التفرقة في التعامل بين الأبناء.. تربية الكراهية والحقد

أفراح تاج الختم:
يقع على عاتق الأسرة العديد من المسؤوليات، ومن اهمها واكثرها خطورة هى العملية التربوية بتربية الابناء وتنشئتهم تنشئة صحيحة وسليمة بها قدر من العدل والمساواة فى توزيع الاهتمام بين الابناء، ولكن عند تفضيل احد الابناء على الآخرين تكون الاسرة انتهجت سلوكاً تربوياً خاطئاً فى التنشئة، وتكون له نتائج وخيمة، وعلى الوالدين عدم اظهار ميلهم نحو احد الابناء امام اخواتهم، وهذا يحدث مشكلات عديدة فى المنزل، وتعمل التفرقة فى التعامل على توليد الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والغيرة والحسد بين الاخوان وتنمية الروح العدوانية والكراهية، وهى نواة لافراز ما يسمى بالاخوة الاعداء.. «الملف الاجتماعى» طرح موضوع التفرقة فى التعامل بين الابناء على طاولة بعض الأفراد والاختصاصي النفسى وخرج بالآتى:
تدفع إلى العدوانية
الدكتور أمين على عبد الرحمن «مدرب تنمية بشرية وممارس ارشاد اسرى» ابتدر حديثه وقال: ان التفرقة فى المعاملة بين الابناء تسبب كراهية الابناء لبعضهم وحسدهم بسبب تعامل احد الوالدين بصورة مختلفة مع اخواتهم، وتدفعهم للميل الى العزلة او العدوانية احياناً. وعند التعامل مع الابناء يجب الا نقارن بينهم فكل واحد لديه شخصيته المستقلة وطريقة تعبيره المتفردة، وبالعكس يجب ان نساعد من يميل للعزلة من الابناء ونلاعبهم ونلاطفهم ونحاول دمجهم مع اخوانهم واصدقائهم، والميل القلبى شيء طبيعى نحو احد الابناء لكن ليس مبرر لمعاملة الباقيين بطريقة لا يقبلونها وينتابهم احساس ان بها شيئاً من التمييز، فلنحرص على العدل فى التعامل مع ابنائنا ضماناً لنشأتهم نشأة سليمة ليكونوا مفيدين لأهلهم ووطنهم.
تعرض الآباء لضغوط نفسية
ويواصل دكتور أمين حديثه ويقول: تشير الدراسات الى ان الآباء الذين يتعرضون لضغوط نفسية هم الغالبية الذين يعاملون الابناء بشكل مختلف، وتمت ملاحظة ان الابن الذى يتم تفضيله وتميزه بالمعاملة الايجابية يمكن ان يشعر بالذنب نتيجة التعامل غير العادل، ويكون الاضطراب فى السلوك بمثابة نوع من الاعتراض على هذه المعاملة وارسال رسالة لا شعورية الى بقية اخوانه انه لم يشارك فى التمييز ضدهم، ويمكن للآباء التفهم فى حالة وجود دافع حقيقى للتمييز مثل مرض احد اخواتهم، ويحدث العكس فى حالة عدم وجود دوافع قوية للتتميز.
