قصة كفاح: القهوجي العم جميل.. الرضا بالمقسوم عبادة

ود مدني ? سارة المنا

بالرغم من المعاناة التي تزداد يوماً بعد يوم، يظل فضل المولى علي يبحث عن القوت اليومي ويتكبد المشاق ويتحدى الصعاب التي تواجهه بين الحين والأخرى، ما كان له إلا أن يصمت في وجه تلك العثرات.

العم جميل – الاسم الذي اشتهر به فضل المولى وسط زبائنه – عاش الزمن الجميل الذي كانت فيه الحياة ميسرة والاحتياجات كافة متوافرة وبأزهد الأسعار، بات فضل المولى يعدد همومه ويحكي عن قصة كفاحه التي مكنته من تربية أبنائه بصورة نبيلة مبنية على الأدب والاحترام وتقدير الآخرين، بجانب حسن التعامل والرضا بالمقسوم.

حيوية تامة في العمل:

تُعد قصة حياة العم جميل من الروايات التي يجب أن يعرفها الجميع لما فيها من قصص ونوادر وكفاح، حيث ظل (25) عاماً يكافح ويعمل في سبيل تربية أولاده، تحتل قهوته أحد أركان موقف مدينة ودمدني الرئيس، يقدم الشاي والقهوة ويزوال نشاطه وعطاءه بحيويه تامة كأنه لم يبرح عمر الشباب بعد، جميل مثله كغيره من رجال بلادي الذين لا يحبذون الراحة، ويظلون يشغلون أنفسهم ولا يعجبهم الجلوس من غير عمل.

بين الشاي والقهوة:

بالسوق الشعبي بود مدني جوار موقف المواصلات، تحت مظلة البصات السفرية يجلس بداخلها العم جميل وأمامه تربيزة القهوة والشاي تبدو عليها آثار العمل والخدمة الطويلة وقليل من الكراسي لا يتجاوز عددها أصابع اليد، يجلس عليها الزبائن الذين يرتادون المحل، حوله تجلس مجموعة من النساء (بائعات الشاي) إلا أنه يحتل مكاناً في المنتصف بينهن، وهو على يقين تام راضياً بالمقسوم، وهو من مواليد مدينة النيل الأبيض (تندلتي) وينحدر من قبيلة الشنابلة في مطلع أربعينيات القرن الماضي وعمره حالياً سبعون عاماً كما قال.

ظروفه الأسرية:

العم جميل صاحب اللحية البيضاء يرتدي جبة وسديري وسيف وسكين، كما تغنى الفنان الراحل محمد وردي، يقول دائماً للزبائن عبارة (اتفضل حبابك) جميل جاء قادماً من تندلتي إلى ولاية الجزيرة قبل خمس وعشرين عاماً حط به المقام في ولاية الجزيرة نسبة لظروفه الأسرية والحياة المعيشية التي أجبرته على أن ينهمك في عمل القهوة. وأضاف جميل: في حديثه لـ (اليوم التالي) أنه ينفق على أسرة كبيرة ويقع على عاتقه توفير كافة المستلزمات، وله أولاد وبنات منهم من تزوج ومنهم من لم يتزوج بعد ولديه أحفاد. وأضاف: أملك قطعة أرض ولم أستطع تشييدها، وأسكن في منزل إيجار.

الكباية بقرش وقرشين:

عمل العم جميل في هذه المهنة منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وقال متحسرا على الزمن الماضي الجميل مردداً “يا حليل زمان زمن كباية الشاي بقرش وقرشين”. ويضيف سكر المكعبات عبارة عن حلوى كانت تستخدم للطعام بدل السكر لأنه في ذاك الزمن في ندرة وشح. وأردف جميل: الشغل كان (مية مية) ونسبة النساء قليلة أو شبه منعدمات من السوق ما مثل هذه السنوات بعد أن حصل العكس وانتشرن بكميات هائلة جدا، مبيناً أن “تلك الأيام كان الحال فيها يمضي بصورة جيدة، وكنا ندخل مبالغ مالية معقولة ونملأ المخلاة من بدري ونمشي البيت”.

احترام وتقدير:

العم جميل يعمل وسط مجموعة من النساء في ذات المهنة لكن الاحترام والتقدير موجود بينهم، كثير من الزبائن يعدونه من قبيلة البني عامر (أدروب)، وأضاف أنا ملتزم شهرياً بدفع مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً للمحلية.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. غايتو ده ما موضوع تجيبوه بعنوان بارز في ناس شغالين اكثر من خمسين سنة في مهن ثابتة مفروض تعملوا معاهم تحقيقات عشان تشوفوا العزيمة والاصرار ….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..