطروحاً لإيجاد مُجرّد تفسير له، هو لماذا لم تستفِد الدولة الوليدة، رغم التجربة الطويلة والكم الهائل من الدروس والعِبَر، تجربة الحركة الشعبية في حكم السودان كان بالإمكان أن تُوجِّهها على أفضل ما يكون، لكن يبدو أنّ النخبة في دولة جنوب السودان فضّلت القيادة بذات الطريقة التي حرّضتها على اختيار الاستقلال بنسبةٍ ساحقةٍ.
هذا الشعب الذي اختار أن يستقل بنسبة 99% لم يهدأ باله ولو لسنة.. بعد إعلان استقلال البلاد مُباشرةً انفجرت الأوضاع واشتعلت الحرب، تشرّد ونزح آلاف، وفشل السياسيون في الخُرُوج بالبلاد من الأزمة قبل أن تتعمّق في جميع مُستوياتها.. لم يجد سوى نسخ ولصق لوضعه قبل الاستقلال..!
التيار
