نظام «فيريلي»… لا مكان للاختباء!

لم يقدم مستخدمو الإنترنت أداءً حسناً في خضم بحثهم عن مفجّري ماراثون بوسطن. لكن بدأت تظهر أدوات آلية تستطيع أن تضمن الاستفادة من هؤلاء المستخدمين. هال هادسون نظر إليها عن كثب في {نيو ساينتست}.

بعد التفجيرات خلال ماراثون بوسطن، تدفق آلاف الناس ممن يريدون أداء دور المحققين إلى شبكة الإنترنت، فصنفوا الصور والفيديوهات وعرضوا صور الأشخاص المشبوهين الذين يحملون حقائب على ظهرهم ويتماشون مع المواصفات الرسمية لأبرز الأشخاص المطلوبين.
لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في مهمّتهم: أخطأ أعضاء في موقع التواصل الاجتماعي {ريدت} (Reddit) عند اتهام طالب جامعي مفقود اسمه سونيل تريباثي بارتكاب الجرائم. سرعان ما قبضت وكالات إنفاذ القانون على المتهم الحقيقي جوهر تسارنايف بطريقة تقليدية جداً. انتهت عملية مطاردة المجرمين في 19 أبريل حين عثر مقيم في واترتاون، ماساتشوستس، على تسارنايف وهو يختبئ في مركب.
لكن يبدو أن اليوم الذي سيجعل مستخدمي الإنترنت مستعدين لتعقب المجرمين بدأ يقترب بسرعة. تخضع أدوات جديدة للاختبار لأجل غربلة مشاركات المستخدمين والفصل بين النصائح القيّمة والأدلة المزيفة. في محاكاة حديثة لعملية مطاردة المجرمين حول العالم نجح البرنامج، بالتعاون مع جماعات من المشاركين على الإنترنت، بالقبض على الشخص المطلوب.
ظهرت مشكلة كبيرة بسبب النظريات المتداولة في وسائل الإعلام الاجتماعية، بمعنى أن المعلومات قد تنتشر بسرعة فائقة إذا كان الموضوع شائعاً بغض النظر عن صحة تلك المعلومات. يبتكر باتريك ماير من {معهد قطر لبحوث الحوسبة} في الدوحة نظام {فيريلي} (Verily) الذي يسمح للمستخدمين بتقديم طلبات للتحقق من المعلومات التي يهتمون بها. كل طلب يدعو مجموعة من العاملين على الإنترنت إلى الغوص في شبكاتهم لاكتشاف حقيقة الموضوع. يجمع النظام أدلة تؤيد وتعارض الادعاء ولكنه يحرص على عدم إصدار أي حكم نهائي.
يقول ماير إن نظام {فيريلي} قد يساعد على تطويع موقع {ريدت}: {ساد جدل كبير حول {ريدت}. ما يمكن أن يفعله {فيريلي} نقل النوايا الحسنة من هذا المجتمع المدهش وتوجيهها نحو عملية منهجية لجمع المعلومات وتحليلها}.
من خلال تدريب الآلات على تعلّم الحلول الحسابية ضمن مجموعات هائلة من البيانات، يحضّر ماير مواصفات لفئات الأدلة الرقمية التي يمكن أن تكون موثوقة وتلك التي تفتقر إلى المصداقية.
على سبيل المثال، يشير ماير إلى دراسة حديثة عن معلومات مغلوطة وردت على موقع {تويتر} بعد الهزة الأرضية في تشيلي في عام 2010. أثبت كارلوس كاستيلو وزملاؤه من {معهد قطر لبحوث الحوسبة} أن التغريدات غير الموثوقة تميل إلى جذب ردود تشكك بالمعلومات أو تنتقدها (يمكن تدريب البرنامج للتعرف إلى هذه الخاصية). يوضح ماير: {تنتشر المعلومات المغلوطة في عالم {تويتر} وتخلّف تداعيات خاصة جداً وراءها. يمكن البدء بطرح فرضية معينة، ما يعني وجود احتمال بألا يكون بعض التغريدات موثوقاً}.

حوافز نقدية

حتى من دون توافر تقنيات مماثلة، أظهرت مقاربة مختلفة حديثاً أن وسائل الإعلام الاجتماعية يمكن استعمالها بفاعلية لمطاردة المجرمين. في السنة الماضية، قامت وزارة الخارجية الأميركية برعاية تحدي (Tag Challenge) حيث اختفى خمسة {مشبوهين} في خمس مدن حول العالم (نيويورك، لندن، واشنطن، ستوكهولم، براتيسلافا). كان على الباحثين أن يعثروا عليهم خلال 12 ساعة عبر استعمال الشبكات الاجتماعية على الإنترنت حصراً.
من خلال توفير الحوافز النقدية الصغيرة لكل من ينضم إلى عملية البحث (فضلاً عن مكافآت أكبر لكل من يحقق الهدف)، وجد إياد رهوان وزملاؤه من {معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا} في الإمارات العربية المتحدة ثلاثة من أصل خمسة متطوعين كانوا يؤدون دور المتهمين. في دراسة حديثة، أثبت رهوان أن الفريق نجح لأن رسائله كانت تستهدف المقيمين في المدن حيث كان المتهمون يختبئون.
بحسب رأيه، زادت أهمية هذه المبادئ في عمليات مطاردة المجرمين الحقيقية. في الساعات التي تلت المواجهة بين ضباط الشرطة وتسارنايف وشقيقه الأكبر تاميرلان، كان يمكن توجيه رسائل إلى جميع الحسابات على {تويتر} و{فيسبوك} لطلب المعلومات عن مكان اختباء جوهر. كان يمكن أن تكون عملية الاستهداف أكثر فاعلية من خلال إرسال تغريدات إلى المستخدمين الناشطين حصراً، أي كل من يملك سجلاً جيداً من التغريدات الدقيقة، أو إلى الحسابات المفتوحة منذ فترة طويلة.
لكن يحذر رهوان من أن ذلك النظام قد يكون خطيراً إذا وقع في الأيدي الخاطئة: {إذا تمكن الذكاء الاصطناعي من التنسيق بين جهود الناس لحثهم على البحث عن شخص هارب، فلا بد من التساؤل: هل يمكن أن يُطلق البرنامج نفسه أعمال شغب؟}.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..