مقالات وآراء

فقوس بلدي في زرع أترم

أسامة ضي النعيم

 

هو من أمثلة أهلنا في دارفور ، فقوس يراد به نبات (التبش) وهو نوع من الخضار في مقام الخيار ، أترم وفي الفصحى يقال أثرم الولد أي كسر سنه من أصلها ، والمثل يعني أن المولي عز وجل يرزق الانسان الاترم (من سقطت أسنانه) وبلدي( ينمو) في مزرعته الفقوس ، يقابل المثل بالعربي المصري (يدي الحلق للي ما لوش ودان) .

ولله الحمد فبلدنا يذخر بأقاليم طوعت استخدامات اللغة العربية ، يماثل ذلك تطويع اللغة العربية في لبنان واليمن  ومصر وغيرها وصارت لها عنوانا كما هي في نجد أو أرض الحجاز ، ساعد ذلك وعزز مناصرة الوحدة العربية ولم الشمل ، تفرعت عندنا اللغة العربية وتم تدجينها وسودنتها في زمن من الازمان فكان عندنا (عربي جوبا) وما زال رابطا بين الدولتين ، والمثل الدارفوري مقروء مع تفرع نطق اللغة العربية بمختلف لهجات السودان  مثل في وقت من الازمان عامل وحدة وترابط .

شجع المستعمر الانجليزي الوحدة في معظم أقاليم السودان بتبني نظام المدارس القومية ، كانت المدارس الوسطي والثانوية حواضن للقومية السودان ومن ساحاتها انطلق النشيد القومي السوداني (أنا سوداني) ، الجمعيات الادبية والفعاليات فتحت لنا أبوابا لنطلع علي كثير من تلك الامثلة التي تجري في دارفور وغيرها من أقاليم ذلك الزمان ، منها علي سبيل المثال (شدره كان هوززت يا هبوباى يا أبلاى) و معني المثل ببساطة أن الشجرة عندما تهتز فينبئ ذلك بوجود رياح (هبوب) أو يعتليها قرد (عبلانج ) ، ثم ( دنيا دبنقا – دردقي بشيش) ويعني السير في أمور الدنيا بالحكمة والعقل، والدبنقا تشبه وعاء يصنع من القش و(العويش) وبعض سيقان الاشجار الرفيعة ويهندس علي شكل مخروطي ، يغطي أو يبلط بمعجون الروث والطين ، تتم دحرجته برفق لكي لا يُكسر من مكان صنعه الي أن يوضع فوق جذع شجرة يابس ، يجهزالجذع خصيصا كحامل للدبنقا ، ثم تعبأ الدبنقة بالمحاصيل كما الصومعة لحفظ الغلال، السحب منها للاستخدام يتم عبر فتحة من أسفل الوعاء وتسد بقطعة قماش أو نحوه ، ثم من الامثلة (فورة برمة لجيعان قاسي) وتعني أن الانسان الذي يتضور جوعا لا يصبر حتي نضج الطعام يعلنه فوران اناء الطبخ ، ثم من الامثلة ( ألمي حار ولا لعب قعونج) ولا يحتاج الي شرح لكثرة ترديده .

خلاصة القول والحديث الذي يدور لتقسيم السودان لا تسنده وقائع ممسكات وحدة السودان ، حتي في اللغة العربية ابدعت مجتمعاتنا في أقاليم السودان المختلفة وطوعتها بلهجات تنادي بوحدة الفهم طوال عشرات السنين عاشتها في جغرافيا واحدة هي السودان العظيم والشعب المعلم ، يبقي رفع شعار كلنا دارفور كما هو (منقو قل معي لا عاش من يفصلنا) ، السودان هو أمريكا الافريقية حيث التنوع مصدر القوة والوحدة ، لهجة دارفور وتنوع أمثلتها وفي ميلها لنطق بعض أحرف اللغة العربية تتأسي بقراءات القران العشر ، لا يعيب العرب علي المصريين نطق (قمال عبد الناصر) ومصر كانت في زعامة قوم العربية .

دعوات الانفصال والتقسيم في دارفور والشرق وجبال النوبة يرفعها بعضا من (أفندية) ،  حمل السلاح ليحصل علي وظائف في (الميري) ، الامثلة كثر من علي الحاج وقصره العشوائي الي التجاني السيسي وقصره حول البشير وعنده من الحريم المثني والرباع ، ثم الانتقال الي اوروبا ، في الدوحة وأبوجا وجوبا أخيرا كلها محطات لتقسيم وظائف الخدمة العامة بين النخبة ، الاهل في دارفور ومعسكرات النزوح ما زالوا يتحدثون بذات الامثال ، يقربون البعيد من المعاني (الميري كان فاتك اتمرمرغ في ترابه) ، يفسرها مني أركاوي وجبريل وأبو قردة بنصيب في السلطة تتحول الي وظائف سيادية وقصور وتغيب عندهم حصص الاهل في طويلة وجبل مون.

السودان هو أمريكا الافريقية ، يزيده التنوع حبا في مواصة البقاء موحدا ، تحمل تلك الامال أجيال ثورة ديسمبر 2018م وما بعدها ، ستبنيه وطنا حدادي مدادي ينادي أهله (البلد كلها دارفور) وحرية وسلام وعدالة شعار الثورة لبناء الدولة المدنية . يدفعنا حراك الشباب لنساند بشدة ترشيح السناتور الامريكي لمنح جائزة نوبل للسلام لشباب السودان من هم في المقاومة وكذا جيشنا الابيض في الحقل الطبي.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..