المناظرة

المناظرة
فيصل محمد صالح
تنظم اللجنة الوطنية لدعم الوحدة الطوعية مناظرة محضورة يوم الخميس بقاعة الصداقة بالخرطوم حول قضية الوحدة والانفصال. ورغم وجود كم من الملاحظات السلبية عن إدارة النقاش حول موضوع الوحدة والانفصال في الخرطوم، بينما أغلبية الناخبين تقيم في الجنوب، إلا أن هذه المناظرة تتميز بمظهر إيجابي، وذلك كون المتحدثين من مناصري الخيارين هم من الشمال والجنوب. يتحدث مواطن شمالي وآخر جنوبي عن ضرورة ومميزات الانفصال، في حين يدافع مواطن شمالي وآخر جنوبي عن خيار الوحدة.
ولعلها ستكون المرة الأولى التي يجهر فيها قادة رأي ومفكرون بموقفهم من قضية الوحدة والانفصال بهذه العلنية والشفافية، ومن على منبر قاعة الصداقة بالخرطوم، ومن المتوقع أن تحظى المناظرة بتغطية إعلامية كبيرة، وبالتالي ستتسع دائرة مشاهدتها في الشمال والجنوب.
هذه خطوة أولى عن الطريق الصحيح، نقول هذا قبل أن تبدأ المناظرة، وقبل أن يبدأ المتحدثون في الكلام، لأن احتفاءنا هو بالفكرة قبل المضمون. قلنا هذا أكثر من مرة، ونقوله الآن، إن فتح منابر حرة ومفتوحة للنقاش حول هذه القضية سينقل الحوار الوطني خطوة للأمام، ويمكن أن يساهم في تنقية الأجواء وإزالة الاحتباس الذي يظلل علاقات الأطراف المختلفة.
لم يكن من معنى للمونولوجات الطويلة التي يرددها كل طرف بمنأى عن الطرف الآخر، ولن تفيد المواطنين في التنوير بمزايا كل خيار لاتخاذ مواقفهم، فهناك مونولوج شمالي طويل مع النفس عن مزايا الوحدة، وهناك بالمقابل مونولوج انفصالي يدور في الجنوب وفي أجهزة الإعلام الناطقة بالانجليزية عن جنة الانفصال الموعودة. كل طرف يحدث نفسه ولا يصغي للآخر. والمطلوب هو حوار إيجابي يسهم فيه الطرفان، ولو حدث هذا سنضمن أجواء إيجابية للنقاش والجدال حول الخيارات المختلفة.
الصورة في الشمال واضحة، إذ يتم التركيز على خيار الوحدة وحده، ويجد هذا الأمر انتقادا من الكتاب والصحفيين وأجهزة الإعلام غير الحكومية، وليس من مناصري خيار الانفصال وحدهم، ولكن كثير من أنصار الوحدة يحترمون خيار الانفصال ويطالبون بإتاحة الفرصة له في أجهزة الإعلام.
لكن دعونا هنا نتحدث عن الجنوب، إذ أنه غير معرض لضوء الإعلام بصورة مكثفة، كما هو الأمر في الشمال. الصورة في الجنوب معكوسة، الحكومة والرسميون يتحدثون عن إتاحة الفرصة لأنصار الخيارين، لكن على مستوى الصحف الانجليزية التي يكتب بها المثقفون والصحفيون الجنوبيون فهناك ضيق واضح من أي حديث عن الوحدة. وكم مرة أقرأ مقالا يظهر ضيق احد الكتاب بالحديث عن الوحدة أو مزاياها ودعوة لإغلاق هذا الملف “لأن شعب الجنوب قد حسم خيار الانفصال”. هذا طبعا إذا كان الكاتب شماليا، أما بالنسبة للجنوبي فاتهامات الخيانة والعمالة حاضرة وجاهزة، في كل لحظة. ولعل الحملة التي تعرض لها الدكتور توبي مادوت رئيس حزب سانو شاهد ودليل على ذلك.
دعونا مرة أخرى نكرر الدعوة لفتح أبواب الحوار وعدم الضيق به، فلن يقتل الحوار أحدا أو يهزم فكرة ناضجة وصحيحة يلتف حولها الناس، بل ربما يزيدها وضوحا.
الصحافة