سبب لحدوث الجرائم
أميمة عبد الرحمن «سيدة أعمال»
قالت: ان كلاً من الوالدين لديه احد الابناء يفضله على البقية، وهذا يؤدى الى مشكلات عديدة فى المنزل لأن تفضيل احد الابناء يربى فيه الانانية، وبالتالى يحب كل شيء لنفسه، ويربى الحقد فى نفوس اخوته الآخرين. وتؤكد اميمة ضرورة عدم اظهار التفضيل امام اخوته، وقد حدث الكثير من المشكلات والجرائم داخل الاسر بسبب هذا الامر، ودائماً الابن الاوسط يعانى من الشعور بالتفرقة وقلة الاهتمام لأن الاسرة مهتمة باخيه الاكبر او الاصغر، وتحسرت قائلة ان بعض اولياء الاموار يصرحون بحبهم لواحد من الابناء ويستخدم ذلك لإثارة غيظ الابناء مما يولد بداخلهم الامراض النفسية من الغيرة والاذاء لبعضهم. وختمت اميمة حديثها وقالت ان كل الامراض النفسية مثل الاكتئاب والتبول اللاإراي والعزلة والخجل عند الاطفال السبب فيه التفرقة فى التربية، وكل سلوك غير حميد من عدم سماع النصح والسرقة والتطاول والتعالى على الغير والانانية، كلها نتيجة تربية الدلع وتفضيل الطفل على باقى الأخوان. يكون الاهتمام حسب حاجة كل منهم
عوض الكريم الخير عبد الله «طبيب»
قال: ان الاصل فى علاقة الاب بابنائه هى العدالة بينهم وتوجيه المشاعر والحب وفرص التعليم والعلاج، وذلك يجعل منهم اسرة مترابطة ومتعاضدة كل منهم يحب الآخر ويعاونه، بخلاف تخصيص احدهم او بعضهم بشيء من الاهتمام او المحبة او المال، حيث يكون هو الآخر محل البغض والكراهية من بقية الاخوة، ويؤدى ذلك للتآمر عليه وربما القضاء عليه، ولنا فى قصة يوسف واخوته عبرة، اما ان يكون لاحدهم مكانة خاصة ومحبة صادقة فى قلب والده فلا بأس بذلك شريطة ألا يكون ذلك ظاهراً لبقية الاخوة، ولاستمرارية علاقة الاخوة وتطبيق للعدالة بينهم يجب الاهتمام حسب الحاجة، فالمريض يحتاج لمحبة اكثر من المعافى، والفقير يحتاج للمساعدة اكثر من الميسور، فالمحبة والخصوصية يجب ان تكون حسب حال كل منهم.
المساواة فيما بينهم
ولمعرفة رأى علم النفس حول الموضوع يرى البروفيسور على بلدو استشارى الطب النفسى والعصبى واستاذ الصحة النفسية، انه من اهم مقومات الصحة النفسية ضرورة التنشئة والتربية السليمة للاطفال والابناء والبنات حتى تتم تنشئتهم اصحاء واسوياء ويتمتعون بقدر عالٍ من القدرة على الحياة فى المجتمع دون قيود ودون منغصات او اشياء سالبة تؤثر على القدرة على الاستمتاع بالحياة، بحيث ان على الاب والام داخل المنزل وكذلك على باقى افراد الاسرة الممتدة التعامل بقدر من المساواة وعدم تفضيل طفل على آخر سواء ان كان تفضيلاً ايجابياً مثل الاكثار من المدح والثناء والهدايا والحوافز والاطراء وغيرها، او كان تفضيلاً سلبيا مثل انتقاد وضرب وتوبيخ وارهاب وحرمان طفل دون الآخرين، وتتعدد هذه التفرقة في الجوانب الوجدانية مثل التعبير او التصريح صراحاً او ضمناً ان الام او الاب يحبون فلاناً دون الآخرين، وانه موضع ثقتهما ودوماً يعطيانه مكانة متميزة.
نواة لإفراز الإخوة الأعداء
ويؤكد دكتور بلدو ان هذه الطريقة فى التعامل تمثل مدرسة خاطئة فى التنشئة الاسرية، وتكون لها نتائج وخيمة وكارثية مثل الحقد بين الابناء والغيرة والحسد وتنمية الروح العدوانية والكراهية والشعور بالاكتئاب النفسى وفقدان الثقة بالنفس وعدم الايمان بالاسرة، وهذا يؤدى أحياناً الى ارتكاب جرائم مثل القتل والتشويه وتدمير الممتلكات، كما يؤدى الى وجود عقد نفسية وشعور بالنقص يستمر حتى مراحل عمرية متقدمة، وتكوين تجارب نفسية وخبرات مجتمعية سالبة تنغص الحياة وتجعلها ذات ذكريات اليمة ومريرة وتبلد حسى ووجدانى، وتكون مثل هذه الاسرة هى نواة لافراز ما يسمى الإخوة الأعداء، بحيث تكون التفرقة فى التعامل هى السبب الاساس في ما حدث.
وختم البروف بلدو حديثه بقوله: ان المعالجات بصورة اساسية هى تنمية الوعى النفسى وبث الثقافة الاسرية ومحاولة اقصاء القيم الاجتماعية والتعامل بسواسية مع كل الابناء والبنات، وكذلك الاستماع الى وجهات نظرهم وقرراتهم وتسوية أية نزاعات تحدث بطريقة ودية تراعى النفسية الخاصة بالطفل واحترام كرامته وإنسانيته.
الانتباهة