مقالات وآراء سياسية

بل بس …. من تخدم …؟

عزالدين فضل آدم

 

في أحيانٍ كثيرة يرفع الإنسان شعاراتٍ يتحمس لها كثيراً ؛ ويتمترس خلفها طويلاً ؛ ويعتقد أنها فجر الخلاص ، وطوق النجاة ؛ ولكنه لا يدري أين تحط رحاله ..!
بل بس
شعارٌ في ظاهرة الثأر والكرامة ؛
معبأ بغبنٍ دفينٍ لمن تسبب في موت أحبابنا ؛ ولمن ولغ في حُرماتنا ؛
وتورط في سفكِ دمائنا ؛
ونهب ثرواتنا ومدخراتنا ؛
وأجبرنا على النزوحِ للمجهول تاركين خلفنا رُكام بيوتنا ؛
فسرق ذكرياتنا وأحلامنا وأشواقنا ؛

بل بس قد تقودنا لإنتصارٍ وشيك ؛

ولكنه لا يعيد ما فقدناه من أرواح وممتلكات ؛

بل بس شعارُ غبننا الأصيل ؛
ولكنها قد تقودنا لمزيدٍ من الفقدِ الأليم والخسرانِ المبين ؛
بل بس شعارُ حُزننا النبيل ؛
ولكنها قد تزيد انهمار دمعنا ؛
وتطيل أيامنا بؤسنا في دورِ النزوح ؛
وتزيد من معاناتنا في مساكن الإهانة ؛
وتفاقم أوجاعنا في معسكرات اللجوء ؛

بل بس

شعارُ انتقامنا ؛ ولكنها قد تزيد فقرنا وجوعنا ومرضنا وأوجاعنا ؛
حتى لا يبقى فينا موطئٌ للجراحِ وحسٌ بالألمة؛

ولكن بكل تأكيد :
بل بس شعار فيه مكسبٌ كبير ..!
لمن ..؟
للذين أرادوا أن يسرقوا عزتنا ؛
ونحن قومٌ أعزاء ؛
لا نرضى بالصغار والإنكسار ؛
ولكننا أصبحنا لا نعرف ان نغني “عزة في هواك”؛
وانحبست دموعنا من ان تنهمر مطراً ونحن ننشد “أنا السودان”؛
وأصبحت أبداننا تزيد سماكة ولا تقشعر عندما يرن وتر “أنا سوداني”

بل بس
تخدم الطامعين في حدودنا في

في الفشقة وشلاتين وحلايب وغيرها؛
ونحن منشغلين بقتال بعضنا ؛
ومنهمكين في رسم حدودٍ أخرى ..!
حدود تفصلنا عن بعضنا ؛
حدود أخرى بين الصحراء والنهر والبحر ؛
تقسمنا لدويلات جديدة وعديدة ،
فمالنا وتلك الحدود المترامية …!

بل بس تفتح حدودنا بلا رقيب ..!
لمن أراد أن يسرق ذهبنا وفاكهتنا ومحاصيلنا وماشيتنا ؛
فعيوننا مشغولة بمراقبة بعضنا ؛
وألسنتنا تخوض إفكاً في تخوين مكوناتنا ؛
وأسلحتنا موجهة لصدور بني جلدتنا ؛
فمالما ومراقبة الحدود ..!

بل بس شعار عودتنا للوطن ؛
ونحن نبتعد عن الوطن آلاف السنين الضوئية ؛
ونخرج من سوق التنافس ؛
ونقبع في ذيل الأمم ؛
فمالنا والأمة السودانية ؛
فنحن شتات من الأهواء بلا رابط ؛
وكتل من البشر تائهة على أرضٍ متحركة كالرمال ؛
وشعب ممزق النسيج ، بلا بؤرة تعضد روح الإنتماء ؛ ودون رمز يعلي مفهوم السيادة …

بل بس

 

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..